غليون يعلن تنظيم المعارضة المسلّحة
باريس ــ بسّام الطيارة
أعلن رئيس المجلس الوطني السوري، برهان غليون، في مؤتمر صحافي عقد في مركز الصحافة الأجنبية في باريس، أن المجلس قرر إنشاء «مكتب استشاري عسكري مؤلف من عسكريين ومدنيين لمتابعة شؤون قوى المقاومة المسلحة المختلفة وتنظيم صفوفها وتوحيد قواها ضمن قيادة مركزية واحدة»، مؤكداً بأن هذا المكتب الذي سوف يكون في مقره «على أغلب الظن حيث تتواجد قوى عسكرية للمعارضة، أي في تركيا، لن يكون هيئة أركان بل وزارة دفاع».
ولكن قبل بداية المؤتمر شهد بعض الصحافيين الذين حضروا باكراً، فاصلاً صغيراً يعبر عن أجواء ما يحدث داخل المجلس الوطني السوري. فقد كان عقيل الهاشم أول من حضر إلى قاعة المؤتمر، وتوجه مباشرة إلى مدير عام المركز، السفير الفرنسي فرانسوا ديسكويت، وطلب منه وضع اسمه إلى جانب اسم رئيس المجلس غليون على المنبر. وقد سارع السفير ديسكويت بعد تردد بسيط إلى طبع اسم الهاشم على البطاقة المخصصة ووضعها على طاولة المنبر.
عندما حضر غليون، يرافقه أسامة منجد، وبعدما سلم على ملتقيه انفرد على بعد خطوات بالهاشم وتناهى للحضور تطرق الهاشم للحديث عن تدخل عسكري أو طلب تدخل عسكري، وسمع غليون يقول له «لا هذا ليس هدف المؤتمر». ورغم اصرار الهاشم، فإن غليون لم يتراجع عن موقفه فما كان من الهاشم إلا أن قال «إذا ما لي شغل هون»، فأجابه غليون «كما تريد». وهنا انسحب الهاشم غاضباً، وتم سحب اسمه عن المنبر، ليحل منجد مكانه.
بعد قراءة غليون بياناً تم توزيعه في نهاية اللقاء، استعد للإجابة على الأسئلة، وطلب أن تكون «الأسئلة باللغة العربية» وقرر أن يجيب باللغة العربية، رغم إجادته اللغة الفرنسية، وهو ما أثار الحشد الصحافي الذي حضر لتغطية المؤتمر. وعندما عجزت مرافقة الوفد عن الترجمة الفورية «تبرعت» هلا قضماني، شقيقة الناطقة الرسمية باسم المجلس بسمة قضماني، التي غابت عن اللقاء، بالترجمة. وقد عبر عدد من الصحافيين عن تأففهم من غياب التنظيم، الذي برره آخرون بـ«قلة الخبرة» وضرورة الانتظار حتى «تتزيت ماكينة التواصل الإعلامي للمجلس».
بالطبع كان مسألة الوضع في حمص ضمن الأسئلة التي وجهها الصحافيون إلى جانب الاستعلام عن «هذه الهيئة الجديدة»، التي بررها غليون في إجاباته بالرغبة بتنظيم صفوف المعارضة و«توحيد قواها» وتنظيم تسليم الاسلحة اليها من خلال «مكتب استشاري عسكري». وشدد على أن الهدف منع التجاوزات «وتوفير كل ما تحتاجه المقاومة والجيش الحر من أجل القيام بواجباته الدفاعية على أكمل وجه وتأمين الحماية اللازمة للمدنيين ورعاية الثوار». وعندما سئل هل وافق رياض الأسعد (قائد جيش سوريا الحر) ومصطفى الشيخ (زعيم المجلس العسكري الثوري الاعلى) المتواجدان في الأراضي التركية؟ أجاب غليون بـ «نعم». ولكن عندما استطرد صحافي قائلاً إن «لما الأتاسي قالت إن لا موافقة على إنشاء الهيئة» ،أجاب غليون «الأتاسي لم تعد عضواً في المجلس». وأكد أنه «تكلم أمس مع الشيخ والأسعد» وأردف «يمكنهما أن ينتميا مباشرة إلى هذه الهيئة أو أن ينتدبا من يمثلهما».
وقال رداً على سؤال «إن المجلس سيعمل على منع حالة التشتت والفوضى وانتشار واستعمال السلاح»، وأكد أن «أي اختراقات أو تجاوزات لا تصب في مصلحة الثورة السورية والمصلحة الوطنية العليا». ووجه نداء إلى الجيش السوري الذي لا يزال مع النظام، وقال «لم نتخل عن الجيش الوطني السوري». وأضاف لا «نريد أن يتقاتل السوريون مع بعضهم البعض». ودعا المنتمين للجيش لرفض إطلاق النار على المواطنين ووضع سلاحهم والعودة إلى منازله أو الانضمام إلى المقاومة «حيث سيجد كلاً مكانه في كنف المقاومة».
وتعددت الأسئلة حول «الأسلحة وتسليح المقاومة»، فأكد غليون بأن «أحداً حتى الآن لم يقدم أسلحة للمقاومة» وأن الحديث لا يزال ضمن السياسة وأنه «سمع مثل كل الناس هذا الحديث في الإعلام»، وأردف أن هدف الهيئة الجديدة «تنظيم عملية التسليح». ورفض رداً على سؤال أن يؤكد «تحول في الثورة إلى عسكرة وما إذا كان يعلن حرباً جراء إنشاء هذا المكتب»، أجاب «نحن نقول أننا ما زلنا ونبقى في إطار ثورة شعبية وسلمية وأن مهمة هذه القوات الدفاع عن المواطنين، إنها مهمة دفاعية»، وتابع بأن الثورة «تسير على قدمين السياسة والمقاومة العسكرية». وأنه سوف تُناقش مع التنسيقيات في الداخل الاحتياجات والضروات اللازمة للمقاومة وأنه «إن وُجد الكثير من النقاشات ولكن لا توجد خلافات». وأكد أنه لا سلاحاً يدخل إلى سوريا «إلا كميات صغيرة عن طريق لبنان» ولكنه استدرك بالقول «ولكن الآن الحدود مقفلة بعد زرع الألغام على الجانب السوري». وشدد على أن مسألة السلاح وإدخاله سوف تكون من مسؤولية الهيئة الجديدة تجنبا لأن «تقدم الدول الأسلحة مباشرة». وشدد على أن الهيئة «لن تقبل بأن يقدم السلاح مباشرة من دون رقابة». ونفى أن يكون هنا أي أجنبي في الهيئة» وأن الأسماء سوف تنشر قريباً.
ورداً على سؤال أجاب بأنه لا يرى مبرراً كي ترفض تركيا إنشاء مثل هذا المكتب على أراضيها، وكشف أنه سوف يلتقي داوود أوغلو بعد ٢٤ ساعة. ورحب غليون في نهاية مداخلته بترؤس العراق للجامعة العربية بعد يومين وكشف أن «العراق تخلى عن واسطته وبات يقف إلى جانب الشعب السوري».
(الصور لـ عبد سليم قاروط)