- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

سوريا الكبرى: هيئة تحرير الشام وقبة الإسلام

 أحمد الشرع رجل سوريا القوي

بسّام الطيارة

يفتح وصول هيئة تحرير الشام إلى الحكم في سوريا، موضوعاً حساساً للغاية. موضوع منغمس بالتاريخ والجغرافيا والدين في آنٍ واحد. فالتسمية «هيئة تحرير الشام»  لا تزال قيد الاستخدام لم تتغير وهي تحمل تاريخها منذ بداية «نضالها» !
الشق الديني: تدعو هيئة تحرير الشام إلى رؤية إسلامية للحكم. وقد أعرب قادتها – في كتاباتهم وتصريحاتهم – عن طموحهم لإقامة دولة إسلامية في «بلاد الشام». تصريحات وكتابات قد تكون قديمة، ولكن لم يتم نفيها، والممارسات التي تظهر من حين لآخر تؤكدها. يضاف إلى ذلك حقيقة أن تفسير الهيئة للجهاد والإسلام يتعرض للطعن والإحباط من قبل جماعات سلفية داخلية أكثر تطرفاًر وبعض الجهات الفاعلة الإقليمية.
الشق التاريخي: «بلاد الشام»، أو سوريا الكبرى، تشير إلى منطقة تاريخية تشمل أراضي لدول «حديثة» سوريا ولبنان والأردن وفلسطين، والتي كانت تعتبر «دولة واحدة تقريبًا» في عهد العثمانيين.
الشق الجغرافي: إن الطامة الكبرى هي فكرة هيئة تحرير الشام بقيادة (عبد الله الجولاني) واسمه أحمد الشرع، أن تسعى لتحرير سوريا التاريخية (من هنا كلمة تحرير في الاسم) أي إضافة إلى سوريا لبنان والأردن وفلسطين المحتلة، لتشملهم «قبة الإسلام» وهذا أمر مثير للجدل اليوم وإن كان مشروع على المدى الطويل أو … شعار مثل كل شعارات العرب.
السؤال: هل السياق الإقليمي يسمح بذلك؟ إذ تشهد هيئة تحرير الشام علاقات متوترة مع فصائل المعارضة السورية الأخرى – منها العلمانية- والجماعات الإسلامية التي قد لا تشترك معها في رؤيتها أو أهدافها. ولا يزال المجتمع الدولي، بما في ذلك بعض الدول الغربية والعربية، يعتبر هيئة تحرير الشام جماعة إرهابية، مما يعقد أي احتمالات لتوحيدها أر حتى السعي لوضعها تحت حكم ديني.
إن فكرة “قبة الإسلام” تشير إلى شكل من أشكال الوحدة والتأثير على منطقة جغرافية واسعة (الشام)، وهو ما قد يكون من الصعب تحقيقه في هذا السياق.

إن فكرة أن الإسلام يشكل “قبة” تشير إلى مفهوم الوحدة وحماية المجتمع الإسلامي. إنها استعارة، ولكنها استعارة لها تأثيرات مباشرة ــ ربما غير مرئية ــ على مجرى السياسة في العديد من البلدان.

ولكن إذا أردنا أن ننظر إلى هذه القبة على نطاق «هيئة تحرير الشام»، فإن مفهوم القبة يأخذ بعدًا آخر غير مقيد في ضوء التاريخ ويعود إلى عام 1920، وذلك لعدة أسباب.
إن وجود الأقليات في أعقاب تقلبات التاريخ «والرسم الحديث» للحدود أدى إلى خلق «هذه الكيانات». والآن إذا لم يكن الشرع يقصد سوريا التاريخية (أي الشام) فلماذا لا يستخدم «هيئة تحرير سوريا»؟
لقد كانت الأقليات دائما في قلب مفهوم قبة الإسلام، حيث ينظر إليها باعتبارها ملجأ روحيا يحمي المؤمنين، وبالتالي يتم استبعاد غير المؤمنين من العديد من جوانب الحياة في المدينة. وقد تغيرت الأحوال ولكن الخوف من الأقليات والخوف على الأقليات ما زال حاضراً في كل مقاربة للمنطقة.

على مدى عقود من الزمن، جعل حافظ الأسد حكمه مستنداً على الأقليات العلوية والكردية والدرزية منذ تولي السلطة، وكانت الأغلبية السنية خاضعة لبرجاوزية سنية ممسكة بالاقتصاد تتسامح معه لأنها تستفيد من نظامه ومن السيطرة على المنافذ التجارية في لبنان ووسائل النقل عبر الأردن.
والآن أصبحت الأغلبية السُنية ممثلة بـ«هيئة تحرير الشام» هي التي تمسك بالسلطة والنظام في تراجع ملموس لتأثيرات الأقليات.

عندما يستقر الحكم فإن الجغرافيا ستعود لتفرض عودة التاريخ: لقد كان لسوريا دائماً تأثيراً على بلاد الأرز… كيف ستكون عليه الأمور؟
قد يفسر هذا السؤال الذي يبدو أن الشرع وجهه لرئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي خلال زيارته الأولى: «أين أموال السوريين» (التي اختفت في ظل إفلاس النظام المصرفي اللبناني). وأتى هذا السؤال رداً على محاولة ميقاتي التطرق لمسألة اللاجئين السوريين.
لقد تحدث الرجل القوي في دمشق نيابة عن البرجوازية السورية « أعيدوا لنا أموالنا وسوف نفكر في دعوة المليوني سوري للعودة».
ماذا سيحدث عندما تتعزز سلطة هيئة تحرير الشام؟