تعود رغبة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في تعديل اتفاق شنغن لتنقل الأشخاص بين دول الاتحاد الأوروبي إلى ما قبل صدور نتائج الانتخابات الفرنسية، وهو ما اعتبره البعض «خطوة إيديولوجية» تشير إلى أن ساركوزي لا يقصد فقط محاباة اليمين المتطرف، بل عمل على فرض رؤية «أمنية» تحاكي التوجه اليميني للمجتمع الفرنسي.
وقد رفض رئيس البرلمان الأوروبي، مارتن شولتز، تأييد مسألة إعادة الرقابة على الحدود الوطنية التي سبق وطرحها وزيرا داخلية ألمانيا وفرنسا، ووصف شولتز هذه الخطوة بالمناورة الانتخابية لصالح ساركوزي. وأعلن شولتز بأنه ضد تقييد حرية التنقل داخل بلدان الاتحاد الأوروبي. وقال في تصريح لصحيفة «باساور نويه بريسه الألمانية» «هذه التصورات الغريبة حول تشديد مراقبة الحدود الوطنية لن تحصل على الأغلبية اللازمة لا في المجلس الأوروبي ولا في برلمان الاتحاد».
ويأتي تصريح شولتز كرد على وزير الداخلية الألماني هانس بيتر فريدريش وزميله الفرنسي كلود غيان، اللذين تدارسا «إمكانية إعادة الرقابة الحدودية الوطنية». ووصف شولتز هذه المبادرة بـ «المناورة الانتخابية لصالح نيكولا ساركوزي». وقال إن «هذا الاقتراح غير واضح»، وأضاف متسائلا: «هل سيتم توقيف الأشخاص فقط أم أيضا الشاحنات التي تحمل البضائع؟ وهل ستتم المراقبة في القطارات والمطارات؟». كما تساءل شولتز أيضا عن كيفية إعادة بناء البنيات التحتية على الحدود. وخلص إلى أنه «لا يمكن لإعلان ثنائي لاثنين من وزراء الاتحاد الأوروبي أن يلغي تشريعات الاتحاد الموحدة».
وكانت ألمانيا وفرنسا، قد وجهت الأسبوع الجاري رسالة للمطالبة بحق إعادة الرقابة على حدودهما، حسبما أظهرت وثيقة حصلت وكالة الأنباء الألمانية على نسخة منها، مما يعد تراجعا عن سياسة عمرها ٢٧ عاما أدخلت بالتدريج حرية الانتقال بين الكثير من دول القارة الأوروبية. وسوف يتم مناقشة الرسالة المؤرخة بتاريخ ١٧ الشهر الجاري نيسان/أبريل في اجتماع وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ.
وسيبحث وزير الداخلية الألماني هانزبيتر فريدريش ونظيره الفرنسي كلود غيان خلال الاجتماع «إمكانية إعادة الرقابة الحدودية الوطنية لمدة 30 يوما» في حال عدم ضمان مراقبة الحدود الخارجية لمنطقة شنغن كما ينبغي.
وتجدر الإشارة إلى أن اتفاقية شنغن، التي تضم حاليا 25 دولة أوروبية، تنص على عدم الرقابة على الحدود إلا في حالات استثنائية. وقال المتحدث باسم فريدريش للصحافيين إن ممثليه يريدون تمديد مساحة الاستثناءات لتشمل مواقف تخفق فيها دولة عضو في مراقبة الحدود الخارجية بشكل كاف مما يسمح بدخول أعداد كبيرة من المهاجرين غير الشرعيين. وأكد فريدريش في حوار تلفزيوني «نريد خطا ثانيا من السيطرة» حول الدول منفردة في مثل هذه الحالات». ويبدو أن توقيت الخطوة الذي كان بهدف مساعدة ساركوزي في الانتخابات الرئاسية باتت ضرورة لا غنى عنها لعودة الرئيس إلى الإليزيه بعد أن حصد اليمين المتطرف حوالي الـ ٢٠ في المئة من الأصوات.