“شجارات” مجلس الأمن حول سوريا تراوح مكانها
«الشجار» ما زال قائما في مجلس الأمن حول الملف السوري، ورغم كل التدبيجات اللغوية بين الفريقين: الصين وروسيا من جهة والغرب ومعه الجامعة العربية من جهة أخرى، بينما تقف بعض الدول مثل الهند موقف «المتفرج».
كيف يمكن إنهاء العنف القاتل في سوريا، بينما وجهات النظر مختلفة بين الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن أصحاب «حق النقض: الفيتو»؟ الأمور جامدة بشكل أعاد التذكير بأيام الحرب الباردة التي سادت في القرن الماضي.
روسيا بدعم من الصين تعارض بشدة اتخاذ إجراء ضد دمشق من قبل المجلس ويبدو أن الدولتين أخذتا على عاتقهما منع واشنطن وباريس ولندن من تغيير النظام في سوريا على غرار ما حدث في ليبيا. فسوريا حليف قوي لموسكو وتستضيف القاعدة البحرية الوحيدة لروسيا في المياه الدافئة. وموسكو مثلها مثل بكين لا تحبذ «التدخل في الشؤون الداخلية للدول» وتعلنان ذلك على الملأ.
في المقابل لا تخفي الدول الغربية الكبرى الثلاث رغبتها بتغيير النظام وإن هي باتت تتلطى وراء قرارات الجامعة العربية وخصوصاً المبادرة التي في شقها السياسي تطالب بتنحي بشار الأسد وتسليم مهامه لنائب الرئيس فاروق الشرع.
ولم تظهر أي دلائل بعد الجلسة الخاصة التي عقدها مجلس الامن في ١٢ آذار/ مارس تحت عنوان «الربيع العربي» والتي هيمن عليها الملف السوري، على ان الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن تقترب من نهاية نفق المأزق.
يقول ديبلوماسي أوروبي مقرب من هذا الملف إن «الثقة معدومة بين روسيا والغرب»، بينما الصين «سوف تتبع المسار الروسي». ويضيف «يبدو أن بين العاصمتين اتفاقاً على ترك التصلب لموسكو وإبقاء سياسة الباب المفتوح لبكين». ويتابع الديبلوماسي أن «العواصم الغربية بتصريحاتها المتناقضة» حول عدم التدخل العسكري والتلويح به في آن واحد «لا تساهم بتعزيز الثقة مع الصين وروسيا»، ويضيف كما أن «التصريحات الصادرة عن حلفاء الغرب العرب» والتي تدعو صراحة إلى «تسليح المعارضة وإسقاط النظام» لا تساعد أيضاً على طمأنة الروس.
بعد اجتماع منفرد مع نظيرها الروسي سيرجي لافروف، قالت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون للصحافيين «نتوقع من كل الدول بما في ذلك روسيا والصين الانضمام الينا الان في الضغط على نظام الاسد لاسكات مدافعه للسماح بدخول المساعدات الانسانية وافساح المجال امام انتقال حقيقي للسلطة يحترم حقوق جميع السوريين». وقد لاحظ المراقبون أن كلينتون لم تأتِ على ذكر المبادرة العربية واكتفت بذكر «انتقال حقيقي للسلطة» ما يجنب نفور موسكو التي ترفض «خطة الجامعة العربية التي تطالب الاسد بالتنحي».
وأظهرت كلينتون بعض المرونة بقولها إن«على الرئيس السوري بشار الاسد اتخاذ الخطوة الاولى» ومضت قائلة «يتعين على حكومة الاسد أولاً وقبل كل شيء أن توقف العنف» واستطردت «ما ان تتحرك الحكومة السورية سنتوقع من الاخرين إنهاء العنف أيضا. لكن لا يمكن توقع أن ينهي المواطنون العزل في مواجهة هجمات المدفعية الدفاع عن أنفسهم قبل التزام نظام الاسد بفعل ذلك». وقد رأى البعض في هذا «الربط في الخطوات» بعض الليونة الغربية لإطلاق عملية قبول موسكو بإصدار قرار أممي.
أما لافروف فقد كرر شكاوى موسكو بشأن عمليات حلف الاطلسي في ليبيا حيث قال إن الحلف «خالف بشدة» التفويض الممنوح له لحماية المدنيين العام الماضي ليدعم المعارضين الذين اطاحوا بمعمر القذافي. ولكنه واكب الانفتاح الغربي بقوله «ليس هناك شك على الإطلاق في ان السلطات السورية تتحمل مسؤولية كبيرة عن الوضع الحالي»، إلا أنه أضاف انه لا جدوى من الحديث عمن بدأ العنف وأن على مجلس الامن أن يضغط من اجل «انهاء فوري للعنف» من جانب جميع الاطراف، وهي موازاة ترفضها باريس بشدة حسب ما قال وزير خارجيتها ألآن جوبيه الذي وصف صمت مجلس الامن بأنه «شيء مخز». ولكن كلينتون أيضاً ترفض هذه الموازاة وشددت «نرفض أي مساواة بين عمليات القتل المتعمدة على يد الآلة العسكرية الحكومية وأفعال مدنيين محاصرين اضطروا للدفاع عن أنفسهم»
في حين أشار لافروف إلى أن موسكو يمكن أن تؤيد قراراً يتماشى مع الاتفاق الذي توصلت اليه مع الجامعة العربية في العاشر من آذار/ مارس. ويدعو هذا الاتفاق إلى انهاء العنف والمراقبة المستقلة لوقف إطلاق النار وعدم التدخل الخارجي ووصول المساعدات الانسانية لجميع السورييين. مع دعم مساعي الامم المتحدة والجامعة العربية لحوار بين الحكومة والمعارضة.
في هذه الأثناء، أعلن موفد الامم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سوريا كوفي أنان من أنقرة أنه ينتظر رداً الثلاثاء من النظام السوري على المقترحات التي قدمها للرئيس بشار الاسد.
وكان أنان لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان انطباعاته عن مباحثاته مع السلطات السورية، مؤكداً “أن الوضع الإنساني في سوريا مؤلم للغاية.
من جهته، حذر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أنان، من أن الأساليب المتبعة من قبل الرئيس السوري هي لتوفير الوقت.
وذكرت صحيفة “صباح” التركية الثلاثاء أن أردوغان أكد لأنان أن تدهور الاوضاع في سوريا يسير نحو نقطة اللاعودة والمواطنين يموتون هناك وثمة حاجة ماسة لزيادة الضغوط على بشار الاسد الذي يسعى لكسب الوقت.