“ربيع” السيارات في فرانكفورت: المستقبل لمحركات الكهرباء
فرانكفورت ــ غسان أبو حمد
التجوّل هذا الأسبوع في معرض “فرنكفورت الدولي للسيارات” (من 15 إلى 25 أيلول) يرفع ما يقارب المليون زائر فوراً من كوكب الأرض إلى كواكب فضائية خيالية… أشكال سيارات صغيرة وغريبة، سطوحها بلاستيك ونايلون، وأبوابها ملغاة أو أجنحة عصافير… والجائزة لمن يعثر على محركها!
نعم، هنا المباراة بين نحو ألف مصنع وموزع عالمي للسيارات، ينشرون إنتاجهم على الأجنحة في مدينة “فرانكفورت” للسنة الرابعة والستين، مع التذكير أن هذا المعرض يفتح أبوابه مرة واحدة كل عامين… ومع كل مرة يحمل مفاجأة.
هذا العام، امتلأت أجنحة العرض بنماذج عجيبة غريبة لسيارات تشبه الطائرات والغواصات، مع أو بدون محركات، وتلتقي جميعها حول ثلاثة أهداف محددة بوضوح: البحث عن الحجم الصغير، المحافظة على البيئة، والبحث عن التوفير.
بإختصار … “باي باي يا “جيب” وأهلا بسيارة البلد الصغيرة بسائق واحد، والعروض – بحسب مدير “دايملر- بنز”، مثل “سوق الأحد”… أي القطعة بيورو، وبتعريف مدير “تويوتا”… المئة كلم بليترين… فقط لإعادة شحن البطارية.
إذا، غابت هذا العام عن أجنحة معرض فرانكفورت الدولي للسيارات موديلات “جيب” القوية ذات محركات الدفع الرباعي والعالية عن مستوى الأرض، والمرغوبة “خليجيا”، وحلت مكانها في أجنحة معرض هذا العام، السيارات الصغيرة جداً (براكب واحد) والمحرك الكهربائي البسيط.
وحملت معظم هذه النماذج الجديدة الصغيرة تسميات منسجمة مع عالم تقنيات الكومبيوترI-PAD و I-POD (سيارات بي – أم – دبليو مسلسلها العائلي الجديد (Ia) بالإضافة الى تعابير (الغنية والفقيرة) من الداخل، بالأزرار والمقاعد وصمامات الأمان، إنسجاماً مع مواصفات السلامة المطلوبة عالمياً.
المنافسة القوية هذا العام كانت باتجاه المستقبل، بين “مرسيدس – بنز” ومفخرتها نموذج “سمارت” بالمحرك الكهربائي والدراجة الهوائية-البطارية، وبين “فولكسفاكن” ونماذجها الكهربائية ذات المقعد الواحد، لرجال الأعمال وللتنقل في الساحات العامة. وكانت النجمة الرئيسية لمصنع “فولكسفاكن” وإنتاجها لهذا النوع من سيارات المستقبلهي سيارة الشعب “فولكس – IL1 ” التي يطلق عليها المدير العام للشركة الألمانية الشهيرة لقب “المفخرة الثانية” في عالم المحركات، مكرراً أن “المفخرة الأولى” كانت إطلالة “فولكسفاكن القنفذة” قبل نحونصف قرن، والتي أدهشت العالم ولا تزال، بمحركها الخلفي.
في الدورة السنوية الرابعة والستين من تاريخ هذا المعرض العالمي بالإمكان تعداد ما يقارب التسعين “موديلاً” (نصفها تقريباً خرّيج المصانع الألمانية) تعتبر الأولى من نوعها على الصعيد العالمي. وتتوافق الصحافة المتخصصة بعالم السيارات على وصف هذه النماذج الجديدة بملصق الفتاة الجميلة وتنصح الزائرين بعدم الإنسياق وراء جاذبية الجمال، بل بالبحث عما هو وراء هذا الجمال والجاذبية: مقومات المحرك ومدى التوفير في الوقود، ومدى القدرة على إعادة بيعها ثانية.
وبقيت المصانع المعروفة بسرعة محركاتها على عاداتها التقليدية، فكانت “ميزاراتي” و”بورشيه”،’ بالإضافة إلى جديد هذا العام سيارة “أودي سبايدر – بمحرك 560 حصان” بسعر خيالي يصل إلى حدود 150 ألف دولار.
مصنع “بي-أم – دبليو”، الذي كان نجم السنوات الماضية بأشكال جيبات سلسلة “الإكس”، والتي استولى بواسطتها على سوق الشباب العربي تحديداً، أطل في معرض هذا العام بسيارات (iPad) الصغيرة للعائلة، موزعا سلسلة النماذج الجديدة على تسميات (i3) مرورا بـ (i5 ) وصولاً إلى ( i8 ).
ولا يغيب المستقبل عن مصنع “بي-أم – دبليو”، إذ يطل بسيارات بمحركات كهربائية منوعة، تصل حدود سرعتها إلى المئتين كيلومتر. وتُقدم الشركة هذا العام فرصة لزائري المعرض لتجربة السيارة الكهربائية الجديدة على مسرح بطول نصف كيلومتر.
المواصفات كثيرة حول مزايا السيارات، لكن يبقى مصنع “فولكسفاكن” هو المسيطر على ساحة النجومية بالمفاجاءات التي يحملها. إن هذا المصنع الألماني الشهير، الذي منحته قطر القدرة على العيش عبر المساهمة المالية في موازنته وإدارته، أطل هذا العام بمفاجأة السيارة الصغير، التي تحمل تسمية (UP) وهي لا تتسع إلا لسائقها ولن تغزو الأسواق إلا في شهر كاون الأول/ ديسمبر نهاية هذا العام. هذه “النجمة” سعرها عشرة آلاف يورو، وستتحول في العام 2013 إلى سيارة تسير بكاملها على الطاقة الكهربائية فقط.
ويبقى الحديث عن السيارات وتطورها وسوق بيعها من دون اليابان حديثاً ناقصاً. هذا العام تطل المصانع اليابانية على أجنحة معرض فرانكفورت بسيارة “تويوتا” المتطورة تقنيا بنموذج (Prius PHEV) والتي تسير بواسطة البطارية “ليتونوم”، ما يمكنها من استهلاك 2,2 ليتر من الوقود في مئة كيلومتر.
وبحسب ما سمعناه في أجنحة المعرض، فإن المنافسة بإتجاه الطاقة الكهربائية تخفي الكثير، وتدور الحرب حالياً للكشف عن الأسرار التي يملكها كل مصنع للسيارات بالنسبة للمستقبل. المعرض سيكون مشرع الأبواب أمام الجواسيس والعمل الاستخباراتي… في هذا الميدان، يطوق مصنع “مرسيدس” ملفاته الجديدة كي لا تسرق كوريا نماذجه الجديدة كما سرقت في الماضي نموذج “سمارت”.
بالمحصلة، فإن المنافسة وصلت إلى حدود عالم “فضائي” في المخيلة الواسعة… وكما للعرب هذا العام “ربيع”، فإن للسيارات في فرانكفورت “ربيعها” أيضاً.