كلنا أبين… وأبين أولاً
لأبين موقع القلب في جسد الأحداث التاريخية على أرض الجنوب… أرض الخيارات الصعبة والفقراء الذين قدموا دماءهم قربانا للمراحل الملتهبه.. جزء حي في معادلات الواقع الجنوبي بكل أحداث تواريخه التي ناهزت الذروه مباشرة بعيد مشروع الوحدة الأسرع في تاريخ العقل البشري.
في كل منعطف تستفيق أبين من الضربات القدرية الموجعة ببسالة الصمود وتسامح الشجعان.
وحين تشتد الأقدار يدفع ابناؤها ثمناً جنوبياً بالغ الخسارة.
يتشرد أهلها في أكثر الرحلات مأساويه في هذا العصر الذي نسميه مجازاً بالربيع العربي وعلى مقربة من هذا النزيف يستعر الشعار في ساحة صنعاء ويزدهر التضامن بين الثوار والنخب على الحيطان… وتنسى أبين مبتعدة عن سطور الكتاب على المواقع وأهوائهم الثورجية .
وحتى ألأهلون وألأصحاب، منشغلون بخطابين جنوبيين، كادا أن يستمدا من حمى التاريخ ما ميزه وقاد الجنوب الى مأوى الموت.
أبين تجري كالدم في شرايين الارض وحين يسفك تفقد الأرض زمامها لتتخبط عشواء في الشتات ممزقة الرؤيا… ولهذا تم وضع الجرح في الجزء الأكثر حيوية من جغرافيا الجنوب.
لم يأت اختيار أبين كموقع للعنف والحروب دون حذق ورؤيا… كونها تقسم جسد الجنوب من الشرق الى الغرب الى نصفين، وبمصابها يتبعثر أي جهد جماهيري لإسترداد الحق وتضعف معنوياً كل القوى التي استفاقت منذ سنينها الخمس الماضية على واقع لم يعد معه التعايش السلبي مع تحلل القيم وضياع المستقبل ممكناً .
أبين تجد نفسها الأولى على بوابة التضحيات الجسام لأنها لم تتعود على الصمت أو فنون المساومات بكل نقاء وشجاعة أهلها.. الذين تسيل دماؤهم هذه الساعات في مديرية لودر الباسلة. وترد الأخبار أكثر سخونة من زخات الرصاص .
لقد أهلكنا المحللون وهم يقدمون تفسيرات كبيره حول أنصار الشريعة وإنهيار الألوية بمعداتها وسقوط المدن وتمدد الجيوب في المحافظات واختراقات هنا وهناك وخلايا نائمة… وتوظيف الاحداث والموت هذا بين طرفي السلطة ومراكز القوى في صنعاء وذهول العالم مما يجري… لكن أحداً لم ينادِ بتضامن حقيقي مع الدماء المشردة ولم يبرز خطاباً واحداً جاداً لنصرة اهلنا هناك.
ولم تسر قوافل الإغاثه الحزبية أو الثورية او الدينية، فكيف تسير القوافل والموت يملأ الفضاء ضجيجاً بإسم اكثر الديانات تسامحاً في التاريخ البشري، أو يفترض به ان يكون هكذا، فالثورة أولاً كما يقولون حين يتعلق الأمر بالجنوب وخاصة ما يجري من قتل وتشريد ممنهجين، وأي ثورة .
ولا افق سيدفع عن أبين محنتها سوى دماء اهلها خاصة في عدم الحضور القوي لرفاق الأمس وأخوة المأساة الجنوبية. فالعتب يقع على أهل الدار أولاً. أما العواصم البعيده فإنها بعيدة جداً كما كانت وستكون.
أبين تسطر الآن على تخوم مديريتها البطله لودر أنصع الدروس العميقة في سياقها الإنساني حين يتنادى شبابها وشيبانها، نخبها وعامتها للدفاع عنها بأقل الأمكانيات، أو الموت دونها.. درس جديد لو كان في مكان آخر لضجت مواقع الإعلام بالتطبيل والتهويل والنفير. لكنها لودر الارض البعيدة عن منابر الخطباء ومديري المنصات ومهندسي أحزاب النضال من اجل السلطة المجيدة كهدف سامي لا رجعة عنه.
ومن هنا نوجه أيضاً حديثاً آخر ولكنه في نفس السياق :
إذ نتمنى على كل كتابنا ومثقفينا الان ان يشدوا من أزر الناس، الشباب، الجماهير، لكي لا تسقط معنوياتهم ونخسر ذخيرتنا الحية. فالجنوب أمام امتحانات عسيرة والمعارك تشتد في محافظة ابين الباسلة التي يسطر ابناؤها في هذا الوقت بالذات ملاحم بطولية وتضحيات جسيمة دافعين ثمناً باهظاً للدفاع عن البقاء.
وللأسف انه وعلى مقربة من الدماء نتبارى حول :
أيهما احسن فك الارتباط أم الفدرالية!!
وحول عدن وهل هي من الجنوب أم أتت من كوكب آخر وردود فعل هنا وهناك.
بينما الناس الآن بحاجه الى دعم معنوي هائل للصمود في أبين أولاً…
وثانياً ترميم اي خلاف وتضييق الشروخ ما استطعنا إلى ذلك تضييقاً.
لا احد يرحمنا اذا لم نرحم انفسنا ولا احد يتكلم اذا نحن صمتنا ولا احد غير الجماهير والشباب ابلغ تعبيراً.
لا احد يحرر رقابنا غير سواعدنا ولا أحد يقدم لنا أي شئ مجانا.. لهذا يجب الاحتفاظ بكل الطاقات وتسييرها في مداربها الصحيحة ولمآربها الكبيرة .
ان على الجميع الاصطفاف وراء الناس ودعمهم لمواجهة التحديات الجسيمة أولاً… وضمان عدم التراخي او الانهيار… حتى نصبح في موقف اقوى واكثر تلاحم .
ولا يجب الإستهانة بأحداث أبين وقوتها وهي لو تعلمون تهديدا جادا لحياة الجنوب باكمله…
هناك للاسف من يحاول إيجاد معارك جانبية في عدن بين أهل عدن الاصليين (الأوريجينالس) كما يقولون، والمهاجرين من البوادي والأرياف، وردود أفعال غير عقلانية وغير مسؤولة، واجتهادات في قواميس التعريف العرقي والمناطقي وفتح جروح جديدة وكاننا قوميات اتت من وراء الأطلسي.. الخ من هذا الغثيان المفترض ان يكون مداناً جداً من كل الشرفاء في عدن وخارجها… في وقت يربض الموت امام كل بيت في الجنوب .
ننزع الشوك عن اجسادنا أيها الكتاب ونوجه طاقات الابداع في طريق الدفاع عن أبين والجنوب.. والدفاع عن الحراك الميداني (ثورة الجنوب السلميه) للحفاظ على بقائه ونضع الخلاف أو الإختلاف حول الاهداف في حوارات جنوبية- جنوبية ستاتي بالتاكيد، حيث لا مفر منها .
فالحلول لا ترقد الآن امام الابواب والعالم لم يقدم لنا بعد أي اختيارات حتى نتبارى حول ما يروق لنا منها، بينما لا يوجد أمامنا في العلن غير موت زؤام علينا تجنبه أولا… في سبيل الحياة والمستقبل .
فأبين أولى بالجهد والتضامن الآن.