نصر الله: شروط لحوار بلا شروط
بيروت – «أخبار بووم»
رغم دعوة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله للحوار من دون شروط، إلا أن أنه أظهر وجود لازمتين لا تفارقان خطاب حزب الله. اللازمة الأولى هي لبنانية بحتة وإن أتت عبر شأن عربي بعيد، أما اللازمة الثانية فهي عربية قومية تخرج من باب الصراع مع الغرب. وفي الحالتين فهو قال إنه ما زال على ضفة الانشقاق اللبناني واضعاً شروطاً لحوار من دون شروط.
فاللازمة الأولى تضع حزب الله ضمن موازييك طائفية لتقاسم الحصص، ليس فقط في الوظائف، ولكن أيضاً في ما يتعلق بالصراعات في المنطقة المتولدة في ما يسمى «الربيع العربي». فعندما تحدث عن سوريا، وهو الملف الذي كان ينتظر عدد كبير من اللبنانيين، وفي مقدمتهم مؤيدو نصر الله، لمعرفة ما يمكن أن يكون عليه موقف الحزب اليوم وقد دخل الصراع نفق اللاعودة إلى الوضع السابق، فهو أطلق تحليلاً يضعه في مواجهة تحليلات من دعاهم للحوار، وأدخل الملف السوري من البوابة الاسرئيلية، مشيراً إلى «أن هناك اجماعاً في اسرائيل ان اي خيار في سوريا هو افضل او اقل سوءاً من بقاء نظام بشار الاسد»، وكأنه يضع الأخرين على نفس الرصيف الذي يقف فيه طابور المطالبين بتنحي بشار الأسد.
ولفت نصر الله الى ان “الشعوب العربية منشغلة عن فلسطين وعما يجري في داخلها”، مشيراً الى ان “الحدث الذي يسيطر على الاهتمامات الدولية والعربية بالدرجة الاولى هو الاحداث في سوريا، ولا اقول البحرين لان شعب البحرين متروك لامره”.
واعتبر ان “ما يجري في مصر حساس جداً”، لافتاً الى ان “اسرائيل تكمل مشروعها داخل فلسطين المحتلة”.
واكد ان “القلق والغموض والارباك تسيطر على العقل الاسرائيلي حول تطورات الوضع في المنطقة”.
حتى عندما انتقل نصرالله إلى الثورات العربية، فهو أشار إلى انقسام في المجتمع اللبناني بحديثه عن البحرين، إذ أن أي مراقب سوف يرى في هذه الإشارة نوعاً من «مذهبة» الربيع العربي، عندما قال الأمين العام «شعب البحرين يُترك لمصيره». ورأى أنه «يجب أن يكون لدى قوى ١٤ آذار منهجاً ومعياراً واحداً» للنظر إلى ليبيا ومصر وسوريا وكل الدول، وسأل مخاطبيه المفترضين «أرونا معياركم الواحد، وتذكروا أنه قبل نحو سنة خطبت عن موضوع الثورات والبحرين، وقامت قوى ١٤ آذار قيامتها». وذكر بالهجوم الذي شن عليه من قبل رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، وسرد ما قيل يومها بشأن ما اعتبره آنذاك الحريري «زج للبنان في خضم التحركات ببعض البلدان العربية الشقيقة». وكان هذا مدخلاً للعودة إلى خطاب ١٤ آذار في «البيال»، إذ إنه تساءل «أين المنطق، لماذا تقاتلون بالمال وبالسلاح وانت كلكم في ١٤ آذار متورطون بتسعير القتال في سوريا».
وزاد «أقول لهم ربطتم خياراتكم في رهان واحد». وسأل «لماذا لا تقفون على الحياد؟ هناك فرضيتان لهما انعكاس على لبنان، الاولى ان يحصل تجاوب من الشعب ويتم تجاوز المحنة في سوريا، وكيف ستتصرفون حينها؟ هذه المشاركة الميدانية ألن تترك اثرها على العلاقات بين البلدين؟ الفرضية الثانية اذا انزلقت سوريا الى حرب، وانا ارجح الفرضية الاولى، اذا ذهبت سوريا الى حرب اهلية وهذا ما تعمل عليه اسرائيل واميركا، ماذا تحضرون انتم للبنان؟».
وكما أنه كان يتحدث بالشأن السوري عبر جسر سياسي لبناني وتحضيراً لـ«الدعوة للحوار» من باب اللازمة الثانية، فهو أعاد التذكير بباب الصراع مع اسرائيل وصولاً إلى مبدأ «المقاومة» الذي هو في لب مشروع الحوار الذي دعا إليه، فقال «إن اسرائيل تتحدث عن الخطر الوجودي نتيجة الفعل المقاوم السياسي»، مشدداً على أنه «بعد الانسحاب الاحادي من لبنان والانسحاب من قطاع غزة وبعد حرب لبنان الثانية، انقلب الاتجاه وبات واضحا الان ان اسرائيل لم تعد دولة لا يمكن التغلب عليها وأعاد التساؤل عن امكانية استمرارها». وسأل «هل انتم مقتنعون ان الربيع العربي ولد من رحم ثورة الأرز؟ لو نجحت الحرب الاسرائيلية على لبنان في ٢٠٠٦ هل كان سيولد الربيع العربي؟ ام كان سيحل على بلادنا العربية خريفا قاسيا؟».
وشدد نصر الله على ان «اميركا والغرب الى تراجع في منطقتنا وفي العالم»، رابطاً بين ضرورة «البحث عن حلول سياسية في كل من سوريا ومصر ولبنان»، وبالتالي «تضييع الفرصة على الاسرائيلي»، مؤكداً ان المقاومة ستبقى راسخة قوية وصلبة وثابتة..
وقال: «نحن اهل حوار ومنطق ونحترم الطرف الاخر مهما كانت لغته ولسنا إلغائيين ونعترف بالاخر وبوجوده»، مضيفاً «أي دعوة للحوار الوطني دون شروط مسبقة دعوة جيدة ونؤيدها ونشارك فيها». وقبل بالاتفاق على جدول الاعمال، رفض فرض الشروط المسبقة قائلاً «إذا كانت الدعوة للحوار بشروط فهي ليست دعوة بل تسجيل نقاط». وتوجه إلى قادة ١٤ آذار قائلاً “لستم في موقع من يضع الشروط او يملي الشروط ولستم في موقع من يعطي الضمانات في لبنان بالاوضاع القائمة لان اللعبة في المنطقة اكبر منكم»، في جدلية تضع الانشقاق اللبناني في سياق الانقسام العربي في المنطقة.
مدخل العودة إلى الأزمة الحكومية في لبنان كان ملوناً بالإيجابية، بعد أن ثبت نصر الله موقفه في ضفة تواجه ١٤ آذار، فأكد أن «خيار اللبنانيين أن يكونوا مع بعض ونحن مع الاستقرار في لبنان ومع بقاء الحكومة الحالية».
وبالعودة الى موضوع الحوار أوضح انه «من شروط الحوار الشفافية والوضوح، ونحن الذين سنجلس الى الطاولة، يجب ان نعرف بضعنا جيدا». واستباقاً لسؤالات يمكن أن تقفز على هذه طاولة الحوار، تطرق الأمين العام لحزب الله إلى المال الإيراني فقال «دعمنا من ايران مشكورة»، وأجاب حول إدانة ١٤ آذار له فاستطرد «نحن اموالنا من ايران ولدعم المقاومة أما أنتم فقولوا لنا أموالهم من أين؟». وكشف «منذ العام ٢٠٠٥ أنفقت قوى ١٤ آذار ما يزيد عن ٣ مليار دولار، من اجل اي شيء هذا المال، إيران لم تعط المال او السلاح لحزب الله لانه لبناني بل لانه حركة مقاومة للعدو الاسرائيلي ودعم قوى المقاومة عرف تاريخي وقانوني اما انتم تنظيم سياسي لا علاقة لكم بقتال اسرائيل».
وأكمل في موضوع آخر سوف يكون على الطاولة فسأل: «في موضوع السلاح لماذا لا تكونون واضحين؟ نحن نقول انه لدينا سلاح وقلنا اننا نزداد تسلحا وكمًّا ونوعاً، وهناك سلاح معروف وايضا سلاح مخبأ وغير معروف، وخصوصا انه يجب ان نخبىء للاسرائيلي دائما المفاجآت». وتابع «لدينا تبرير وحيد، سلاحنا للدفاع عن لبنان ولتحرير الارض، لو لم يكن لدى اي لبناني قطعة سلاح واحدة، فنحن متمسكون بسلاحنا للدفاع عن لبنان»، وأضاف وكأنه يسحب هذا البند من طاولة الحوار «لا نبرر سلاحنا بوجود سلاح لدى الآخرين بل بحماية بلدنا ومن لديه شاهد غير ذلك فليقل». وأنهى موضوع السلاح بقوله «نعم نقول لدينا سلاح واعترفوا ايضا بذلك لنناقشه في الاستراتيجية الدفاعية».