الاتحاد الأوروبي يمنح صربيا “وضع مرشح”
اعاد الاتحاد الاوروبي انتخاب رئيس الوزراء البلجيكي السابق، هيرمان فان رومبوي (64 عاماً)، رئيسا للاتحاد الاوروبي لولاية ثانية مدتها ثلاثون شهرا، موسعاً سلطته ليصبح رئيسا لمنطقة اليورو.
وكان فان رومبوي عين في هذا المنصب الذي استحدثته معاهدة لشبونة في نهاية 2009. وكان القرار محسوما سلفا، اذ صرح دبلوماسي اوروبي انه “لم يظهر اي مرشح اخر ولم يبد احد اعتراضه”. واصبح لفان رومبوي فعليا مهمة مزدوجة لانه سيتم تكليفه ايضا من الان فصاعدا بترؤس القمم المنتظمة لقادة دول منطقة اليورو الـ17 فقط.
من جهة اخرى، اعلن فان رومبوي ليل الخميس الجمعة ان دول الاتحاد قررت منح صربيا وضع مرشح للانضمام الى هذا التكتل تقديرا لجهود بلغراد من اجل مصالحة مع كوسوفو وتوقيف راتكو ملاديتش.
وقال فان رومبوي في ختام اليوم الاول من القمة ان “دول الاتحاد الاوروبي قررت منح صربيا وضع مرشح”. ويتطلب منح اي دولة هذا الوضع اجماع الدول الـ27 الاعضاء في الاتحاد.
وقال دبلوماسي اوروبي “انه تقدم تاريخي”، مذكرا بان صربيا كانت قبل 13 عاما هدفا لغارات حلف شمال الاطلسي في حرب كوسوفو.
وكان الرئيس الروماني ترايان باسيسكو قد رفع عند وصوله الى بروكسل الخميس معارضته لاعطاء هذا الوضع لبلغراد ما رفع اخر عقبة امام هذه الخطوة المهمة لانضمام صربيا الى الاتحاد الاوروبي.
وكانت بوخارست قلقة من مسالة احترام حقوق الاقلية الرومانية في صربيا لكنها حصلت اخيرا على ضمانات بهذا الخصوص.
وتعتبر كل دول الاتحاد الاوروبي ان صربيا اوفت الشروط التي يفرضها الاتحاد للحصول على وضع مرشح وخصوصا تحسين علاقاتها مع كوسوفو الذي سيكون بامكانه المشاركة في اجتماعات في البلقان حول مسائل اقليمية.
وعلى الرغم من هذه الموافقة، يبقى الطريق لانضمام صربيا طويلا، اذ ان على بلغراد انتظار بدء المفاوضات فعليا ثم نتائج هذه المحادثات. وفي احسن الاحوال يمكن الصربيا ان تنضم الى الاتحاد في نهاية العقد الجاري.
وعبر الرئيس الصربي بوريس تاديتش عن ارتياحه لهذا القرار مذكرا بان “مواطني صربيا تحملوا العبء الاكبر من الاصلاحات التي جرت لتحويل بلدنا الى مجتمع ديموقراطي تحترم فيه حقوزق الانسان والاقليات وتثبت فيه القيم الاوروبية”.
من جهة أخرى، وقعت خمس وعشرون دولة اوروبية معاهدة انضباط مالي جديدة بهدف منع الانزلاق في العجز، لكنها بدات تطرح للتو مشاكل كبيرة لعدد من هذه الدول التي وقعت مجددا في الازمة الاقتصادية وفي مقدمها اسبانيا وهولندا.
وتبنت هذه المعاهدة التي طالبت بها المانيا مقابل تضامنها المالي مع شركائها في منطقة اليورو، خمس وعشرون دولة من اصل الدول ال27 الاعضاء في الاتحاد الاوروبي، ذلك ان بريطانيا والجمهورية التشيكية لم توافقا عليها.
واعتبر رئيس الاتحاد الاوروبي هيرمان فان رومبوي اثناء حفل التوقيع في اليوم الاخير من قمة اوروبية في بروكسل “انها مرحلة مهمة لتعزيز الثقة في اتحادنا الاقتصادي والنقدي”.
وتنص هذه المعاهدة على “قواعد ذهبية” تفرض توازن الحسابات العامة اضافة الى عقوبات تفرض بصورة تلقائية اكبر ضد الدول التي تتساهل حيال تخطي عجزها السنوي العام حدود ال3 بالمئة من اجمالي الناتج المحلي.
لكن وحتى قبل دخول هذه المعاهدة حيز التبطيق، فان الظروف الاقتصادية التي تزداد تدهورا والانكماش في منطقة اليورو، تثير الشكوك حيال قوة الموازنة التي تعتزم المعاهدة فرضها.
وقد وجدت عدة دول نفسها مرغمة على مواجهة تجاوز مالياتها العامة حدود التوازن المطلوب.
وهكذا اعلنت اسبانيا الاثنين ارتفاع عجزها العام الى 8,51% من اجمالي الناتج الداخلي في 2011، في حين تعهدت بجعل هذا العجز العام عند 4,4% من اجمالي الناتج الداخلي في 2012 و3% في 2013، وتحاول الحصول على تخفيف الهدف الذي التزمت به.
واعلن وزير المالية الاسباني لويز دو غيندوس ان مدريد “ستحترم كل تعهداتها في مجال تصحيح الموازنة، لكن الظروف تغيرت”، مضيفا ان “الوضع الاقتصادي مختلف جدا عما كان عليه العام الماضي”.
لكن المفاجأة الحقيقية اتت من هولندا التي كانت سباقة في انتقاد التساهل المالي لشركائها والتي تجد نفسها الان مع ذلك ملزمة بدورها القيام بتوفير مالي اضافي بسبب تدهور كبير في الاوضاع الاقتصادية فاق ما كان متوقعا.
والخميس دعت المفوضية الاوروبية بحزم الحكومة الليبرالية برئاسة مارك روت الى احترام تعهدها في هذا المجال بعد قيام المكتب المركزي للتخطيط في هولندا بنشر توقعات اقتصادية تدل على التراجع اثر اعادة النظر فيها.
وبات المكتب يتوقع ان يبلغ العجز نسبة 4,5% من اجمالي الناتج الداخلي هذه السنة، وخصوصا ان يتجاوز العام الماضي ايضا الحدود الاوروبية المحددة بنسبة 3%، وكذلك في 2014 (4,1%) وفي 2013 (3,3%).
واعلن متحدث باسم المفوضية ان “هولندا دولة أسمعت صوتها كثيرا عندما كان الامر يتعلق بتعزيز قواعدنا لمراقبة الموازنات” في منطقة اليورو. و”من الطبيعي التفكير بالتالي انها ستطبق المقاربة نفسها في سياستها الخاصة”.
واضافة الى اسبانيا وهولندا، قد تواجه دول اخرى قريبا صعوبات في جعل مالياتها العامة تسلك الطريق المستقيم في الوقت المحدد، مع امكانية ان تذكرها بروكسل بالعودة الى النظام.
وهذه هي حالة فرنسا. وقد راى ديوان المحاسبة بالفعل في بداية شباط/ فبراير ان الهدف المتمثل في جعل العجز عند 4,5% هذه السنة سيكون “صعب المنال” وان العودة الى 3% في 2013 ستكون “اكثر صعوبة ايضا”.
واذا كان لا بد من تليين القواعد ولو بشكل طفيف لهولندا واسبانيا، فان ذلك قد يؤدي الى نتائج غير محسوبة ويمكن حتى ان يثير غضب دول مثل بلجيكا وجدت نفسها مرغمة على وضع موازنات تصحيحية في ظروف مؤلمة جدا. ما يؤدي الى اضعاف المعاهدة.
ولفت دبلوماسي اوروبي قائلا “تخيلوا ان اسبانيا تمكنت من تحقيق ما تريد: فان ذلك سيضر بمصداقية تطبيق (المعاهدة) بالكامل”.
والى حزم المفوضية الاوروبية اضيف حزم دول اخرى اعضاء في الاتحاد الاوروبي في مواجهة اسبانيا الخميس في اليوم الاول من القمة.
وقال رئيس مجموعة يوروغروب جان كلود يونكر “من الواضح انه يتعين على اسبانيا ان تقوم بكل ما في وسعها لتثبت للخارج انها تبقى ملتزمة بحزم بارادتها في عدم الخروج عن طريق تعزيز ماليتها”.