بقلم: هانيا كربيان ويعقوب نيجل
زار مستشار الامن القومي جيك ساليبان إسرائيل والسعودية في منتصف أيار، واقترح رزمة تطبيع سعودية إسرائيلية تؤدي على حد قوله الى زيادة الاستقرار والامن في المنطقة.
نتنياهو رفض العرض، الذي تطلب من إسرائيل تنازلات ذات مغزى جديدة هو غير مستعد وغير راغب في تقديمها: انهاء الحرب في غزة، وشق طريق يؤدي الى دولة فلسطينية.
بايدن يبحث بقوة عن نجاح دبلوماسي قبيل الانتخابات وهو كفيل بان يتقدم الى صفقة سعودية، تبقي القدس في الخلف.
حاول ساليبان احياء الزخم لاتفاق التطبيع، الذي بدا قريبا جدا قبل 7 أكتوبر. شروط العرض السابقة منحت لكل طرف مكاسب الى جانب مخاطر. في العرض الجديد أصبحت الولايات المتحدة والسعودية كاسبتين والخاسر الأكبر يفترض ان تكون إسرائيل.
في الصفقة السابقة كان يفترض بولي العهد السعودي محمد بن سلمان ان يتلقى ثلاثة مطالب أساسية: حلف دفاع مع الولايات المتحدة، رزمة سلاح جديدة ومتطورة، بما في ذلك قدرات هجومية، وبرنامج نووي مدني مستقل بما في ذلك تخصيب اليورانيوم على الأراضي السعودية. إضافة الى ذلك طالبت السعودية القدس بان تؤيد علنا “مسار غير متبلور” يؤدي في المستقبل الى دولة فلسطينية.
كانت القدس ستحظى بالتطبيع مع الرياض، واحد الأهداف المركزية التي وضعها نتنياهو بعد انتصاره في الانتخابات والامل في أن تنضم دول أخرى الى المملكة. الحافز الإضافي للتطبيع كان تعزيز الائتلاف الإقليمي ضد ايران، بتعاون امريكي.
تطلعت الولايات المتحدة لتعزيز الامن الإقليمي في الشرق الأوسط الى جانب تقليص موطيء قدمها العسكري في المنطقة، عقد صفقة لبيع السلاح للسعوديين الأغنياء واساسا عرض انتصار دبلوماسي قبيل الانتخابات.
بزعم حماس ومحافل أخرى، فان الغاء الركض الى التطبيع كان احد الدوافع للهجوم في أكتوبر.
في الأشهر الأخيرة دفعت الولايات المتحدة نحو استئناف الاتصالات لاتفاق ثلاثي لكن عمليات 7 أكتوبر والحرب في اعقابها غيرت، مؤقتا على الأقل، معادلة الكلفة – المنفعة للأطراف.
ما الذي في واقع الامر عرضه ساليبان على الرياض والقدس، وما الذي حصل في اللقاءات ولماذا كانت نتائج الزيارة غير الناجحة على ما يبدو احد أسباب خطاب بايدن.
عرض ساليبان في لقاءاته في السعودية اكثر بكثير مما كان على الطاولة في الجولة السابقة: حلف دفاع، برنامج نووي مدني ورزمة سلاح. لكن، الى الرزمة اضيف وعد بموافقة إسرائيلية على بناء “مسار مصداق” يؤدي الى دولة فلسطينية ووقف نار طويل في غزة، يؤدي عمليا الى انهاء الحرب.
في لقاءاته في القدس عرض ساليبان على ما يبدو “مُحلي صفقة” إضافي – اقتراح لاتفاق دفاع محدود إسرائيلي – امريكي، بموجبه تخرج الولايات المتحدة للدفاع عن إسرائيل اذا ما تعرضت الدولة لتهديد وجودي.
اتفاق دفاع امريكي قد يكون كفيل (بالخطأ ) ان يكون مغريا لبعض من مقربي نتنياهو. لكنه لا يقنع بما يكفي كي توافق إسرائيل على الشروط الجديدة للتطبيع. فنواقص اتفاق الدفاع تفوق بكثير فضائله. فلو كان نتنياهو قبل عرض ساليبان لانهاء الحرب والاعلان عن موافقة مستقبلية على دولة فلسطينية لانهاء الائتلاف الذي يترأسه ولجرت إسرائيل الى انتخابات.
في ختام اللقاء قال نتنياهو لساليبان وللجمهور الإسرائيلي ان التطبيع سيكون بالفعل إنجازا هاما لإسرائيل، لكن ليس بكل ثمن.
خطاب بايدن الأخير والضغط للموافقة على صفقة في غزة، والتي لا تعرف بعد بكل تفاصيلها، رغم التسريبات والاحاطات، هي على ما يبدو مدماك إضافي في جهود الرئيس لاجبار إسرائيل على ابتلاع “القرص السام” محظور على إسرائيل أن تقاتل حروبها على عزف حملة الانتخابات في الولايات المتحدة.
يحتمل جدا أن تبدو الحرب مختلفة في الأشهر القادمة. عندما ينجح الجيش الإسرائيلي في مهماته تجاه حماس، يعيد الرهائن وينهي الحرب، بما في ذلك في الشمال، ستكون القدس منفتحة على ما يبدو على العمل مع شركائها لرسم مستقبل جديد في غزة. في هذه المرحلة يمكن للتطبيع أن يعود الى طاولة المفاوضات. السعودية والأنظمة العربية المعتدلة كفيلة بان تؤدي دورا حرجا في مستقبل غزة وعليه فان واشنطن والرياض ستجدان على ما يبدو القدس اكثر مرونة في بعض من المواضيع التي تعتبر اليوم حجار عثرة.
معاريف