يـتـعـيـن عـلـى إسـرائـيـل تـحـريـر المختطفين من خلال صفقة عاجلة
عن “هآرتس”
جاءت نهاية السنوار بالصدفة. الشخص الذي كان مسؤولاً، أكثر من أيّ شخص آخر، عن “مذبحة” 7 تشرين الأول والحرب الإقليمية التي نشبت بعدها؛ لم يُقتل في عملية اغتيال مُحكمة قام بها “الشاباك” أو “الموساد”، ولم يُقتل في معركة مع “سييرت ميتكال”، ولا في قصف دقيق من سلاح الجو. لقد قُتل في مواجهة عادية للغاية في رفح مع قوة من سلاح المشاة والمدرعات الإسرائيلي، التي لم يكن لدى أفرادها أيّ فكرة مسبقة عن وجود زعيم “حماس”، المطلوب رقم واحد في المنطقة.
بالإضافة إلى مقتل السنوار، فإن المعلومة المهمة الأُخرى هي عدم إصابة أيٍّ من المخطوفين في الحادثة التي قُتل فيها زعيم “حماس” في القطاع، مع اثنين من “المخربين” كانا برفقته. في السنة الأخيرة، تنقّل السنوار في أحيان كثيرة محاطاً بدرع بشري، كان عبارة عن مجموعة من المخطوفين الإسرائيليين. ثمة اعتقاد في المنظومة الأمنية أن المخطوفين الستة الذين قُتلوا في رفح في نهاية آب، كانوا خلال تلك الفترة برفقة السنوار الذي كان يختبئ في أحد الأنفاق. لهذا السبب، امتنعت إسرائيل من محاولة ضربه أكثر من مرة. لكن يمكن التقدير أنه مثل رفيقه محمد الضيف، الذي قُتل في عملية اغتيال في تموز في منطقة المواصي، جنوب قطاع غزة، كان السنوار أيضاً يتحرك أحياناً من دون مخطوفين حوله، وكان يتجول أكثر من مرة فوق الأرض، ولم يكن في الأنفاق طوال الوقت. وهذا ما جرى عندما أصيب ليل الأربعاء – الخميس. لقد وُجد مرتدياً سترة قتالية، ويحمل سلاحاً.
الآن، السؤال الأساسي هو كيف سيؤثر موت السنوار في استمرار الحرب، وخصوصاً في المفاوضات بشأن صفقة المخطوفين. لقد كان السنوار مع محمد الضيف الرأس المخطط للهجوم الفجائي على مستوطنات “غلاف غزة”، وعلى جمهور مهرجان الموسيقى نوفا، وعلى قواعد الجيش الإسرائيلي. وانتهج خطاً متشدداً طوال الحرب، وطرح مطالب كبيرة في مقابل تحرير مزيد من المخطوفين، بعد انهيار الصفقة الأولى في كانون الأول. لكن الطرف الإسرائيلي وضع العديد من العقبات، وليس سراً أن سياسة التهرب المقصودة لرئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، أحبطت فرص التوصل إلى صفقة خلال أشهر طويلة. والسؤال: هل خليفة السنوار، الذي من المحتمل أن يكون شقيقه الأصغر محمد، سيصل بالتدريج إلى الاستنتاج أنه إذا أراد البقاء على قيد الحياة، عليه إنقاذ ما تبقى من قيادة “حماس” وإبداء مرونة حيال الصفقة، وبسرعة؟
مَن تبقى من قيادة حركة “حماس” في القطاع وخارجه سيظل في المستقبل أيضاً مستهدفاً من طرف إسرائيل. ومن المعروف، أنه عشية هجوم 7 تشرين الأول في العام الماضي، أرسل السنوار نائبه، خليل الحية، إلى قطر من أجل تبليغ رئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، بشأن المستجدات. وشارك مسؤولون رفيعو المستوى من الحركة في الاجتماع مع هنية (الذي اغتيل في تموز في طهران).
يبدو أن التحرك الصحيح لإسرائيل هو العودة، الآن، وبكل قوة، إلى المفاوضات بشأن صفقة المخطوفين. إن حظوظ نجاحها ليست واضحة، لكن من الأفضل محاولة استغلال المخاوف في “حماس” والإحساس بالإنجاز في إسرائيل، من أجل فرض اتفاق سريع. لكن هذا سيكون صعباً لأن تسلسُل القيادة والتحكم في داخل “حماس” تضرر، ومن المتوقع أن تزداد الفوضى في الميدان. ومع ذلك، وعلى الرغم من عدم وجود فرص كبيرة، فإنه يجب عدم تضييع الوقت. هناك 101 مخطوف تحتجزهم “حماس” في القطاع، ونصفهم لم يعد على قيد الحياة. ويعيش المخطوفون، في أغلبيتهم، ظروفاً جحيمية. وهناك تخوّف من عدم العثور على مكان عدد من جثث المخطوفين، لأن عناصر “حماس” الذين قاموا بدفنهم ليسوا أحياء. وفي الخلفية، هناك قلق آخر من أن تسعى “حماس” لإيذاء المخطوفين، وأن تخوض حرباً نفسية على حسابهم، انتقاماً لمقتل السنوار. ثمة تخوّف آخر، وهو تنفيذ عملية انتقامية لـ”حماس” تخرج من الضفة الغربية.
لقد سارع رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، إلى أن ينسب إلى نفسه فضل قتل السنوار. لكن كالعادة، هو يواصل الامتناع عن أمرين: يمتنع عن الاعتراف بمسؤوليته الأساسية، كزعيم للدولة، عن الفشل الذريع الذي سمح بـ”مذبحة” 7 أكتوبر؛ ولا يذكر أنه هو مَن أطلق سراح السنوار (بتأييد من أغلبية الجمهور الإسرائيلي) عندما قرر الموافقة على صفقة شاليت في سنة 2011.
لكن بالإضافة إلى الحسابات السياسية، من المهم أيضاً الحساب التاريخي. لقد كتبت في يوم “المذبحة” أن السنوار والضيف حصلا على صورة انتصارهما، لكنهما أيضاً جرّا الشعب الفلسطيني إلى كارثة، وسيحصلان على الشهادة التي يتمنيانها. إن الأشخاص الذين كانوا مسؤولين عن خطة الهجوم ومطّلعين على سرّ موعدها قُتلوا، في معظمهم. والوحيد الذي بقي على قيد الحياة هو الشقيق الأصغر للسنوار. كما جرى قتل أغلبية قيادة “حزب الله”. وهذا له أهمية كبيرة في منطقة تعطي أهمية لمظاهر القوة ورأت ضعف إسرائيل بعد “المجزرة”، لكننا لا نزال بحاجة إلى عملية سياسية من أجل ترجمة هذه الإنجازات العسكرية إلى واقع استراتيجي أفضل، حتى بعد تفكيك قدرات “حماس” العسكرية وتضرُّر أغلبية قيادتها.