الإدارة الأميركية تربط الصفقة بتأخير هجوم إيران و«حزب الله»
قبل الافتتاح المتوقع للقمة في الدوحة اليوم تواصل الولايات المتحدة زيادة الضغط على الطرفين في محاولة للدفع قدما رغم ذلك بالمفاوضات حول صفقة التبادل.
تربط الإدارة الأميركية الآن مباشرة بين الصفقة والتوصل إلى وقف لإطلاق النار مع “حماس” في قطاع غزة وبين تأخير هجوم الثأر الذي تهدد به إيران و”حزب الله” إسرائيل.
في هذه الأثناء هذا يبدو كمحاولة لربط قناتين احتمالية نجاحهما كل واحدة على حدة ضئيلة أصلا. المفاوضات حول الصفقة عالقة، بدرجة كبيرة بسبب طلبات جديدة طرحها رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو (الذي يواصل الادعاء بأنه لم يقم بتحديث طلباته)، وفي حين أن إيران كما يبدو مستعدة لفحص المزيد من الانتظار بالنسبة لردها العسكري فإنه يبدو أن “حزب الله” يبث الاستعجال والتصميم على العمل.
في ضبابية الحرب قرر وزير الخارجية الأميركي، أنطوني بلينكن، تأخير رحلته في الشرق الأوسط.
عاموس هوخشتاين، مبعوث الرئيس الأميركي، جو بايدن، يجري زيارات مكوكية بين بيروت والقدس.
أول من أمس، بعد لقاء مع رئيس البرلمان في لبنان، نبيه بري، رئيس حركة أمل ورجل الاتصال بين الأميركيين و”حزب الله”، قال هوخشتاين: “لا يوجد وقت لتبديده ولا توجد مبررات لتأخير آخر” من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، الذي سيوقف أيضاً العنف على الحدود مع لبنان.
في إسرائيل التقى نتنياهو مع رؤساء طاقم المفاوضات قبل سفره إلى قطر.
الخلافات في الرأي بينهم معروفة. فجميع رؤساء جهاز الأمن، بما في ذلك وزير الدفاع، يوآف غالانت، يعتقدون أنه يمكن التوصل الآن إلى اتفاق، وأن التنازلات التي تم الاتفاق عليها قبل شهرين، هي ثمن مناسب لدفعه مقابل إمكانية البدء أخيرا في حل قضية المخطوفين التي تؤلم المجتمع الإسرائيلي.
في القيادة العليا الأمنية يوجد خوف متزايد على حياة بعض المخطوفين.
إذا فشلت المفاوضات في هذه المرة أيضاً فإن الأميركيين سيقفون أمام معضلة وهي كيف سيتصرفون، حيث احتمالية عقد الصفقة في القريب ضئيلة، وفي المقابل الإدارة الأميركية تستعد لمؤتمر الحزب الديمقراطي، الأسبوع القادم.
في جهاز الأمن يعتقدون أن الإدارة الأميركية ستحاول طرح إملاء جديد، خطة وساطة تطلب من الطرفين الموافقة عليها دون مساومة أخرى.
في مثل هذه الحالة نتنياهو يمكنه أن يرفض، وبايدن يمكنه أن يلقي، للمرة الأول، بشكل علني المسؤولية عن فشل المفاوضات على رئيس الحكومة نتنياهو.
ومن أجل زيادة الضغط فإن الأميركيين يمكنهم العمل مباشرة ضد الجناح اليميني المتطرف في الحكومة، وزير الأمن الوطني إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، اللذين يقود حزباهما معارضة الصفقة.
هاجم البيت الأبيض، الأسبوع الماضي، الوزيرين، الأول بسبب وضع العقبات أمام المفاوضات، والثاني بسبب ظهوره الاستفزازي في الحرم في 9 آب العبري.
يجب عدم استبعاد إمكانية أن يقرر الأميركيون الذهاب إلى مسار التصفية المباشرة وفرض عقوبات شخصية عليهما، فهما لا يتوقفان عن توفير المبررات للأميركيين لفعل ذلك، بالأقوال والأفعال.
ضعف نتنياهو أمام بن غفير ظهر في قضية زيارة الحرم. أصدر مكتب رئيس الحكومة بيانا جاء فيه أن وزير الأمن الوطني غير موكل باتخاذ قرار حول تغيير الوضع الراهن في الحرم.
استخف بن غفير ببساطة بذلك وتصرف وكأنه لم يحدث أي شيء. كانت هناك أوقات قام فيها رؤساء الحكومة بإقالة وزراء على أمور أقل من ذلك، لكن نتنياهو يخشى من شركائه.
الإدارة الأميركية يوجد لها حساب طويل مع نتنياهو نفسه أيضاً. الاعتبارات بشأن تصعيد المواجهة معه يمكن أن تتغير الآن في الوقت الذي يستعد فيه بايدن للمغادرة، ونائبته كمالا هاريس تستعد للتنافس أمام دونالد ترامب على الرئاسة في تشرين الثاني القادم.
هاريس، أكثر من بايدن، تظهر علنا عدم الراحة من استمرار الحرب والقتل في القطاع، وهي تخشى من تآكل دعمها من المعسكر التقدمي في حزبها. هل وصل الاثنان إلى مرحلة الاشمئزاز من نتنياهو إلى درجة التخلي العلني عنه؟
هذا هو الخط الذي لم يقوما باجتيازه حتى الآن والذي سيكون من الصعب اجتيازه في الوقت الذي تكون فيه إسرائيل مهددة بالصواريخ والمسيرات من إيران ومن لبنان ومن العراق ومن اليمن.
تلميحات لـ”حزب الله”
أثناء زيارة غالانت لقيادة المنطقة الشمالية زل لسانه وقال أقوالا مختلفة قليلا. التقط وزير الدفاع الصور في قاعدة للاستخبارات وهدد الأعداء كالعادة. فقد قال: “من هذا المكان تمت تصفية رئيس أركان حزب الله فؤاد شكر”.
فقط قبل أسبوع كتب إبراهيم الأمين، الصحافي المقرب جدا من رئيس “حزب الله”، حسن نصر الله، بأن عملية “حزب الله” المضادة ستشمل “المس بمركز بارز في الجسم الذي قرر التصفية وشارك في تنفيذها”.
الأمين هو محرر صحيفة “الأخبار” اللبنانية. وقد ظهرت أقوال غالانت كتحد لـ”حزب الله”: “أنتم مدعوون لفحص قدرتنا هنا”.
ربما كانت هنا أيضاً محاولة لتحديد خطوط المعركة. تحدث وزير الدفاع غالانت من داخل هدف عسكري معزول نسبيا في منطقة الشمال. والسيناريو الذي يقلق القيادة العليا، السياسية والأمنية، هو أن “حزب الله” سيختار هدفا طموحا أكثر مثل موقع عسكري أو استراتيجي داخل منطقة مأهولة، ربما في مركز البلاد. استعدادات الذروة في سلاح الجو ومنظومة الدفاع الجوي وجهاز الاستخبارات وقيادة المنطقة الشمالية ستستمر أيضاً في نهاية الأسبوع. الافتراض هو أنه في نهاية المطاف “حزب الله”، ويحتمل أيضاً إيران، سيقرر العمل رغم جهود التهدئة وتهديدات الولايات المتحدة.
وإذا كانت الأهداف التي سيتم اختيارها طموحة فإن إسرائيل يمكن أن ترد بقوة كبيرة على ذلك، والمنطقة ستقترب من شفا الحرب.