هيثم مناع لـ«أخبار بووم»: لم يعش الإتفاق مع الدكتور غليون ١٢ ساعة
حاوره بسّام الطيارة
هيثم مناع معارض منذ سنوات طويلة البعض ينتقده والبعض الآخر يتفهم مواقفه بينهم من يوافقه وبينهم من يعرض عليه حلولاً أخرى بعضها وسطي وبعضها الآخر جذري. ولكن هيثم مناع معارض يضع نصب عينيه، كما يقول، حقوق الإنسان ثم حقوق الإنسان. وليس هذا بغريب فهو كان لسنوات عديدة مناضلاً في مجال حقوق الإنسان.
بين طائرة وأخرى، بين مطار ورحلة كان لنا هذا اللقاء.
-1 لماذا لم تشارك “هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي” في مؤتمر تونس، وخصوصا انه لم يتم الاعتراف بالمجلس الوطني؟
– ليس المجلس مشكلتنا في التعامل مع المؤتمرات والسفارات، مشكلتنا هي أن نكون كقوة سورية وطنية ومواطنية أصحاب قرارنا في التصور والبرنامج والنضال اليومي. هناك من ينصب نفسه معلما علينا وكأننا في فترة عصبة الأمم والإنتداب. هؤلاء يملكون المال السياسي والفضاء الإعلامي والعالم الإفتراضي، وهم يعتبرون “الملف السوري” صفقة القرن: شعب ثائر بإمكانياته الذاتية يمكن استعمال ثورته بأرخص وأبخس الأثمان في عدة حروب إقليمية. لقد تنبه الدكتور رفيق عبد السلام لذلك كذلك الصديق الرئيس منصف المرزوقي، فحددوا الخسائر بمؤتمر دون بيان ختامي أو توصيات والإكتفاء بما سمي خلاصات رئاسية لحفظ ماء وجه صقور الملف السوري ولكن قبل كل شئ، سمعة الثورة التونسية. لقد نجحنا في تحجيم وتأجيل الخسائر، ولكن لنقلها بوضوح، هناك من هو على استعداد للتعامل مع القاعدة لضرب ما يسميه بالهلال الشيعي ولا يتذكر كلمة الديمقراطية والحرية والكرامة السورية خلال لقاء يستمر ساعة ونصف معه، كيف يمكنك أن تصدق بأن قلبهم على الشعب وعقلهم على دولة ديمقراطية مدنية؟؟
هل لا يزال هناك إمكانية لتوحيد المعارضة السورية؟
لقد ضحينا بـ 37 يوما من وقتنا وجهدنا وبرنامج عملنا من أجل الوحدة ولم يعش الإتفاق مع الدكتور برهان غليون اثني عشر ساعة. المشكلة نحن ننتسب لفصيل من المعارضة ينتخب ويكلف بمهمة ويتحمل من يقوم بالمهمة مسؤوليتها، هناك أطراف معارضة تعين ولا تملك صلاحيات وعليها أن ترضي عرابيها وصانعيها ووكلاء أمرها وأصحاب الكلمة النهائية في وجودها. تطالب السعودية وبعدها قطر بتسليح المعارضة فيعلن المجلس الوطني عن تشكيل مكتب عسكري. من المؤسف أن يبيع البعض نفسه في حالة استلاب لاستقلال القرار والخيار. بصراحة لا أعتز بأسماء كنت أحترمها لعهد قريب تحولت لمجرد منتفع من سوق القضية السورية. ولا أدري إن كان ثمة معنى للجلوس معها. عندما تكون عبدا لقرار غيرك من الأفضل أن تقابل السيد مباشرة ولا تضيع وقتك مع العبيد. لحسن الحظ أن هؤلاء ليسوا الثورة وليسوا المعارضة وأن هناك من يرفض السمسرة والمال السياسي والتبعية. مع هؤلاء يمكن أن نتوحد وأن نناضل معا، والأفضل أن يكون ذلك في ظل مؤتمر ديمقراطي يعقد في ظروف صحية شفافة ونزيهة وبدون تدخلات تدميرية من الخارج.
٣- على ماذا تختلفون مع المجلس الوطني؟
سأحدثك في ثوابت هيئة التنسيق الوطنية ولك بنفسك أن تقارنها بمجلس اسطنبول: استقلال قرارنا وبرنامجنا، رفض أي شروط من الأصدقاء والحلفاء كما من الخصوم والأعداء توضع علينا، رفض أن يعطى “عرب الخدمات” الريادة، رفض الطائفية بكل أشكالها ومن أينما جاءت، رفض المحسوبيات والتمويل الرمادي ومناطق الظل في التركيب والوظيفة السياسية، رفض المشاركة في تحطيم الدولة السورية باسم إسقاط النظام، لن نمدح أي نظام استبدادي وفاسد بدعوى موقفه من هيئة التنسيق، لن نقبل بأن يفرض علينا سيناريو “ما العمل”، لن نلعب بحقوق المواطنة ولا حقوق الأقليات، لن نحول معركتنا من أجل الديمقراطية إلى معركة ملوثة بالعنف والمذهبية، لنا خطاب واحد لكل الناس وليس لنا وجوه تتناسب مع من يتحدث معنا. نقاط القوة هذه لا يرد عليها للأسف من البعض بتفسير أو تبرير، بل بهجوم لا أخلاقي علينا وتصوير أننا لا نريد اسقاط النظام ونعمل بأجندة روسية- صينية-إيرانية إلخ. هناك من يصعب عليه أن يتصور أن بالإمكان الإستغناء عن فندق الخمس نجوم والبزنس والنوم عند الأصدقاء وفي محطة القطار بل وفي المطار من أجل الحفاظ على الكرامة والقرار.
٤- أطلق ميشال كيلو وسمير عيطة المنبر الديموقراطي هل هو تكون جديد في المعارضة أم استعداد للدخول ككتلة في المجلس الوطني في حال التوافق وإزالة العوائق؟
لا أتصور ميشيل وسمير ممن كتب على ظهره “للبيع يامحسنين”. في مأساتنا اليوم، هناك من يبحث عن أي منصب أو مكان يذكر بأنه على قيد الحياة السياسية، الأمر الذي جعل الناس تشكك بكل مبادرة وكل سلوك، تذكروا من فضلكم أن هناك من لا يحتاج لأي “برومو” (نسويق) ليتذكر الناس بأنه قوة اعتبارية وأخلاقية ونضالية.
ما رأيك بالدستور الجديد والاستفتاء عليه؟
الدستور الجديد يسمح لي بالترشيح لمنصب واحد هو مختار قرية أم المياذن. أما الإستفتاء عليه فيعطي العالم صورة واحدة: هذه السلطة مريضة بعشق نفسها وتعكس حالة العشق الذاتية على أرقام اعتباطية تقدمها للناس.
كيف ترون إمكانية الحل في سوريا بعد” عسكرة “الثورة؟ وهل تقدرون أن الوضع انتقل إلى حرب أهلية؟
العسكرة موجودة، هي تنين بلا رأس، بالمعنى المجازي والفيزيائي. ليس لها قيادة مركزية ولن يكون لأن شروط تشكلها أصعب وأعقد من ظروف تشكل الهياكل السياسية. وليس لها عقل سياسي لأنها تشكلت ضمن عملية ترويج خارجية لمعطيات منها أن الثورة غير قادرة على النجاح إلا بتدخل خارجي وتمويل خارجي كبير وتسليح داخلي قادر على مواجهة الجيش. وجرت عملية تعبئة إعلامية لأن الجيش السوري هو مجرد كتائب أسدية وبالتالي يجب تحطيمه، أي تحطيم الدولة. هذا التوجه الإنتحاري أبعد عن الثورة قطاعات واسعة من الحركة المدنية الشعبية السلمية والأقليات ونقل ساحة الصراع إلى البندقية. أي إلى الأرض التي تتقن الكتاتورية اللعب عليها. الحرب الأهلية ليست قرار بل عملية توفر لشروط موضوعية، للأسف نحن نتجه نحو توفير هكذا ظروف ومن يقول بأن الشعب السوري محصن عليه أن يناضل ضد كل الشروط المؤدية للحرب الإهلية.
كيف ترون الموقف الإيراني من الازمة خصوصاً أن البعض يرى في تواصلكم مع إيران عقبة أمام الوصول إلى توافق مع ما تمثلوه؟
في حياتي كلها زرت إيران مرة واحدة، وزرت الصين مرة واحدة، وزرت روسيا في 1996 آخر مرة. ومع ذلك يخرج علينا حزب المسعورين بكلمات تثير القرف والإشمئزاز (شيعيون شيوعيون؟) تصور أن مثقفي العربية ووصال لا يعرفون أن روسيا محكومة من اليمين الوطني وأن الحزب الشيوعي في المعارضة؟؟ كمسؤول علاقات خارجية هناك خط أحمر واحد وضعته هيئة التنسيق هو الإسرائيلي، وهو السبب في أن الغربيين لا يثقون بنا كثيرا.. نحن لم نقدم أية ضمانات فيما يتعلق بالإسرائيلي. الموقف الإيراني ليس في صفنا ولكن إيران كما تركيا دولة جارة للعرب، ونحن ضد منطق حروب داحس والغبراء وضد أن نخوض حربا مع إيران بالوكالة عن إسرائيل وأمريكا. نحن نعرف أن دول الخليج دفعت لصدام حسين أكثر من 70 مليار في الحرب الإيرانية العراقية وكانت النتيجة احتلال الكويت. مع كل الإحترام للدبلوماسية الخليجية سيسجل التاريخ أنها تواطئت لتحطيم العراق وننصحهم أن لا يسيروا في طريق يقال فيه يوما: تواطئوا لتحطيم سوريا. هناك فارق بين محاربة الدكتاتورية وهدم الكيان السوري. هذا الفارق للأسف يذكرني بالمثل “كله عند الأعراب صابون”. نحن نناضل من أجل الديمقراطية بلا حدود وتواصلنا السياسي مع أطراف الصراع يبحث عن وسائل تحييد لقوى ودول تدعم السلطة ولا يعني هذا أننا نشاطرها سياستها الداخلية أو الإقليمية أو الدولية. هذه السياسة سمحت لنا بكسب دول جد هامة في منظومة عدم الإنحياز بعض المتطرفين وزعوا أفيشات بمقاطعة بضائعها.
هل هناك قناة اتصال بينكم وبين روسيا والصين؟ وكيف ترون الموقف الروسي بشكل خاص اليوم من الازمة؟
طبعا هناك قنوات اتصال، عملنا معا لإيصال المساعدات لحمص ووقف إطلاق النار وإنجاح عمل لجنة الصليب الأحمر، تناقشنا وتعاونا لوقف الحل الأمني، أقنعنا الصينيين بضرورة التبني الفاعل لخطة العمل العربية ولم ننجح مثلا حتى اللحظة في لإقناع الروس بتصورنا السياسي للحل. هذه معركة سياسية ضرورية لا نملك الترف في عدم خوضها، اللهم إلا إذا فعلنا مثل البعض سلمنا رقبتنا وقرارنا لدولة واحدة أو تحالف. ما يضحكني هو هذا التوجه لفرض علاقات دبلوماسية محددة علينا والإرهاب من أن يكون لنا شبكة علاقات دولية متزنة. سعيت للتنسيق بالأمس مع السفيرة الأمريكية في مجلس حقوق الإنسان السيدة إلين شامبرلان دوناوي من أجل مقرر خاص بسورية فلم يتوقف أحد عند الموضوع، وتبادلت التحية مع السفير الصيني في مجلس حقوق الإنسان فقامت الدنيا ولم تقعد؟