الانتخابات المصرية بين الجد والهزل
خلااااااااويييص … لسه/ ماجابوش بوليس ؟… لسه/ ولا جابوا رئيس؟ … لسه/ عدلوا دستور؟… لسه/ العيش بطابور؟ … لسه/ حاكموا المخلوع؟ … لسه/ عالجولنا الجوع؟… لسه/ بطلنا معونة؟ … لسه/ حبسوا اللي باعونا؟ … لسه/ سبعين تمانين تسعين مية… طلعوا علينا الحراميه
خلاوييييييييييص ولا لسسسسسسسسسسه. العبارات الأخيرة ليست سوى واحدة من بين الالاف من الفكاهات والطرائف والتعليقات الساخرة التي تغص بها مواقع التواصل الاجتماعي وتحديداً “فايسبوك” للسخرية من الحالة التي آلت إليها الأوضاع في مصر. والظاهرة التي سلطت الثورة المصرية الضوء عليها قبل أكثر من عام، أعادت لها وهجها الانتخابات الرئاسية المصرية، فلم يسلم اي مرشح للسباق من السخرية. إلا أن المرشحين المحسوبين على التيار الاسلامي و”الفلول” نالوا النصيب الأكبر على اعتبار أن ترشحهم عد الأكثر استفزازاً لفئات مختلفة في الشارع المصري. ولعل الملصق الذي حمل عنوان “فلول ومخبر وحرامي.. قريباً بدور الرئاسة!” إلى جانب صور كل من الامين العام السابق لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، ومدير الاستخبارات السابق، عمر سليمان، ورئيس الوزراء السابق، أحمد شفيق، يختصر الموقف من رجالات عهد مبارك الأوفياء، فضلاً عن التعليق الذي تحدث وجود “اتفاق بين سليمان وشفيق وعمرو موسى لتشكيل تحالف رئاسي موحد”، قبل أن يضاف إليه “اتنين يشغلوا الزبون والتالت يقلِّبه”.
إلا أن لترشح سليمان وقعاً مختلفاً على رواد موقع “فايسبوك”، وخصوصاً أن مدير الاستخبارات المصري لطالما عُرف بقبضته الحديدة التي كانت تمسك بزمام الأمور في البلاد، فضلاً عن كونه من أبرز المسؤولين عن سياسيات التعذيب التي تعاني منها السجون المصرية، الأمر الذي كان سبباً في ظهور تعليقات من قبيل “يوم ما أبطل أعذّب هاكون ميت أكيد – التراس عمر سليمان”. أما السخرية من البرنامج الانتخابي فجاء على شكل “كلكم خالد سعيد”.
تعليق آخر رأى فيه مروجوه أن “ميزة عمر سليمان انه لا هايقلع امك الحجاب ولا هايلبسها ولا له دعوة بأمك اصلاً… هو عايزك انت يا معلم”، في حين جرت مقارنة سليمان بمختلف المرشحين بالقول “عمر سليمان هو الرئيس التوافقي: أقرع زي البرادعي، مجرم زي مبارك، حازم زي أبو اسماعيل وسياسي زي أبو الفتوح وعيل وبيرجع في كلامه زي الاخوان”.
الاخوان بدروهم نالوا نصيبهم من السخرية اللاذعة نتيجة اقتناع أطياف واسعة من النشطاء أن الجماعة قد ضللت الشارع المصري وهي شريك رئيسي في ما يجري نتيجة اختيارها طوال الفترة الماضية مهادنة العسكر على عكس الذين كانوا يصرون على مواصلة اعتصاماتهم. وهكذا تحول اسم حزب العدالة والحرية، الذراع السياسية للاخوان، إلى حزب “الخسة والندالة: النفاق هو الحل” يرافقه تعبير “خدعوني وباين في عنيهم، باعوني ودمي في إيديهم”. أما شعار بما لا يخالف شرع الله، الذي تعرف به جماعة الاخوان المسلمين بني عليه الكثير من التعليقات فـ ”بما لا يخالف شرع الله “… تم تكهين السيارة المرسيدس الخاصة برئيس مجلس الشعب، ”بما لا يخالف شرع الله “… تم شراء سيارة BMW بمليون و200 الف جنية للكتاتني/ ”بما لا يخالف شرع الله “..تم رصف الطرق المؤدية إلى فيلا الكتاتنى بأكتوبر على نفقة الدولة.
وإن كانت قيادات الاخوان عموماً وقعت في دائرة الاستهداف الإستهزائي، فإن مرشح الجماعة لمنصب الرئاسة خيرت الشاطر نال ما يكفيه. فهكذا تم استرجاع مقال من موقع “الاخوان أون لاين”، يتناول الوضع الطبي للشاطر إبّان تواجده في السجن. القائمة الطويلة التي تتحدث عن أن خيرت الشاطر يعاني من تضخم عضلة القلب وانسداد في الشرايين وقصور في الشريان التاجي؛ من ارتفاع شديد في ضغط الدم، وارتفاع حاد في السكر، استتبعت بتعليق “مش فاهم أنا لما انت عندك كل الأمراض دي مرشح نفسك للرئاسة ليه؟!! مهو يا أنت مريض وفي الحالة دي ماتنفعش تبقى الرئيس، يا أنت كذاب وبرضو في الحالة دي ما تنفعش تبقى الرئيس… اختار يا شاطر”. كذلك، صيغت الكثير من التعليقات الساخرة حول قرار الجماعة التراجع عن اختيار مرشح لمنصب الرئاسة ومنها “على فكرة بقى علشان منظلمش حد، انا جالي دلوقتي توضيح من واحد من الاخوان قالي… لما المتحدث الرسمي قال الجماعة لا تسعى للحكم… كان قصده المدام”، فضلا ًعن “الاخوان ما كدبوش لما قالو مش هنرشح حد للرئاسة… هما رشحو اتنين للرئاسة مش واحد!”.
من جهته، وجد المرشح السلفي، حازم ابو اسماعيل، نفسه، نتيجة الحملة الدعائية الواسعة التي انطلقت تأييداً له، أمام موجة من التعليقات الساخرة ومن بينها الملصق الذي يصور أبو اسماعيل يقول “وجدت شجرة في المعادي ليست عليها مصلقاتي… أترضاه لأختك” وأخرى: “سألته بتحبني قد إيه قاللها قد عدد بوسترات أبو إسماعيل، أغمى عليها من الفرحة”.
مبارك نفسه لم يكن غائباً فتم تحوير العبارة التي أطلقها هتلر حول اليهود “لقد كان في وسعي ان اقضي على كل يهود العالم….ولكن تركت بعضاً منهم لتعرفوا لماذا كنت ابيدهم” لتصبح “لقد كان في وسعي أن أعتقل جميع الاخوان لكني تركت البعض منهم لتعرفوا لماذا كنت اعتقلهم”.
وفي محاولة لتفسير هذه الظاهرة، أوضح استاذ علم الاجتماع المصري، رؤوف الضبع، “أن التعليقات الساخرة التي يعج بها موقع التواصل الإجتماعي فايسبوك تعكس “حالة ارتباك وجداني وعقلي”، لافتاً إلى أن الشعب المصري يعاني من “عدم وجود يقين في شي” وأنه في مثل هذه الحالات، فإن من طبيعة الشعب المصري اللجوء إلى السخرية كنوع من التلاءم الاجتماعي عن الواقع المر.
وأقر الضبع ان السخرية هي اعتراف ضمني بأن المصريين لا يملكون القوة للقيام بالتغيرات التي كان يرودونها. وفيما أوضح الضبع أن هذه التعليقات الساخرة كان يمكن أن توجه لتنظيم احتجاجي رشيد، اكتفى المصريون بجعلها وسيلة للتعبير عن مشاعر مخزونة لديهم.