الإخوان المسلمون في قلب نزاعات تتعمق في مصر
اصطدمت جهود جماعة الإخوان المسلمين لصياغة مستقبل مصر السياسي الاثنين، بمواجهة مع كل من المجلس العسكري الذي يدير شؤون البلاد والليبراليين الغاضبين مما يعتبرونه محاولات من جانب الإسلاميين للهيمنة على البلاد.
وانسحب الليبراليون من جمعية تأسيسية مكونة من مئة عضو مهمتها وضع دستور جديد احتجاجاً على ما قالوا إنه محاولات للإسلاميين للسيطرة على عملية وضع الدستور، وهو انسحاب يلقي بظلاله على أحد المكونات الرئيسية لعملية الانتقال من استبداد دام سنيناً طويلة.
وقال عضو قيادي في جماعة الإخوان المسلمين إن الجماعة يمكن أن تنظم مظاهرات حاشدة للضغط لإقالة الحكومة وتشكيل حكومة يقودها الإخوان. ويبرز هذا التوتر التحديات التي تواجه إدارة المجلس العسكري لشؤون البلاد قبل شهرين فقط من انتخابات الرئاسة وفي وقت تقترب فيه البلاد من أزمة مالية تلحق الضرر بالمواطنين العاديين.
ووَضعُ الدستور الجديد عنصرٌ محوري في العملية الانتقالية التي حدد مراحلها المجلس العسكري الذي تولى إدارة شؤون البلاد بعد إسقاط الرئيس السابق حسني مبارك في انتفاضة شعبية مطلع العام الماضي. ويأمل الإصلاحيون في وضع مبادىء دستورية ترسي نظاماً أكثر ديموقراطية.
لكن تشكيل الجمعية التأسيسية التي ستضع الدستور كشف عن خلافات بين أصحاب التوجهات العلمانية وبين الأحزاب الإسلامية التي هيمنت على مجلسي البرلمان بعد عملية انتخابية استغرق إجراؤها أربعة أشهر وانتهت في شباط/ فبراير.
وشكا الساسة الليبراليون الذين انسحبوا من الجمعية من أن نحو 70 أو أكثر من أعضائها إسلاميون مستقلون أو أعضاء في الأحزاب الإسلامية. وبررت منى مكرم عبيد وهي عضو سابق في مجلس الشعب وواحدة من ستة مسيحيين فقط انتخبوا للجمعية، انسحابها بالقول “ما يشغلني هو الهيمنة المتطرفة للإسلاميين”.
من جهته، قال النائب عمرو حمزاوي، المعرف بتوجهاته الليبرالية، في بيان إنه انسحب من الجمعية التأسيسية لأن تشكيلها يهمش المرأة والشباب والمسيحيين.
وقال دبلوماسي غربي إن جماعة الإخوان تزداد فيما يبدو ثقة واستعجالاً مع الاقتراب من السلطة. وأضاف “الاستعجال أوضح ما يكون في الهيمنة الإسلامية على الجمعية التأسيسية. والثقة تتبدى في التحدي العلني للمجلس الأعلى للقوات المسلحة”.
ويقول الليبراليون إن النجاح الانتخابي للإسلاميين يجب ألا ينعكس في تشكيل الجمعية التي ستضع دستورا لمصر يدوم لسنين أو لعشرات السنين.
في المقابل، قال الأمين العام لجماعة الإخوان، محمود حسين إن شكوى الليبراليين لن تقوض مصداقية العملية، مشيراً إلى وجود توافق على كثير من بنود الدستور.
وأضاف “من غير المعقول أن تلزم الأقلية الأغلبية باختيار أغلبية من أقلية ثم يقال إن هذه ديموقراطية”.
وانتقلت جماعة الإخوان المسلمين التي تأسست عام 1928 إلى قلب الحياة العامة في مصر منذ إسقاط مبارك الذي كان قد أبقى على حظرها. وكانت كررت القول إنها تريد وضع الدستور من خلال التوافق من دون استبعاد أي طرف.
وأصبحت جماعة الإخوان منذ الانتخابات البرلمانية أكثر انتقاداً لحكومة كمال الجنزوري الذي عينه المجلس العسكري في تشرين الثاني/ نوفمبر، ومن المقرر أن يبقى في المنصب لحين انتهاء الفترة الانتقالية منتصف العام حين ينصب رئيس جديد للبلاد.
وتريد الجماعة أن يقيل المجلس العسكري الجنزوري ويعين حكومة جديدة تعكس توازن القوى القائم في البرلمان وهو مطلب تسبب في صدع لوفاق مقلقل اتسمت به العلاقة بين المجلس والجماعة.
وقال حسين إن جماعة الإخوان- التي لم تشارك في الانتفاضة التي أسقطت مبارك من بدايتها وامتنعت عن المشاركة في أغلب الاحتجاجات التي نظمت منذ سقوطه- يمكن أن تنزل الآن إلى الشارع. وأضاف “هناك وسائل للضغط على المجلس العسكري لإقالة الحكومة الموجودة لسوء إدارتها وهذه الوسائل للضغط وسائل شعبية وهذه الشعبية قد تسمح بمليونيات أو نزول الناس إلى الشارع”.
ونشرت صحيفة “الحرية والعدالة”، الناطقة بلسان حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للجماعة، الثلاثاء، تصريحات لحسين تحت عنوان بارز في صدر صفحتها الأولى هو “المليونيات في مواجهة الحكومة”.
وحاولت جماعة الإخوان طمأنة المصريين إلى أنها لا تريد الهيمنة على البلاد فقالت العام الماضي من خلال الترويج إلى أنها لن ترشح عضواً فيها لمنصب رئيس الدولة. لكن هذا الوعد هو محل مراجعة الآن، فمن المقرر أن يناقش مجلس شورى الجماعة هذا الأمر في اجتماع الثلاثاء.
وفي أوضح علامة حتى الآن على استعداد الجماعة لتقديم مرشح، قال المرشد العام محمد بديع، إن اعتزام شخصيات من عهد مبارك الترشح أجبر الجماعة على أن تعيد النظر في قرارها. وقال في خطاب الأحد نشر في موقع الجماعة على الإنترنت “كل الخيارات مفتوحة”.