أسرى يتذكرون: من بيصور إلى أنصار
في ظل الثورات العربية القائمة، نستذكر اليوم تجارب من قاوموا الإحتلال وعانوا مرارة الإعتقال من معتقل “انصار” في جنوب لبنان الذي اعتقل فيه العدوالإسرائيلي كل من كان يقف مواجهاً من كافة الطوائف والأحزاب، مروراً بالمعتقلات السورية (تدمر، المزّة) والتي فاقت إجرام العدوالصهيوني في التعذيب الجسدي والنفسي وصولاً إلى سجون الإحتلال الأميركي في العراق(أبوغريب)، والتي ذاع صيتها نظراً لما ورد عنها. فأصبح القاصي والداني يعرف الوحشية الاميركية في معاملة الاسرى لتظهر إلى العلن الصورة الحقيقية لـ”الديمقراطية الأميركية”. اختلف السجّان لكن المعاملة واحدة، كل الإتفاقات الدولية وعلى رأسها معاهدة جنيف لمعاملة الأسرى ضُربت بعرض الحائط، سجن وتعذيب ومعاناة برزت على أجساد المُعتقلين ثمناً لمقاومتهم.
أنصار، من لم يسمع بهذا المعتقل الذي ذاع صيته أيام الاحتلال الاسرائيلي لجنوب لبنان، والذي ارتبط اسمه بالكثير من الاحداث والقضايا والمناسبات؟ هذا المعتقل الذي اقامته قوات الاحتلال الاسرئيلي الى الشرق من بلدة انصار في جنوب لبنان. أقامت قوات الاحتلال هذا المعتقل بعد شهر تقريبا من احتلالها جنوب لبنان الذي بدأ في 6 حزيران/ يونيو من عام 1982، وافتتحته في 14 تموز/ يوليو من عام 1982 على أرض كانت منظمة التحرير الفلسطينية قد أنشأت عليها مطارا أثناء الحرب الداخلية في لبنان، واستعمل هذا المطار لفترة وجيزة من قبل الفلسطينيين.
جاء الاسرائيليون واستعملوه مطاراً لوجستياً اثناء الاجتياح، وحولوه الى معسكر اقاموا فيه المعتقل الشهير الذي جمع المئات من الشباب اللبناني والفلسطيني المشارك في أعمال المقاومة من مختلف الأحزاب والمناطق. ومن بين هؤلاء كان لـ”أخبار بووم” لقاء وحديث مع نديم العريضي، رئيس شعبة التسليح في الحزب السوري القومي الاجتماعي، والرجل الثالث في عمدة الدفاع بعد محمد سليم وأسعد حردان خلال تلك الفترة، والذي اعتُقل في 18 كانون الثاني/ يناير 1983 في بيصور بتهمة التخريب ومقاومة الإحتلال الإسرائيلي.
“كنتُ حذراً جداً في تحركاتي ولم اكن أنام في منزلي، وكنت دائماً متخفياً نظراً للوضع الأمني حيث كنت مطلوباً من قِبل قوات الإحتلال الإسرائيلي، مع العلم بأنّنا كنا نعمل بشكل سرّي حيث كنّا مقسّمين إلى مجموعات، كل مجموعة مؤلّفة من 3 أشخاص (رئيس وعضوين) وذلك تحسّباً للإعتقال وضمان عدم البوح تحت التعذيب. وكان هذا التكتيك قد اعتمده الحزب سابقاً أيام الإنتداب الفرنسي وأثبت فاعليته.
“كنتُ مطلوباً لدوري في الإنتفاضة الشعبية التي انفجرت في قرى الجبل بعد 6 أشهر من بدء الإحتلال، هذه الإنتفاضة التي قال عنها محمد سليم (ميزتها أنها درزية وأهميتها أنها أولى الإنتفاضات الشعبية حتى قبل قرى الجنوب). فقوات الإحتلال الإسرائيلي عمدت إلى نشر العناصر الدرزية عند دخولها القرى معتمدة غطاء الطائفية وادّعاء القرابة ولكنّهم فشلوا.
يوم اعتقالي حصلت مواجهة مع القوات الاسرائيلية عند مدخل البلدة بسبب دخول “مضاد” آتٍ للبلدة، بعد اعمال القنص التي كانت تحدث وبعد ٍالعمليات التي نُفِّذت في عرمون وديرقوبل. بعد هذه الحادثة عمد الإسرائيليون لضرب البلدة ليلاً بالمدفعية الثقيلة.
“ساعة الإعتقال كنت في المنزل بانتظار أخي ليعود لأستقل سيارته. في هذا الوقت خلدت للنوم، وإذ بقوات جيش الإحتلال الإسرائيلي تطوق المنزل وتعتقلني. تمكن ابناء القرية من تحريري ولكن بعد المفاوضات التي تمت بين اللجان المشتركة والجيش الاسرائيلي قررتُ تسليم نفسي على ان يحققوا معي ثم يفرجوا عني.
“بعد اعتقالي حوّلوني الى قسم المخابرات التابع للجيش الاسرائيلي في عاليه، وبقيت هناك في السجن لمدة 5 اشهر. واثناء التحقيق معي كانوا يمارسون عليّ ضغوطاً نفسية هائلة، بعدها نقلوني الى معتقل النبطية وبقيتُ فيه 3 اشهر، ثم نقلوني الى أنصار وبقيتُ فيه 3 اشهر تقريباً، واخيراً تحررتُ في عملية تبادل للاسرى.
“كان لدي قبل اعتقالي فكرة عن الأسر من خلال الاستماع الى ناسٍ سجِنوا ومعرفة تجربتهم، وخاصة بعد انقلاب 1961 الذي قام به الحزب القومي على السلطة انذاك. فتحضّرتُ لِما قد اواجه وكنت اجاوب اجوبة صغيرة “على قد السؤال” وتجنبتُ استفزاز المحقق. من خلال تحرياتهم عني، تبين لهم انني مسؤول في الحزب القومي ولست ُ عنصراً عادي. وابرز ما تعرضتُ له من تعذيب أنهم جردوني من ثيابي ووضعوا كيساً في رأسي وتركوني واقفاً على الشرفة خارجاً تزامناً مع سقوط الثلج حيث كان البرد قارساً جداً. وفي اليوم التالي وضعوني تحت شلال من الماء البارد من دون ملابس بإستثناء الداخلية. كان عليّ التأقلم في الجو لكي استمر، وكان ينتابني قلق دائم على اخوتي ورفاقي الذين كانوا يقاتلون في الخارج. ثم بدأتُ بالتفكير كيف سأخرج من الاعتقال لكي اعود الى ساحة المعركة. كنت اوهم نفسي دائماً بأنني سأخرج وكنت امضي وقتي في كتابة شعارات وطنية على الحائط. واعتبر نفسي بأنني محظوظ لان عذابي كان كان نفسياً وليس جسدياً.
“واما في رسالتي للاسرى، فاقول لهم ان ارادة الصمود والتحدي هيّ الاهم والتحدي يكون بالانتصار على الذات اولاً وعلى العدو ثانياً، وهي لحظة الانتصار الحقيقي في الحياة.
لم تبالِ الحكومة بموضوع الاسرى اثناء اعتقالي وحتى عندما خرجت من المعتقل خرجت من معتقل صغير الى آخر اكبر هو الوطن، بسبب التعبئة الساسية والمذهبية والاقطاع في المجتمع. وعلى الحكومة ان تفعّل دور الاسرى على غرار اداء الحكومة الفرنسية لمن قاوم الاحتلال الفرنسي حيث قام شارل ديغول يإنصافهم واعطائهم افضلية على غيرهم في الوطائف والتعويضات والقروض السكنية.
“بعد الاسر تعلّمتُ أن أكون جدياً اكثر في مواجهة المصاعب، وأن اتمالك اعصابي تحت الضغط وأن أنظر للامور بإيجابية. بعد خروجي من السجن ارتحت لشهر تقريباً وعدتُ للعمل المقاوم من جديد، حيث كان بانتظاري العديد من المسؤوليات الحزبية والحربية. في اي حرب مقبلة اتمنى ان اكون امام المقاتلين وسأعود للعمل المقاوم بكل فرح، كما أنني ادعو اولادي للانخراط في العمل المقاوم”.
موضوع ضعيف واللغة ركيكة ومفيها مهنية
مقدمة تافهة لموضوع مقدس
إدارة التحرير: حضرة القارئ الكريم ننشر التعليقين. النقد جيد شرط أن يكون إيجابي وأن يتضمن اقتراحات بديلة.
تاريخ نشر التعليق: 2012/03/13اُكتب تعليقك (Your comment):