الرئيسية » صحافة اسرائيل »

ترجمة النجاحات العسكرية الإسرائيلية إلى إنجازات سياسية (عن N12)

بقلم: إسرائيل زيف

أزاح الهجوم الإسرائيلي على إيران الستار عن صورة تهديد النظام الإيراني، وهو يشكل منعطفاً في إضعاف محور المقاومة، وفي تغيير موازين القوى الاستراتيجية في المنطقة.

فبعد الهجوم أضحت إيران مكشوفة من دون غطاء جوي، بعد الضرر الجسيم الذي أصاب صناعتها العسكرية وقدراتها الصاروخية (صواريخ أرض – أرض). إن مجرد حقيقة سيطرة سلاح الجو الإسرائيلي مدة 3 ساعات على الأجواء الإيرانية، وأن يفعل ما يشاء مع هذا العدد الضخم من الطائرات، كشف العجز الإيراني وتدنّي قدراته، مقارنةً بالتفوق الجوي الإسرائيلي.

بعد الهجوم، تبدلت صورة إيران من دولة كبرى في المحور الإقليمي ذات مكانة دولية إلى دولة مُحرجة وذات صورة ضعيفة. لقد فكّك الجيش الإسرائيلي أغلبية محور الأذرع الذي بدأت إيران ببنائه منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي، وبقوة أكبر في العقد الأخير. ليس فقط أن الأذرع لم تدافع عنها، بل رأى هؤلاء من موقعهم كيف أن مصدر قوتهم الذي اعتمدوا عليه يُضرب، وهو في حالة ضعف تشير إلى أنه لم يعد لديهم مَن يعتمدون عليه.

امتازت الضربات في إيران أيضاً، إلى جانب التنفيذ الممتاز عبر اختيار الأهداف، بحيث تكون مخجلة لطهران، وفي الوقت نفسه لا تذلّها داخلياً. لم تترك الضربات أرضاً محروثة خلفها، بل تركت لنظام الملالي هامشاً من الإنكار والإخفاء بشكل يسمح له بتصوير الضرر على أنه صغير، ويقلل من معاني الضربة وإسقاطاتها، وهذا ما يسمح للجمهور في إيران بالتعايش معها، ويسمح أيضاً لإيران بالامتناع من الرد، وخصوصاً أن النظام الإيراني يعرف أن لدى الجيش الآن حرية عمل كاملة، وهم أكثر انكشافاً للأضرار والضربات الخطِرة في حال حدوث تصعيد.

 

لا تدار الحرب بالقرارات العسكرية فقط

حققت إسرائيل إنجازاً استراتيجياً مهماً جداً، والسؤال المركزي الآن هو ما الذي يجب أن نقوم به مع هذا الإنجاز؟

منحت سياسة الحكومة الجيش، حتى الآن، حرية العمل والوقت غير المحدود من أجل المبادرة والعمل كيفما يريد، وتقريباً من دون قيود. وبعكس جميع الحكومات السابقة التي كانت تضغط لتقليل وقت الحرب بسبب التداعيات الأفقية، فإن الحكومة الحالية، ولأسباب سياسية، لا تضغط لإنهاء الحرب، حتى إنها تمتنع من وضع أهداف واضحة للحرب وجدول زمني. الحكومة نفسها تضغط من أجل إطالة أمد الحرب، على الرغم من الأثمان الكبيرة من الضحايا، وفي الساحة الدولية والاقتصادية، والاستنزاف الداخلي العام. يستغل الجيش ورئيس هيئة الأركان هذا الوضع، ويحققان إنجازات عسكرية في غزة ولبنان واليمن وإيران. وتتعالى القيادة العليا للجيش على وزراء الحكومة والناطقين بأسمائهم، والذين لا يتوقفون عن طعن رئيس هيئة الأركان في الظهر، مثلما يطعنون الضباط وطياري الجيش، بحسب الفيديو الأخير الذي نُشر في القناة 14. لا يتوقف الضباط الملتزمون عن الدفع قدماً بإنجازات القتال العسكري الكبيرة على جميع الصعد. إسرائيل في مكان آخر مختلف كلياً عن المكان الذي كانت فيه قبل عام، على الصعد العسكرية والتكتيكية والاستراتيجية.

المشكلة الأساسية هي أنه على الرغم من عدم وجود استراتيجيا محددة مسبقاً، فإن الحكومة لم تتخذ أيّ قرار سياسي أبعد من المصادقة على الخطوات العسكرية، ومراكمة مزيد ومزيد من الإنجازات العسكرية، الخطوة تلو الأُخرى. عملياً، لا يوجد أيّ رؤية، أو عقيدة، أو تحديد، للأهداف الاستراتيجية – السياسية، تسمح بترجمة هذه النجاحات وتحويلها إلى إنجازات وترتيبات مستدامة واتفاقيات تسمح بإعادة الاستقرار إلى كل مكان. الحقيقة أنه لا يمكن الاستمرار في القتال طوال الوقت، والاعتقاد أننا ننتصر، لأن ثمن الحرب وثقل الاستنزاف الكبير يثقل على مجالات الحياة كافة، وعلى جميع الفئات، هذا من دون الحديث عمّن يتحمل الثقل الأساسي – جنود الاحتياط الذين يدفعون أثماناً شخصية كبيرة جداً، ولا يحصلون على مقابل لائق.

الإنجازات العسكرية مؤقتة بطبيعتها، وتتراجع فاعليتها بمرور الوقت. وفرصة استغلالها لأهداف دبلوماسية قصيرة، وأيضاً يتعافى العدو دائماً من جديد. عندما يرى العدو أنه ينجح في النهوض من جديد والنجاة، تتراجع رغبته في التوصل إلى اتفاق، وتضيع الفرصة، وخاصة عندما يكون المقصود عدواً أيديولوجياً متديناً وجهادياً.

حتى الآن، النجاح في غزة لم يحقق أهداف الحرب، على الرغم من الضرر الكبير الذي لحِق بـ”حماس” هناك: لم يتم استبدال حكم “حماس”، ولا إعادة الرهائن. الثمن الذي ندفعه هناك من الدماء كبير جداً، ويكبر مع الوقت. ويزداد عدد العائلات التي تنضم إلى العائلات الثكلى. أمّا في لبنان، فالإنجاز العسكري في المناورة البرية وصل إلى هدفه، لكن “حزب الله” ينهض من جديد. هناك أيضاً ندفع أثماناً من الدماء، وتزداد بمرور كل يوم، وإذا لم نصل إلى ترتيبات، فإن الفرصة ستضيع.

تمنحنا الضربة في إيران فرصة أُخرى لترتيب جميع الجبهات من جديد. كانت إيران الأمل الأخير للتنظيمات “الإرهابية”، والآن، يعرفون أن الخلاص لن يأتي من هناك. وفي الوقت نفسه، فإن جرّ إسرائيل إلى حرب استنزاف طويلة يمكن أن يكون هدفاً انتقامياً في جميع الجبهات، وسيؤدي إلى فشل إسرائيل في إعادة البناء والعودة إلى روتين الحياة الطبيعية، ما سيشكل ضرراً استراتيجياً خطِر جداً بالنسبة إليها.

الكرة في ملعب إسرائيل إلى حد بعيد جداً، والسؤال المنطقي الآن، أكثر من أيّ وقت مضى، هو عمّا إذا كانت هذه الحكومة تعرف كيف تتخذ قرارات أبعد من الضربات العسكرية. بما معناه اتخاذ قرارات سياسية شجاعة تستغل الإنجازات العسكرية وتترجمها كي تغدو نتائج على شكل ترتيبات. هذا سيسمح لإسرائيل بإعادة تأهيل نفسها، بعد الأثمان الغالية والكبيرة والمؤلمة التي دفعتها خلال العام الماضي.

 

الخيط الرابط ما بين جميع الجبهات

بالنسبة إلى غزة، يعود السؤال عن الترتيبات وإعادة المخطوفين إلى النقطة التي كنا فيها. هناك إمكانية لاستبدال سلطة “حماس” بسلطة مدنية غير “حمساوية”، مع وجود واسع للشرطة. الخطة مدعومة، أميركياً وإقليمياً، وخطوة كهذه، يمكن أن تدفع “حماس” إلى صفقة مع مخرج واحد لاستمرار وجودها بشكل غير عسكري في مقابل الرهائن. إنها أداة ضغط قوية امتنعت إسرائيل من استخدامها حتى الآن، وهي فعالة في مقابل “حماس”، لكن رؤية سموتريتش بشأن الضم وضعف نتنياهو يجعلانني أشك فيما إذا كان هذا القرار ممكناً. أغلب الظن أن إسرائيل ستقف مرة أُخرى في طريق مفاوضات من دون مخرج مع “حماس” – كارثة مجنونة تقوى، المرة تلو الأُخرى، والعدو الذي نحاول تفكيكه بيد، نقوّيه باليد الأُخرى. فمن وجهة نظر “حماس”، ستطلب مرة أُخرى وقف الحرب وانسحاب الجيش، حتى لو كان ذلك من دون السنوار. سترى إسرائيل في ذلك “شرطَ خضوعٍ”، ولن تسمح الأنا المتضخمة لدى الحكومة بالتنازل في هذا المجال. النتيجة واضحة: استمرار الانجرار خلف “الانتصار المطلق” – بكلمات أُخرى، احتلال مستمر لقطاع غزة، وموت المخطوفين، واستمرار دفع الأثمان من الدماء الكثيرة أعواماً عديدة. عمليات الجيش في شمال القطاع تقتل “مخربين”، لكنها لا تؤثر في صفقة تبادُل الأسرى، وخطوات نقل السكان، ستقرّب فقط العقوبات ومذكرات الاعتقال الدولية.

أمّا في لبنان، فبدلاً من وضع شروط، يجب على إسرائيل أن تضع خطة مفصلة على الطاولة، مع جدول زمني لنشر الجيش اللبناني في البلدات والمدن الواقعة جنوب نهر الليطاني. يجب أن يجري هذا على مرحلتين، أو ثلاث، في موازاة خروج الجيش من هذه المناطق. وفي المرحلة النهائية، سيبقى لدينا حزام أمني نظيف مساحته 2-3 كيلومترات عدة أعوام، مع إمكان مراقبة فعالة للجيش في المنطقة. من المهم التوضيح أن الجيش اللبناني سيسيطر على لبنان بكامله من أجل نزع السلاح. إن إرسال عاموس هوكشتاين، المرة تلو الأُخرى، من دون خطة في اليد هو تضييع للوقت وخسارة للفرص.

أمّا بشأن إيران، فهذا هو الوقت الذي يمكن فيه للأميركيين دفعها نحو ترتيبات محسّنة بشأن النووي، وضمنها الامتناع من إرسال شحنات أموال للتنظيمات “الإرهابية” في مقابل تسهيلات جزئية في مجال العقوبات. الأميركيون سيُسعدون بالمضي قدماً نحو خطوة كهذه، ويمكن أن تكون منسّقة قبل يوم الانتخابات. كلا المرشحين سيُسعد بالتلويح بإنجاز كهذا، عشية الانتخابات، وسيضمن رئيس الحكومة مكانته لدى المرشحين، بعد النجاح الأخير لإسرائيل في إيران، والذي سيساعدهم كثيراً.

إنها لحظة الحقيقة بالنسبة إلى الحكومة. الآن، سيتضح إذا ما كانت قادرة على تحقيق نتائج دبلوماسية وتصويب سلسلة الأخطاء وإعادة توحيد الشعب من جديد، أساساً عبر قانون التجنيد الموجود أمامها. وسيتضح إذا ما كانت الحكومة تدعم الجيش فعلاً، وليس فقط تحصل على رصيد بسبب عملياته. وذلك من خلال عدم تمرير قانون التهرب من الخدمة الذي يضرّ بشكل خطِر بالمقاتلين الذين يضحّون بأنفسهم، وبحياة عائلاتهم ومسيراتهم المهنية، في الوقت الذي يتهرب آلاف الحريديم من واجبهم. إذا شرّعت الحكومة قانوناً كهذا، فلن يكون لها حق في الوجود يوماً إضافياً واحداً. السؤال هو عمّا إذا كان لدى أيّ من الوزراء شجاعة أخلاقية للوقوف إلى جانب وزير الدفاع ضد هذا القانون المشين.

اُكتب تعليقك (Your comment):

صحافة اسرائيل

إعلان

خاص «برس - نت»

صفحة رأي

مدونات الكتاب

آخر التعليقات

    أخبار بووم على الفيسبوك

    تابعنا على تويتر

    Translate »
    We use cookies to personalise content and ads, to provide social media features and to analyse our traffic. We also share information about your use of our site with our social media, advertising and analytics partners.
    Cookies settings
    Accept
    Privacy & Cookie policy
    Privacy & Cookies policy
    Cookie name Active

    Privacy Policy

    What information do we collect?

    We collect information from you when you register on our site or place an order. When ordering or registering on our site, as appropriate, you may be asked to enter your: name, e-mail address or mailing address.

    What do we use your information for?

    Any of the information we collect from you may be used in one of the following ways: To personalize your experience (your information helps us to better respond to your individual needs) To improve our website (we continually strive to improve our website offerings based on the information and feedback we receive from you) To improve customer service (your information helps us to more effectively respond to your customer service requests and support needs) To process transactions Your information, whether public or private, will not be sold, exchanged, transferred, or given to any other company for any reason whatsoever, without your consent, other than for the express purpose of delivering the purchased product or service requested. To administer a contest, promotion, survey or other site feature To send periodic emails The email address you provide for order processing, will only be used to send you information and updates pertaining to your order.

    How do we protect your information?

    We implement a variety of security measures to maintain the safety of your personal information when you place an order or enter, submit, or access your personal information. We offer the use of a secure server. All supplied sensitive/credit information is transmitted via Secure Socket Layer (SSL) technology and then encrypted into our Payment gateway providers database only to be accessible by those authorized with special access rights to such systems, and are required to?keep the information confidential. After a transaction, your private information (credit cards, social security numbers, financials, etc.) will not be kept on file for more than 60 days.

    Do we use cookies?

    Yes (Cookies are small files that a site or its service provider transfers to your computers hard drive through your Web browser (if you allow) that enables the sites or service providers systems to recognize your browser and capture and remember certain information We use cookies to help us remember and process the items in your shopping cart, understand and save your preferences for future visits, keep track of advertisements and compile aggregate data about site traffic and site interaction so that we can offer better site experiences and tools in the future. We may contract with third-party service providers to assist us in better understanding our site visitors. These service providers are not permitted to use the information collected on our behalf except to help us conduct and improve our business. If you prefer, you can choose to have your computer warn you each time a cookie is being sent, or you can choose to turn off all cookies via your browser settings. Like most websites, if you turn your cookies off, some of our services may not function properly. However, you can still place orders by contacting customer service. Google Analytics We use Google Analytics on our sites for anonymous reporting of site usage and for advertising on the site. If you would like to opt-out of Google Analytics monitoring your behaviour on our sites please use this link (https://tools.google.com/dlpage/gaoptout/)

    Do we disclose any information to outside parties?

    We do not sell, trade, or otherwise transfer to outside parties your personally identifiable information. This does not include trusted third parties who assist us in operating our website, conducting our business, or servicing you, so long as those parties agree to keep this information confidential. We may also release your information when we believe release is appropriate to comply with the law, enforce our site policies, or protect ours or others rights, property, or safety. However, non-personally identifiable visitor information may be provided to other parties for marketing, advertising, or other uses.

    Registration

    The minimum information we need to register you is your name, email address and a password. We will ask you more questions for different services, including sales promotions. Unless we say otherwise, you have to answer all the registration questions. We may also ask some other, voluntary questions during registration for certain services (for example, professional networks) so we can gain a clearer understanding of who you are. This also allows us to personalise services for you. To assist us in our marketing, in addition to the data that you provide to us if you register, we may also obtain data from trusted third parties to help us understand what you might be interested in. This ‘profiling’ information is produced from a variety of sources, including publicly available data (such as the electoral roll) or from sources such as surveys and polls where you have given your permission for your data to be shared. You can choose not to have such data shared with the Guardian from these sources by logging into your account and changing the settings in the privacy section. After you have registered, and with your permission, we may send you emails we think may interest you. Newsletters may be personalised based on what you have been reading on theguardian.com. At any time you can decide not to receive these emails and will be able to ‘unsubscribe’. Logging in using social networking credentials If you log-in to our sites using a Facebook log-in, you are granting permission to Facebook to share your user details with us. This will include your name, email address, date of birth and location which will then be used to form a Guardian identity. You can also use your picture from Facebook as part of your profile. This will also allow us and Facebook to share your, networks, user ID and any other information you choose to share according to your Facebook account settings. If you remove the Guardian app from your Facebook settings, we will no longer have access to this information. If you log-in to our sites using a Google log-in, you grant permission to Google to share your user details with us. This will include your name, email address, date of birth, sex and location which we will then use to form a Guardian identity. You may use your picture from Google as part of your profile. This also allows us to share your networks, user ID and any other information you choose to share according to your Google account settings. If you remove the Guardian from your Google settings, we will no longer have access to this information. If you log-in to our sites using a twitter log-in, we receive your avatar (the small picture that appears next to your tweets) and twitter username.

    Children’s Online Privacy Protection Act Compliance

    We are in compliance with the requirements of COPPA (Childrens Online Privacy Protection Act), we do not collect any information from anyone under 13 years of age. Our website, products and services are all directed to people who are at least 13 years old or older.

    Updating your personal information

    We offer a ‘My details’ page (also known as Dashboard), where you can update your personal information at any time, and change your marketing preferences. You can get to this page from most pages on the site – simply click on the ‘My details’ link at the top of the screen when you are signed in.

    Online Privacy Policy Only

    This online privacy policy applies only to information collected through our website and not to information collected offline.

    Your Consent

    By using our site, you consent to our privacy policy.

    Changes to our Privacy Policy

    If we decide to change our privacy policy, we will post those changes on this page.
    Save settings
    Cookies settings