الرئيسية » صحافة اسرائيل »

إسرائيل لا تملك أيّ خطة لمعالجة الكارثة الإنسانية في غزة

UN News photo

بقلم: تسفي برئيل

عن «هآرتس»

تحول مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا خلال الأسبوع الماضي إلى ساحة حرب، وهي ليست المرة الأولى. ففي كانون الأول الماضي، اقتحم الجيش المستشفى، وهو أحد أكبر المستشفيات في القطاع، واعتقل مئات الناشطين من حركة «حماس» في الموقع. ومثلما جرى حينها، هذه المرة أيضاً، أعلن الجيش سيطرته على المستشفى. وبحسب وصف الجيش وضباط آخرين المعارك، فإنهم يتحدثون مرة أُخرى عن قتل عشرات «المخربين» ومصادرة سلاح وذخيرة بكميات كبيرة. إلّا إن هذا الوصف – ومثلما هي الحال في الفيديوهات التي جرى تصويرها خلال اقتحام المستشفى – يتركز على عرض الأدلة التي تجرّم، ولم يتحدث أحد عن الضرر الإنساني الحرج الذي يلحق بالطاقم الطبي والمرضى والمعدات الطبية.

مُنع الصحافيون في القطاع من دخول المستشفى، لكن، وبحسب شهادات من شهود عيان، فإن عمليات الجيش في المستشفى ومحيطه بعيدة كل البعد عن كونها «عمليات دقيقة». وبحسب مصادر إعلامية، تم اعتقال المرضى من أسرّتهم وتقييدهم واقتيادهم إلى جهات مجهولة؛ وجرى إتلاف المعدات الطبية الضرورية والهجوم على سيارات الإسعاف واعتقال الطواقم الطبية، وبينهم النساء العاملات في القطاع الصحي اللواتي احتُجزن في غرف مغلقة ساعات طويلة من دون غذاء. وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، لم يبقَ في المستشفى سوى طبيب واحد (حسام أبو صفية الذي قُتل ابنه في قصف للجيش) وممرضة واحدة فقط وعامل نظافة.

وجّه أبو صفية ووزارة الصحة نداءً يائساً إلى كل مَن لديه إلمام بالأمور الطبية، بدءاً من الجراحين، وصولاً إلى الممرضين والممرضات، للحضور إلى المستشفى ومعالجة مَن بقيَ هناك من مرضى ومصابين، وأيضاً مَن يحتاج إلى علاج ولا يستطيع الوصول إلى المستشفى. ينضم المستشفى المدمر إلى سلسلة طويلة من المؤسسات المدنية التي لحِق بها الضرر

يبدو أن إسرائيل تطبّق في شمال القطاع «خطة الجنرالات» – التي تعني التهجير القسري لعشرات الآلاف من السكان إلى خارج المنطقة الشمالية من أجل إعطاء الجيش الحرية في محاربة إعادة تمركُز «حماس» – والوضع في جنوب القطاع ووسطه ليس أفضل. يشير السكان هناك إلى تقليص دراماتيكي في عدد الشاحنات التي يُسمح لها بالدخول إلى القطاع، وأيضاً إلى نقص في الحاجات الأساسية من المواد الغذائية الأساسية، بعد التقليص الكبير لعدد الشاحنات التي يُسمح بدخولها إلى القطاع، وأن الكميات الضئيلة من المساعدات التي تدخل إلى القطاع تصل في حال سيئة، لدرجة أنها تكون أحياناً خطرة على صحة الناس.

أمّا أسعار المواد الغذائية، فارتفعت بنسبة عشرات في المئة خلال الأسابيع الماضية. فضلاً عن أن البنوك وآلات السحب النقدي لا تعمل، وأغلبية السكان تعتمد على المساعدات المالية الضئيلة التي يحصلون عليها من «الأونروا» ومنظمات المساعدات الأُخرى. أجرت قناة «سكاي نيوز» مقابلة مع ممثل منظمة نرويجية تقدم مساعدات إنسانية، فقال، إن الأخبار عن دخول الغذاء بشكل منظّم إلى غزة هي «أوهام»، وأن الجوع هو واقع حياة أغلبية السكان في القطاع، شمالاً وجنوباً. وهذا كله يجري على أبواب الشتاء، ومن المتوقع أن يجلب معه الأوبئة، إذا لم تتم معالجة الوضع مسبقاً، وفي ظل حالة انعدام النظافة المقلقة، وانعدام البنى التحتية من المياه والمجاري، والنقص الحاد في الدواء والطواقم الطبية التي يمكنها أن تزود مَن يريد بعلاج وقائي أولّي على الأقل.

حتى الآن لا يوجد لدى إسرائيل أيّ خطة منظمة لمعالجةٍ منهجية تحلّ أزمة دخول المساعدات الإنسانية، أو التعامل مع الوضع الصحي الصعب في القطاع. وقال مصدر إسرائيلي يعمل في مجال المساعدات لـ»هآرتس»، إنه نظراً إلى انعدام وجود سياسة حكومية، لا توجد إمكانات للتخطيط مستقبلاً، «لا في المدى القصير، ولا في المدى البعيد. إذا أرادت إسرائيل البقاء في القطاع وقتاً طويلاً، فسيكون عليها بناء منظومات منظمة وتدريب طواقم وتخصيص موارد بشرية عسكرية وميزانيات لائقة من أجل التعامل مع حاجات المجتمع». وبحسب المصدر، لم يتم القيام بأيّ شيء من هذا.

جرى البحث في المقترح «الصغير» بشأن تبادُل الأسرى في المحادثات بين رئيس «الشاباك»، رونين بار، ورئيس الاستخبارات المصرية الجديد، محمود رشاد، قبل 10 أيام، فتحدث كلاهما أيضاً عن اقتراحات بشأن إعادة فتح معبر رفح؛ لكن، لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن الترتيبات التي يمكن أن تحل أزمة إدخال المواد الغذائية والأدوية إلى القطاع.

وحسبما نُشر في وسائل إعلام عربية هذا الأسبوع، تحدث أحد الاقتراحات عن تفعيل المعبر في الجانب الغزّي من طرف جهات فلسطينية تقبل بها إسرائيل، وبرقابة من الأمم المتحدة، حيث سيكون هناك وجود إسرائيلي في محيط المعبر، يضمن عدم سيطرة «حماس» عليه. من غير الواضح ماهية «الجهات الفلسطينية»، وكذلك صلاحيات ممثلي الأمم المتحدة، وما إذا كانت الأمم المتحدة ستوافق أساساً على إرسال ممثلين لها يعملون بتوجيهات إسرائيلية. يبدو أن هذا الاقتراح يحاول أن يكون شبيهاً باتفاق المعابر (2005)، وبحسبه، فإن السلطة الفلسطينية هي التي أدارت المعبر بتوجيه مهني من مندوبي الاتحاد الأوروبي، وكانت إسرائيل تراقب كل عمليات المعبر عن بُعد، وكان لديها صلاحية منع دخول الأشخاص والبضائع، بحسب معايير أمنية.

حتى لو تم تبنّي الاقتراح الحالي، فإن قضايا تخزين المساعدات وتأمين قوافل المساعدات ومنع ناشطي «حماس» من السيطرة عليها، وإنشاء نقاط توزيع محلية وداخل الأحياء، لا تزال من دون حل. وخصوصاً قضية التعاون مع منظمات المساعدات المحلية، وفي الأساس «الأونروا» التي أقرّ الكنيست، أمس، قانوناً يمنع التعاون معها.

وعلّق مصدر إسرائيلي لـ»هآرتس» بالقول، إنه «من دون مقاولين أجانب لتأمين المساعدات، ومن دون تعاون مع منظمات المساعدات، سيكون على الجيش تحمُّل مسؤولية نقل المساعدات والأدوية وتخزينها، وأيضاً توزيعها، وتمويل هذا كله. والمقصود هنا مليارات الشواكل التي ستُصرف من خزينة الدولة. لكن، في جميع الأحوال، لم يتم التوصل إلى اتفاق، أو خطة عمل».

إذا كان تنظيم دخول قوافل المساعدات الإنسانية وطرق توزيعها يفرضان صعوبات لا يمكن حلها، فيجب فقط تخيّل التحديات التي ستواجه الجيش عندما يدخل قطاع غزة عامه الثاني وهو تحت الاحتلال. رئيس الحكومة يعِد بأن الجيش سيبقى في القطاع ما دام هناك حاجة، من دون إشارة إلى المعايير التي تحدد الوقت المطلوب مسبقاً. وخصوصاً أنه يوجد حوله مَن لديه طموحات إلى تجديد الاستيطان في غزة.

معنى هذا أن إسرائيل ستنتقل إلى مرحلة الاحتلال المدني الكامل: إعادة إعمار البنى التحتية المدنية، وبناء مئات المدارس التي دُمرت، وترميم المستشفيات والعيادات، وفتح طرقات مدمرة، وإعادة بناء منظومة قضائية وقوة شرطية. وهذا ليس إلّا البداية. فعلى عكس الحكم العسكري في الضفة والقطاع بعد سنة 1967، لا يوجد، اليوم، في غزة أيّ منظومة إدارة محلية غير مرتبطة بـ»حماس». ولا يوجد أيضاً بنى اقتصادية يمكنها تمويل العمليات كتلك التي عملت في المناطق المحتلة سنة1967.

الجهة الوحيدة التي يمكنها تحمُّل المسؤولية المدنية وغير مرتبطة بـ»حماس»، هذا إذا وافقت أصلاً، هي آلاف الموظفين المسجلين في سجل الموظفين لدى السلطة الفلسطينية. لا يُعرف مَن تبقى منهم على قيد الحياة، لكن، في حال وافقت السلطة على استئناف عملها وبسط سيادتها على غزة مرة أُخرى، فستكون هذه الموافقة مرتبطة باستعداد إسرائيل لتفكيك الجدار الحديدي الذي وضعه نتنياهو كعائق أمام عمل السلطة في غزة. وبحسبه – لا فرق بين السلطة و»حماس» إزاء كل ما يتعلق بدعم «الإرهاب».

اُكتب تعليقك (Your comment):

صحافة اسرائيل

إعلان

خاص «برس - نت»

صفحة رأي

مدونات الكتاب

آخر التعليقات

    أخبار بووم على الفيسبوك

    تابعنا على تويتر

    Translate »
    We use cookies to personalise content and ads, to provide social media features and to analyse our traffic. We also share information about your use of our site with our social media, advertising and analytics partners.
    Cookies settings
    Accept
    Privacy & Cookie policy
    Privacy & Cookies policy
    Cookie name Active

    Privacy Policy

    What information do we collect?

    We collect information from you when you register on our site or place an order. When ordering or registering on our site, as appropriate, you may be asked to enter your: name, e-mail address or mailing address.

    What do we use your information for?

    Any of the information we collect from you may be used in one of the following ways: To personalize your experience (your information helps us to better respond to your individual needs) To improve our website (we continually strive to improve our website offerings based on the information and feedback we receive from you) To improve customer service (your information helps us to more effectively respond to your customer service requests and support needs) To process transactions Your information, whether public or private, will not be sold, exchanged, transferred, or given to any other company for any reason whatsoever, without your consent, other than for the express purpose of delivering the purchased product or service requested. To administer a contest, promotion, survey or other site feature To send periodic emails The email address you provide for order processing, will only be used to send you information and updates pertaining to your order.

    How do we protect your information?

    We implement a variety of security measures to maintain the safety of your personal information when you place an order or enter, submit, or access your personal information. We offer the use of a secure server. All supplied sensitive/credit information is transmitted via Secure Socket Layer (SSL) technology and then encrypted into our Payment gateway providers database only to be accessible by those authorized with special access rights to such systems, and are required to?keep the information confidential. After a transaction, your private information (credit cards, social security numbers, financials, etc.) will not be kept on file for more than 60 days.

    Do we use cookies?

    Yes (Cookies are small files that a site or its service provider transfers to your computers hard drive through your Web browser (if you allow) that enables the sites or service providers systems to recognize your browser and capture and remember certain information We use cookies to help us remember and process the items in your shopping cart, understand and save your preferences for future visits, keep track of advertisements and compile aggregate data about site traffic and site interaction so that we can offer better site experiences and tools in the future. We may contract with third-party service providers to assist us in better understanding our site visitors. These service providers are not permitted to use the information collected on our behalf except to help us conduct and improve our business. If you prefer, you can choose to have your computer warn you each time a cookie is being sent, or you can choose to turn off all cookies via your browser settings. Like most websites, if you turn your cookies off, some of our services may not function properly. However, you can still place orders by contacting customer service. Google Analytics We use Google Analytics on our sites for anonymous reporting of site usage and for advertising on the site. If you would like to opt-out of Google Analytics monitoring your behaviour on our sites please use this link (https://tools.google.com/dlpage/gaoptout/)

    Do we disclose any information to outside parties?

    We do not sell, trade, or otherwise transfer to outside parties your personally identifiable information. This does not include trusted third parties who assist us in operating our website, conducting our business, or servicing you, so long as those parties agree to keep this information confidential. We may also release your information when we believe release is appropriate to comply with the law, enforce our site policies, or protect ours or others rights, property, or safety. However, non-personally identifiable visitor information may be provided to other parties for marketing, advertising, or other uses.

    Registration

    The minimum information we need to register you is your name, email address and a password. We will ask you more questions for different services, including sales promotions. Unless we say otherwise, you have to answer all the registration questions. We may also ask some other, voluntary questions during registration for certain services (for example, professional networks) so we can gain a clearer understanding of who you are. This also allows us to personalise services for you. To assist us in our marketing, in addition to the data that you provide to us if you register, we may also obtain data from trusted third parties to help us understand what you might be interested in. This ‘profiling’ information is produced from a variety of sources, including publicly available data (such as the electoral roll) or from sources such as surveys and polls where you have given your permission for your data to be shared. You can choose not to have such data shared with the Guardian from these sources by logging into your account and changing the settings in the privacy section. After you have registered, and with your permission, we may send you emails we think may interest you. Newsletters may be personalised based on what you have been reading on theguardian.com. At any time you can decide not to receive these emails and will be able to ‘unsubscribe’. Logging in using social networking credentials If you log-in to our sites using a Facebook log-in, you are granting permission to Facebook to share your user details with us. This will include your name, email address, date of birth and location which will then be used to form a Guardian identity. You can also use your picture from Facebook as part of your profile. This will also allow us and Facebook to share your, networks, user ID and any other information you choose to share according to your Facebook account settings. If you remove the Guardian app from your Facebook settings, we will no longer have access to this information. If you log-in to our sites using a Google log-in, you grant permission to Google to share your user details with us. This will include your name, email address, date of birth, sex and location which we will then use to form a Guardian identity. You may use your picture from Google as part of your profile. This also allows us to share your networks, user ID and any other information you choose to share according to your Google account settings. If you remove the Guardian from your Google settings, we will no longer have access to this information. If you log-in to our sites using a twitter log-in, we receive your avatar (the small picture that appears next to your tweets) and twitter username.

    Children’s Online Privacy Protection Act Compliance

    We are in compliance with the requirements of COPPA (Childrens Online Privacy Protection Act), we do not collect any information from anyone under 13 years of age. Our website, products and services are all directed to people who are at least 13 years old or older.

    Updating your personal information

    We offer a ‘My details’ page (also known as Dashboard), where you can update your personal information at any time, and change your marketing preferences. You can get to this page from most pages on the site – simply click on the ‘My details’ link at the top of the screen when you are signed in.

    Online Privacy Policy Only

    This online privacy policy applies only to information collected through our website and not to information collected offline.

    Your Consent

    By using our site, you consent to our privacy policy.

    Changes to our Privacy Policy

    If we decide to change our privacy policy, we will post those changes on this page.
    Save settings
    Cookies settings