سجن سيف الاسلام القذافي “قلعة ملك” للترفيه والتمرين
الى سجن سري أُنشئ لإيواء نزيل واحد، سينقل سيف الاسلام القذافي، نجل الزعيم الليبي السابق ووريئه، من الزنتان لمحاكمته بتهم ارتكاب جرائم حرب رغم مطالبة المحكمة الجنائية الدولية بتسليمه اليها.
ومن باب التحوط وسد المنافذ على كل الاحتمالات، أفرغ المجلس الانتقالي الليبي سجن الأحداث، اكبر سجون طرابلس، وبنى سجنا داخل سجن لايواء سيف الاسلام. وقالت صحيفة “الاوبزرفر” البريطانية التي تمكنت من زيارة السجن انه يقع بين مستودعات وسط منطقة ريفية شاسعة في ضاحية تاجوراء.
وتحرس بوابة السجن سيارات جيب مسلحة بمضادات جوية تابعة لأحدى الميليشيات المحلية. وتتابع الصحيفة نه وبعد قطع 400 متر بالسيارة على طريق تحفه الاشجار تنتهي الرحلة عند المباني التي كانت في السابق تؤوي نزلاء يزيد عددهم على الف امرأة وحدث. ووراء هذه المباني ينزوي مجمع سيف الاسلام محاطا بسور يرتفع اكثر من 15 مترا، وهو مكان سري للغاية حتى انه بلا اسم حتى الآن، بحسب “الاوبزرفر”.
ويضم المجمع باحتين للتمارين، كل باحة مغطاة بشبكة فولاذية متينة في مواجهة أي محاولة لانقاذه بمروحية.
وما زالت زنزانة سيف الاسلام قيد التأسيس والتجهيز، وهي تقع وراء باب رمادي اعتيادي عليه مزلاج واحد بقفل، وكان الدهان ما زال رطبا لم يجف بعد. وجرى تصميم المجمع بحيث لا يحتاج سيف الاسلام الى مغادرته، تتخلله شبكة من الممرات والأبواب التي تتيح له التنقل بين زنزانته وباحات التمرين. وعبر الباحة توجد قاعة لكرة القدم الخماسية وكرة السلة، يضمها مبنى أنيق بيجي اللون، بشبابيك ذات زجاج أخضر وأعمدة بيضاء عند المدخل. ويبدو المبنى كله أقرب الى الفيلا الفاخرة منه الى صالة رياضية داخل سجن.
وفي الداخل، تتوفر مرافق ومنشآت تتيح لسيف الاسلام ان يلعب كرة القدم الخماسية وكرة السلة، ولكن لا يُعرف مع من سيلعبهما. وهناك حتى لمسة من الفكاهة السوداء في المجمع حيث طبع احد العمال المكلفين بطلاء الجدران أثر يد بالدهان الأبيض على باب الزنزانة.
وتضم ظروف السجن مسجدا خاصا وطاهيا شخصيا وجهاز تلفزيون يستلم قنوات فضائية وعناية طبية على مدار الساعة. واثار هذا الترف ردود افعال متباينة من الحراس. ونقلت صحيفة “الاوبزرفر” عن حارس يرتدي كنزة سوداء ويحمل كلاشنكوف على كتفه القول، “إذا جاء اوباما أو ساركوزي أو كاميرون سيكونون سعداء بالاقامة هنا”. واضاف “انه ليس سجنا بل منتجع للاستجمام”.
وقال حارس آخر يعمل في ادارة السجن خارج المجمع المسوَّر ان سيف الاسلام لن يحتاج الى أي شيء في هذا السجن الشبيه بالقلعة، “وهي قلعة تليق بملك”، على حد تعبيره.
وتشهد الاجراءات الأمنية المحيطة بسجن سيف الاسلام القذافي على السطوة التي ما زالت عائلة القذافي تمارسها في اذهان حكام ليبيا، بحسب صحيفة الاوبزرفر مشيرة الى ان آلاف المسلحين من افراد الكتائب المحلية نزلوا الى شوارع المدن الكبيرة لحمايتها عندما توقع الساعدي نجل القذافي الآخر الذي هرب الى النيجير قيام انتفاضة موالية لوالده بمناسبة الذكرى الاولى للثورة الليبية.
وتمكنت الحكومة الليبية من اقناع كتائب الزنتان بتسليم سيف الاسلام (39 عاما) اليها واعلن رئيس المجلس الانتقالي مصطفى عبد الجليل ان محاكمته ستبدأ فور الانتهاء من بناء السجن. واضاف “إن شاء الله سيُحاكم سيف الاسلام القذافي محاكمة عادلة”.
ولكن قرار السلطات محاكمة سيف الاسلام في ليبيا اثار حفيظة المحكمة الجنائية الدولية التي اتهمته العام الماضي بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية وتدبير حملة قتل ضد المدنيين الليبيين خلال الثورة.
وينص نظام المحكمة الجنائية الدولية على انه لايجوز لدولة ما أن تحاكم متهما إلا إذا تمكنت من تقديم ما يضمن محاكمته محاكمة عادلة. وتلقت المحكمة تقريرا يتهم السلطات الليبية بعدم استيفاء هذا الشرط من مجلس الدفاع العام. وقال المجلس في تقريره ان ليبيا منعت سيف الاسلام من توكيل محام أو الاتصال بأفراد عائلته. واوصى المجلس بأن تحيل المحكمة سلطات ليبيا الجديدة على مجلس الأمن الدولي لخرقها لوائح المحكمة الجنائية الدولية.
وشكت منظمات حقوقية مما سمته فوضى النظام القضائي الليبي وعدم الاعلان حتى الآن عن التهم الموجهة الى سيف الاسلام. وقالت دوناتيلا روفيرا من منظمة العفو الدولية ان سيف الاسلام “في حدود علمنا لم يُتهم حتى الآن ومن الواضح ان إعداد الدفاع لا يمكن ان يبدأ بجدية إلا بعد اتهامه رسميا”. واضافت “ان الأمر كله مشروط بعمل المحاكم والقضاء فعلا، ولا يبدو ان هذه هي الحال”.
وتؤكد السلطات الليبية امكانية اجراء محاكمة عادلة، وأبلغت المحكمة الجنائية الدولية العام الماضي “ان الدولة الليبية مستعدة وقادرة على محاكمته بموجب القانون الليبي”.
وقد يكون سيف الاسلام الذي يتكلم الانكليزية بطلاقة وعاش في لندن قادرا على الاجابة عن تساؤلات اثارتها وسائل اعلام فرنسية مؤخرا عن تلقي الرئيس نيكولا ساركوزي 50 مليون يورو من القذافي لتمويل حملته الانتخابية في عام 2007.