باريس ــ بسام الطيارة
انتظر دومينك ستروس-كان انتهاء أول مقابلة بين المتنافسين الاشتراكيين الستة لترشيح الحزب، ليظهر على شاشة القناة الأولى «ويتوجه للفرنسيين» ليعتذر ويشرح وجه نظره في فضيحة اتهامه بالاعتداء جنسياً على عاملة فندق في نيويورك وتوقيفه وسجنه قبل إطلاق سراحه واسقاط التهم عنه. بالطبع قبل أن تبدأ الصحافية المخضرمة، كلير شازال، صديقة زوجته الصحافية السابقة على نفس القناة المليونيرة آن سان كلير، ظهر واضحاً للمتابعين أن ستروس-كان قد لجأ إلى خبراء تواصل ودعايات لتحسين صورته ومحاولة استرداد بعض الكثير الذي فقده بعد الاتهام بالاعتداء الجنسي على نفيستو ديالو، عاملة الطابق في الفندق الفخم الذي كان ينزل فيه.
بدأ ستروس-كان مداخلته هادئاً، ولكنه بدا مستعداً للإجابة على أسئلة تداخلت بشكل ذكي سمح له بالاعتذار من الفرنسيين بطريقة تسلسلية، ثم الإجابة على الاتهامات قبل أن ينتقل ليدل على أنه «تغيَّر» ثم ليبدأ الهجوم على من يتهمه بأنه «وحش جنسي» بعد سلسلة التسريبات والدعوى التي رفعتها صحافية فرنسية تتهمه أيضاً بمحاولة اغتصابها إبان مقابلة صحافية. ثم انتقل بعد ذلك ليقدم دعماً «غير مباشر» لمارتين أوبري، ثم لإعطاء رأيه في الأزمة المالية.
بالنسبة للاعتذار، وجه ستروس- كان اعتذاره الأول لزوجته وعائلته ثم للفرنسيين، مشدداً على أنه «خسر كثيراً». وفي إطار الإجابة على الاتهامات شدد المدير السابق لصندوق النقد الدولي، الذي استقال بسبب الفضيحة، على تقرير المدعي العام الذي «نفى وجود عنف ووجود اعتداء»، والذي ذكر مرات ومرات كيف غيرت نفيستو ديالو افاداتها، واعتبر ذلك برهاناً على أنه «برئ من تهمة الاعتداء». إلا أنه لم ينف «العلاقة الجنسية» وتهرب من الإجابة على سؤال حول علاقة «دامت تسع دقائق» واعتبرها «غير ملائمة ونتيجة ضعف». وأكد أنه «لم يدفع مقابل تلك العلاقة الجنسية». ثم انتقل لمرحلة الهجوم ليتهم ديالو بأنها «تسعى للمنفعة المالية». وأشار إلى تسجيل مهاتفتها صديقها في السجن وقولها «إنه رجل غني وأنا أعرف ماذا أفعل». وأشار إلى أن «المدعي العام دهش من عدد المرات التي غيرت فيها إفادتها».
ورداً على سؤال حول «الصدمة التي أصابت الفرنسيين» جراء ضخامة الأموال التي دفعها في مغامرته هذه، وخصوصاً إيجار البيت الذي وصل إلى خمسين ألف دولار شهرياً مع ضمانات قضائية بستة ملايين دولار ناهيك عن بدل أتعاب المحاماة، أجاب بأن «الآلة القضائية الأميركية مثل الطاحونة» إما أن تدفع وتجيب على المطالب وتخضع لشروطها أو «تعود إلى السجن».
بالطبع رفض الخوض في «شؤون الحزب الاشتراكي»، كاشفاً وقد بانت «غصة في حلقه» بأنه كان سوف يترشح، علماً أن كافة الاستطلاعات كانت تشير إليه كالفائز أياً كان خصمه، بينما الاستطلاعات اليوم تشير بنسبة ٥٢ في المئة إلى «عدم رغبة المواطن الفرنسي بأن يلعب دوراً في الحلبة السياسية». إلا أنه شدد على ضرورة «أن يربح اليسار»، معلناً أنه «كان مرتبط بعقد مع أوبري» وهو ما يمكن تفسيره بأنه تأييد غير مباشر لها، ما قد يستفز فرانسوا هولاند وسيغولين رويال المنافسين الرئيسيين لأوبري.
وعرج على السياسة المالية التي تتبعها أوروبا وخلع رداء المتهم باعتداء جنسي ولبس رداء المدير السابق لصندوق النقد الدولي ليوجه تعليمات حول ضرورة الخروج من الأزمة عبر «دفع الخسارة والاعتراف بها»، أي ما يمكن تفسيره بعرض «محو ديون الدول الأعضاء في الاتحاد الأوربي» وتحمل الدول عبئها.
ومن هنا قفز إلى «نظرية المؤامرة التي حاقت به قضيته» ولم يتردد من الإشارة إلى أن «فندق سوفيتيل» لعب دوراً، وأعطى دليلاً على ذلك كيف «حصل محامو ديالو على أفلام الطوابق»، بينما رفض الفندق مدها لمحاميه، وفي ذلك اتهام مبطن لشركة الفنادق الفرنسية التي تمتلك «سوفيتيل» والتي يديرها مقرب من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي.
بالطبع التعليقات على «عودة» ستروس – كان سوف تحرك المياه الراكدة في البحيرة السياسية في شقها الاشتراكي وتعيد خلط الأوراق، كما أن الشق القضائي في الدعوى التي أقامتها عليه الصحافية تريستان بانون عاد إلى الواجهة بعد استماع الشرطة لستروس- كان، الذي نفى التهمة واعترف فقط بـ«قبلة» كفَّ بعدها عندما رأى أنها رافضة للمراودة. وكان ستروس- كان قد اعترف في خضم المقابلة بأن «خفة التصرف التي كانت سمته» باتت وراءه.