رفــح احــتــلــت نــتـــنــيــــاهــــــو (يديعوت أحرونوت)
أحد أصحاب القرار المركزيين في إسرائيل سُئل عن الحرب في الشمال. فشبه الوضع هناك بساعة خربت. “نحن نحرك عقرب الدقائق”، قال. “عقرب الساعات لا ننجح في تحريكه”. تشبيه مشوق: هاجم أيضا بالنسبة للوضع في القطاع بعد ثمانية أشهر من بدء الحرب. الجيش الإسرائيلي يتعلم ويتحسن؛ “حزب الله” أيضا يتعلم ويتحسن؛ وكذا “حماس”. الواقع الفوضوي، الذي لا يطاق، الذي لا ينتهي، هذا لا يغير فيه شيء.
المقاتلون في الشمال هم مثل رفاص مشدود. صبرهم ينفد: فإما أن يدخلوهم إلى لبنان أو يعيدوهم إلى بيوتهم – كله إلا حالة الدفاع التي لا تنتهي في أمر التجنيد 8. في 1967 استمر الانتظار ثلاثة أسابيع. وقد بدا هذا كالأبد. ماذا يفكر الجنود الآن، بعد ثمانية أشهر من المناوشات العقيمة مع نصر الله؛ ماذا يفكر النازحون.
حتى الأسبوع الأخير، حرص نتنياهو على أن يشطب عن جدول الأعمال كل اقتراح لتغيير قواعد اللعب مع لبنان. المشاركون في المداولات وجدوا صعوبة في أن يفهموا ما الذي يقلقه اكثر – الخراب الذي ستجلبه الصواريخ من لبنان على مركز البلاد، الرد الإيراني، الرد الأميركي أو نقل القوات من غزة. فهو لم يحتل رفح بعد، لكن رفح احتلته. وعليه فلا توجد تسوية مع نصر الله ولا يوجد حسم مع نصر الله.
هذا الأسبوع، بعد أن جسدت صور الحرائق من الجليل للإسرائيليين جميعا انعدام الوسيلة تغير الخطاب. في هذه الأثناء لم يتغير إلا الخطاب. فقد هبط نتنياهو في كريات شمونة، التقطت له الصور وطار عائدا. من عدد سكان يبلغ 23 ألف نسمة تبقى في المدينة 2500. نتنياهو اكتفى بنشيط ليكودي محلي وتجاهل كل الباقين.
يائير غولان، الرئيس المنتخب لحزب العمل، زار، يوم الثلاثاء، مسغاف عام وكفار جلعاد. في نهاية الزيارة قال لي، انه في الأسبوع الأول من الحرب كان سيسيطر على خط التلال، خط الدفاع الأول لـ”حزب الله”. وذكر أسماء كل الأودية وكل القرى التي كان سيحتلها. فهي محفورة في عقله منذ أن كان قائد المنطقة. عندما سألت محافل في الجيش قالوا، إن “حزب الله”، اليوم، ليس المنظمة التي كان غولاني يعرفها. مطلوب الآن فرق لأجل احتلال خط التلال.
اللواء 796 في فرقة 91 مسؤول عن اصبع الجليل. منذ بداية الحرب، قتل مقاتلو اللواء 40 من رجال “حزب الله”. من ناحية عسكرية، هذا إنجاز. لكنه لم يدفع نصر الله للتراجع. بمعنى ما فإن الجيش الإسرائيلي هو قسم القوى البشرية لدى “حزب الله”. كل تصفية ناجحة تسمح بتقدم مخرب آخر. رئيس مجلس المطلة دافيد ازولاي يعود ويسأل لماذا لا تقصف البيوت في الخيام من حيث تطلق صواريخ مضادات الدروع على المطلة؟ لماذا لا تدمر بنى تحتية. تقنين الذخائر، هكذا يجيبون في الجيش. رفح تأتي أولا. إضافة إلى ذلك فقد قرر المستوى السياسي ألا يدمر في لبنان بنى تحتية مدنية.
الجواب القاطع هو أن الحل لن يكون إلا عندما يجتاز الجيش الإسرائيلي الحدود إلى داخل لبنان. المناورة ستحل مشكلة واحدة لكنها ستولد سلسلة من المشاكل الأخرى، التي لا تقل صعوبة. دمروا دولة لبنان، يقترح اللواء المتقاعد غيورا آيلند؛ جوعوا سكان غزة. هذه الأفكار المريضة تثير أشواقا لدولة بحثت عن حلول جراحية، إبداعية، وكانت تحذر من انتصارات مطلقة كما تحذر من النار.
ضعفت قوته
اعلن رئيس الأركان هرتسي هليفي مرتين بأنه يأخذ على نفسه المسؤولية عن القصورات التي أدت إلى كارثة 7 أكتوبر. هذا الأسبوع كرر القول للمرة الثالثة. تحدث بصدق – ليس لاحد شك في ذلك. لكن أخذ المسؤولية لا يمكنه أن يبقى في الهواء. نهايته أن يرتبط بالأرض، باستخلاص الاستنتاجات.
يوجد ثمن لاستبدال رئيس أركان في ذروة حرب. عندما يكون لمن يقررون هوية رئيس الأركان طن زبدة على الرأس وطن مصالح شخصية، يكون الثمن مضاعفا.
من جهة أخرى، المشكلة في استمرار الوضع القائم آخذة في التفاقم. في الجيش مثلما: عندما تكون هيئة الأركان عالقة، تكون المستويات تحتها عالقة هي الأخرى. لقد بلور رئيس الأركان سياسة تقول، إن ضابطا يؤدي مهامه جيدا لا ينحى ولا يستبدل. إذا فشل في 7 أكتوبر، فستستخلص حوله الاستنتاجات بعد التحقيقات. رئيس الأركان هو رجل مستقيم. لا يمكنه أن يبحث في مصير ضابط كهذا حين يكون دوره هو نفسه في التقصير موضع البحث.
الثمن هو أيضا في الاضطراب داخل صفوف القيادة، في تسريب مداولات مغلقة وفي التهجمات منفلتة العقال على رئيس الأركان في جلسات “الكابنت” وآلة السم في الشبكة. لرئيس الأركان يوجد تأثير مهم على القرارات، وأساسا الأحاديث الثنائية مع نتنياهو، لكن قوته ضعفت.
في تموز، سترفع لعناية رئيس الأركان التحقيقات الداخلية التي تجرى في الجيش. وسيتعين عليه أن يحسم مصير الحياة المهنية لبعض من زملائه. هذا سيكون الوقت الصائب لحسم مصيره هو نفسه.