جنبلاط يرى ساعة الفرز بين الدروز: مرتزقة او مؤيدون للديموقراطية
أطلق رئيس جبهة “النضال الوطني” النائب وليد جنبلاط، جملة من المواقف من الأزمة السورية، في موقفه الأسبوعي لجريدة “الأنباء” الصادرة عن الحزب التقدمي الاشتراكي. فحذر “المناضلين العرب” في جبل الدروز من الانجرار خلف من وصفهم بـ”زمرة من الشبيحة والمرتزقة”، لافتاً الى ان “تراثنا هو العيش مع المحيط العربي الاسلامي”، منتقداً الدعوة إلى الاستفتاء على الدستور السوري بوصفها “مسرحية”، في حين استهجن “الانحدار في المواقف الغربية” من الأزمة السورية التي تتلاقى مع الموقف اللبناني الرسمي الذي وصفه بـ”السخيف والمتفلسف”.
النائب جنبلاط علق على الدعوة على الاستفتاء، فلفت إلى أنها “بدعة جديدة لم يشهد لها التاريخ القديم أو التاريخ المعاصر مثيلاً، ولم نقرأ عنها في أي من الكتب أو الدراسات، وهي تذكر ببدعة الرفع النظري لحالة الطوارىء فيما إستمر التطبيق العملي له وأضيفت إليه ضروب جديدة من التعذيب والساديّة كحالات أطفال درعا وحمزة الخطيب والمئات من الذين قضوا بالتعذيب”. ورأى أنّ “أكثر الأنظمة قسوةً من ستالين الى تشاوشيسكو مروراً بصدام حسين وصولاً الى بعض الحكام العرب الذين رحلوا غير مأسوف عليهم، كانوا يملكون شيئاً من الحياء ولا ينظمون إستفتاءات شعبيّة فوق بحور من الدماء”.
وأضاف: “يا لها من بدعة جديدة ستتمثل بالالغاء النظري للمادة الثامنة من الدستور التي تقول بحزب البعث كحزب قائد للمجتمع والدولة، بينما سيتم إستيلاد العشرات من الأحزاب الهجينة المماثلة للبعث ودائماً بهدف الامساك التام بكل مفاصل الدولة ومرافقها ومؤسساتها، والاستمرار في الاطباق على الشعب السوري الذي يطالب بحقوقه السياسيّة المشروعة والتي حُرم منها لسنوات طويلة”.
كما اعتبر جنبلاط أن “تأييد دول كبرى لهذه المسرحيّة المسماة إستفتاءً بدعة جديدة، وهي التي تقدم الدعم العسكري والاستخباراتي والأمني للنظام السوري وترسل أساطيلها البحريّة المتعددة والمتنوعة وخبراءها ووحدات النخبة، فيما تكرر في الوقت ذاته معزوفة رفض التدخل الخارجي ليلاً ونهاراً”. وقال: “بدل أن تسعى هذه الدول لتأمين مخارج لزمرة تحكمت بسوريا وأهلها على مدى أربعة عقود نراها متمسكة بالنظام حتى ولو على حساب وحدة سوريا ومستقبلها بينما هي بإستطاعتها توفير تلك المخارج إما في أرياف سيبيريا البعيدة إحتراماً لمشاعر المواطن الروسي، أو في قلب بلوشستان حيث معاقل القاعدة ما يتيح عندئذ تبادل الخبرات في الارهاب مع شكوكنا بأن “القاعدة” ذاتها قد تتوب عند الاستماع لخبرات النظام وتجاربه في الارهاب”.
وتابع: “يا لها من بدعة تلك التي تحدّث بها الرئيس السوري عن مؤامرة تقسيم سوريا، وهو كرّر بذلك ما سبق وذكره أمام البعض من زواره اللبنانيين من أن النظام سيبقى حتى ولو تم تقسيم سوريا، فكأنه بذلك يمهّد لما سيأتي على قاعدة أنا وبعدي الطوفان”.
ورأى أن “رؤية هذا الانحدار في المواقف الغربيّة التي، للمناسبة، تلتقي مع الموقف الرسمي اللبناني السخيف والمتفلسف تحت شعار “النأي بالنفس”، وهي المواقف التي بدأت في دعم واضح لمطالب الشعب السوري، وتراجعت لتتحوّل الى ما يُسمّى ممرات إنسانيّة أو صليب أحمر بدعة جديدة”، لافتاً الى أن “الغرب تلطى خلف الفيتو الروسي- الصيني ليطالب بخجل بتطبيق الاصلاحات، وهو يتحجج بإنقسام المعارضة لعدم الاعتراف بها أو دعمها، وما الاستحضار المشبوه لـ”القاعدة” الا للحيلولة دون تقديم هذا الدعم للمعارضة والجيش السوري الحر والمجاهدين والمناضلين في حمص”.
وإعتبر أنه “في سياق منطق التقسيم الذي يتحدث به الرئيس السوري يأتي تفسير التدمير المنهجي لمدينة حمص، التي يمكن وصفها عن حق بأنها ستالينغراد الثورة السوريّة، لما تشكله من عقدة وصل بين العمق السوري من دمشق الى حلب وسائر مدن الداخل مع الساحل الذي يُطل بدروه على ثروات نفطيّة كبيرة كما يُقال. فهل تبرّر هذه الثروات المنتشرة على الساحل السوري واللبناني وربما غيرها من الأسباب الذريعة لتقسيم سوريا وتمزيقها وضرب الطموحات المشروعة للشعب السوري في الحرية والكرامة ورفض الاستبداد؟”.
وأشار الى أن “السبب الرئيسي لذلك كان وسيبقى أمن إسرائيل التي تمتعت بهدوء تام على جبهة الجولان المحتلة منذ 39 عاماً بفضل سياسة الممانعة التي سيكون لنا عودة إليها مستقبلاً لتفصيل مرتكزاتها التي تمثلت بشكل رئيسي في إسقاط القرار الوطني الفلسطيني المستقل وضرب الحركة الوطنيّة اللبنانيّة والاستيلاء على لبنان وإستخدامه كمنصة أماميّة لتبادل الرسائل الأمنيّة والسياسيّة، فكانت الحروب المتتالية على أرضه تحت عناوين ومسميات مختلفة، وكم كلفت تلك الرسائل والحروب من خسائر وخراب ودمار على لبنان وأهل الجنوب ناهيك عن الاغتيالات السياسيّة التي لا تُعد ولا تُحصى. ويا لها من مصادفة غريبة ذاك التلاقي بين الممانعة وبعض أركان ما يُسمّى الامبرياليّة! وها هو فيروس الممانعة ينتشر شرقاً وغرباً كإنلفونزا الطيور”.
وشدد النائب جنبلاط على أن “كل ذلك لا يلغي أن الفرز السياسي الداخلي على خلفيّة الأزمة السوريّة داخل الحكومة اللبنانية قد حصل. ولقد حانت أيضاً ساعة الفرز داخل طائفة الموحدين الدروز في لبنان وسوريا بين من يدعمون النظام السوري ومستعدون لأن يكونوا بمثابة المرتزقة في خدمته، وبين من يؤيدون الشعب السوري في نضاله المستمر نحو سوريا ديمقراطيّة متنوعة”.
واكد أن “أهل جبل العرب ناضلوا في الماضي القريب لتحرير سوريا من الانتداب الفرنسي، وسيناضلون اليوم أيضاً في سبيل تحرير سوريا من القمع والطغيان. تاريخهم السياسي كان دائماً الى جانب العروبة وهم الذين يعيشون في بحر إسلامي- عربي على مر التاريخ ويدركون هذه الحقيقة. لذلك، فإنهم لن يسمحوا لبعض الشبيحة من جبل لبنان أو من قبل النظام أن يوقعوهم في الفخ الذي يُرسم لهم”.
وأضاف: “حذار أيها المناضلون العرب في جبل الدروز الانجرار خلف زمرة من الشبيحة والمرتزقة الذين يوزعون عليكم السلاح والذين يريدون وضعكم في مواجهة مع إخوانكم في سوريا، ويسعون الى جعلكم تشبهون حرس الحدود مع إسرائيل. تراثنا هو العيش مع المحيط العربي الاسلامي وهكذا سنبقى. المستقبل هو لأحرار سوريا، وموقعكم الطبيعي هو إلى جانبهم”.
وتوجه بالتحية الى كل المناضلين في جبل العرب، والى كل الناشطات والناشطين في سبيل الحرية والديمقراطية والتعددية والكرامة، والى أرواح الشهداء الذين أعدمهم النظام لرفضهم الانصياع الى الأوامر وإصرارهم على المطالبة بحقوقهم المشروعة. وأيّاً كانت المؤمرات، فإن الشعب السوري سينتصر في نهاية المطاف.