باريس تنتظر «شيئاً آت» في سوريا: تشديد العزل ولا تسليح للمعارضة
باريس ـ بسّام الطيارة
تلعب فرنسا دوراً رائداً في الملف السوري، فهي إلى جانب كونها «حاضنة» لأبرز أركان المعارضة، ممثلة بالمجلس الوطني السوري، فإن مواقفها أيضاً تبدو كرأس حربة موجهة إلى النظا م في بلاد الشام وبشكل خاص إلى بشار الأسد. في كل حديث، وأياً كانت زاوية الإشارة إلى هذا الملف وعلى أي مستوى كان، فإن كل المحدثين في الكي دورسيه يبدأون وينهون حديثهم بـ«على كل حال إن نهاية النظام آتية لا محال». وبعد تردد بسيط «بشار لن يستطيع البقاء في الحكم»، السبب هو «العزلة» دولياً وعربياً وفي الداخل. وتبدو الدبلوماسية الفرنسية وكأنها تريد محو آثار انفتاح نيكولا ساركوزي على بشار الأسد و«إخراجه من عزلته». لذا فإن كل التحركات الفرنسية تبدو في سباق مع «شيء ما آت» قد يكون عسكرياً أو لا، قبل أو بعد الانتخابات الرئاسية، إلا أنه آت لا محالة وباريس تريد التحضر له معنوياً وتواصلياً.
مصدر مقرب جداً ومواكب لهذا الملف وافق على الحديث «بتوسع» حول الوضع في سوريا، شرط كتم هويته، فهو مثلاً لا يستبعد «التوصل لوقف إطلاق نار، بعد سحق المعارضة عسكريا». إلا أنه لا يرى في ذلك حلاً للمسائل السياسية، لا بل يقدر بأن «سوريا سوف تتحول إلى طنجرة ضغط يمكن أن تنفجر في أي لحظة».
أما في التفاصيل على الأرض، فبحكم إطلاعه يقول المصدر إن «كل التوقعات التي حددت تاريخ سقوط النظام منذ سنة خابت». ويكر سبحة «مواعيد سقوط النظام» وهو يهز رأسه: «نيسان السنة الماضية، ثم قبيل رمضان ثم مع نهاية العام الماضي، إلى ذكرى انطلاقة الثورة بعد أيام»، ويؤكد المصدر «لقد أخذنا علماً بأن المبادرة العسكرية باتت في يد النظام بعد معارك الريف ثم معركة حمص، وقد يربح معركة أدلب قبل ٢ نيسان/أبريل، ولكن هذا لن يغير من حتمية سقوط النظام»، حسب قول المصدر.
ويتوسع المصدر في شرح «فلسلفة العقوبات» التي بدأت تؤتي ثمارها وتدعم اتساع رقعة الثورة، بحيث بدأت تطال الاحتجاجات مدنا مثل دمشق وحلب وتؤهب لتآكل قدرات النظام على استيعاب الضربات، رغم أن هذا التآكل لم يطال الأجهزة الأمنية وبقدر أقل الجيش، إلا أنه بدأ يتسبب بهجرة أدمغة وعدد من رجال الأعمال وهروب كثيف للرساميل. ويرى المصدر كل هذا بأنه «نتيجة مباشرة للعقوبات التي حرم النظام من مئات الملايين من الدولارات واضطرته لقضم أجزاء من احتياط عملاته الأجنبية للمحافظة على الأمن الغذائي ودعم السلع الأولية وسد الاحتياجات الاجتماعية». ولكن هذه القدرات بتراجع مستمر بسبب العقوبات. وكشف المصدر بأن سلة عقوبات رقم ١٣ هي قيد التحضير، وأن مفعولها سوف ينعكس هذه المرة على «الآلة الأمنية وتمويل العمل العسكري». ويؤكد المصدر بأن «رجال الأعمال السنّة»، وهم عماد النظام الاقتصادي، بعضهم متخوف وبعضهم تحت التهديد المباشر، بينما البعض الآخر يريد عودة الهدوء للعودة للأعمال ومن الصعب معرفة مدى صدقية كل هؤلاء الذين «نلتقي بهم بشكل متواصل» ودرجة الخوف في ما يقولون.
أما في التحضيرات المقبلة، التي تستعد باريس وحلفاؤها للدفع بها قدماً، فهي إلى جانب العقوبات الاقتصادية، تتمحور حول «تشديد عزلة النظام» وتوسيع أطر مؤتمر «أصدقاء الشعب السوري» المقبل في اسطنبول ودعم المعارضة السورية عبر العمل على توحيدها.
أما التسليح فيبقى خارج إطار الرغبات الفرنسية، مع التذكير بأن «المبادرة العربية لا تطالب بتسليح المعارضة»، ويشر المصدر إلى أن «كافة القرارات الدولية بشأن سوريا تستند إلى الفصل السادس المقتصر على الحلول السلمية»، وليس الفصل السابع الذي قد يفتح باب العمل العسكري. رغم هذا يرى المصدر بأن التسليح «يظل خياراً ضمن الخيارات المطروحة» علماً بأن دعوات قطر والسعودية تعبر عن رأي الدولتين، وليس رأي حلفائهم. وينهي المصدر بالقول إن «التسليح المعارضة لن يساعد على قلب موازين القوى» فالجيش السوري قوي ومتماسك.
ويرى المصدر الفرنسي بأن تسليح الجيش السوري الحر لا يكفي في ظل «تشرذم مكوناته» ووصفه بأنه نوع من «يافطة يقف تحتها كل من يريد حمل سلاح» من مدنيين إلى مجندين إلى منشقين، وهي مجموعات مختلطة لا خبرة لها ولا تتبع أي قيادة بشكل منتظم. ولا يرى المصدر الفرنسي أن لـ «المجلس الوطني السوري» أي سلطة حقيقية فعالة على الجيش السوري الحر، بل تقتصر العلاقة على «حميميات وصداقات»، وبالتالي يصعب توضيح الرؤية. ومن هنا يتخوف الفرنسيون، مثل الأميركيين، من «تبعثر السلاح في أيدي غير أمينة»، في إشارة إلى السلفيين.
وقد تحدث المصدر عن وجود عناصر مقاتلة تأتي من شمال لبنان إلى جانب عناصر من جهاديين عائدين من العراق. ويتهكم المصدر بقوله «هؤلاء ساهم النظام في الماضي بتدريبهم وتسليحهم، وها هم يعودون لمحاربته» نتيحة نداء زعيم تنظيم القاعدة ايمن الظواهري. وفي هذا الصدد تعجب المصدر من أن «لبنان استطاع النأي بنفسه عن تداعيات الحدث السوري».
وذكر بأن عوامل كثيرة كانت تقود إلى الاعتقاد بأن «العدوى السورية سوف تصل إلى لبنان وتزعزع الاستقرار فيه». وفي إشارة إلى حزب الله، قال المصدر إن «الإيرانيين يتدخلون لمساعدة النظام أمنياً وإستشارياً واستخباراتياً»، لكنه أضاف «لا توجد ادلة على وجود رجال لهم على الآرض». إلا أنه تحدث عن «طائرات من دون طيار حلقت» وتحلق فوق أراضي المعارك مثل حمص وريف دمشق، وأشار إلى أن الإيرانيين يملكون مثل هذه التقنية، ولمح إلى أن حزب الله قد أعلن أكثر من مرة عن استخدامه طائرات من دون طيار في عمليات فوق إسرائيل.