مناظرة هولاند- ساركوزي: أنت سعيد … هذا كذب

هولاند أنت سعيد مهما يحصل... ساركوزي: هذا كذب
باريس – بسّام الطيارة
في انتظار يوم الحسم خاض مرشحا الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية الرئيس المنتهية ولايته نيكولا ساركوزي والمرشح الاشتركي فرانسوا هولاند، مناظرة تلفزيونية دامت ثلاث ساعات واتسمت بالحدة. إلا أن الصورة التي انطبعت لجميع المراقبين هو مرشح اشتراكي في موقف الهجوم ومرشح يميني في موقف الدفاع. وكانت مواضيع الهجرة والإسلام والتنمية الاقتصادية والعمل والسياسة الخارجية الفرنسية على طاولة اللقاء الذي تتطلب التحضير له «خمس اجتماعات للمساعدي المرشحين» حسب ما ذكر لـ«أخبار بووم» أحد العاملين في الفريق التلفزيوني، وتم التفاوض خلال هذه الاجتماعات أدق التفاصيل بدءاً من ارتفاع وعرض الطاولة التي فصلت بين الرجلين وصولاً إلى عدد الكاميرات وموضع وكل منها مروراً بـ«…درجة حرارة الصالة التي اتفق على أن تكون بحدود الـ ١٩ درجة مئوية».
رغم هذا فقد كان النقاش ساخناً ومنذ الدقائق الأولى ودخل الرجلان في النقاش معركة كلامية تميزت بالأخذ والرد بجمل قصيرة وسريعة ومتتالية، لتحول اللقاء إلى مواجهة حادة ارتفعت وتيرتها وانخفضت وفقا لحساسية المواضيع المتناولة ولطروحات المرشحين.
ويمكن القول إن المرشح الاشتراكي لم يترك أي فسحة لخصمه وكان هجموياً من اللحضة الأولى بينما اكتفى ساركوزي بمحاولة الدفاع عن نتائج خمس سنوات ماضية في الإليزيه. وبدأت المناظرة بمبارزة كلامية حول مفهوم «توحيد الفرنسيين» في ظل وضع الاقتصادي متراجع. وأكد هولاند الذي افتتح المناظرة نتيجة لسحب قرعة قبل بدأ المناظرة أنه يريد أن يكون « رئيس تحت شعار جمع الفرنسيين» وأضاف «كان الفرنسيون منقسمين وأريد أن أوحدهم»و اعتبر هذا «تغييرا يريد أن يطرحه». وبالمقابل أكد ساركوزي أن «البعض يتحدث عن جمع الفرنسيين بينما هو قام بهذه الخطوة وجمع الفرنسيين »
وعند الانتقال إلى الوضع الاقتصادي أشار هولاند إلى «نسبة البطالة» خلال ولاية ساركوزي وقال «ازدادت البطالة لدينا وتراجعت تنافسيتنا» فرد ساركوزي أن «ألمانيا تقوم بعكس مايقترحه الاشتراكيون». فرد الاشتراكي بأنه يطرح «ضرورة إطلاق عجلة النمو لمعاجلة مشاكل البطالة والعمل والانكماش الاقتصادي»، فما كان من ساركوزي إلا أن طرح مجموعة من الأسئلة حول «النفقات اللازمة لتمويل النمو والمشاريع التي يعد بها» مناظره وانتقد الأرقام التي قدمها هولاند عن حصيلته ولايته في في مجال البطالة والتنمية، وبرر التخفيضات الضرائبية بأن «تكلفة العمل في فرنسا مرتفعة بالمقارنة مع عدد من الدول الأخرى».
وهو ما دفع نحو جدل حاد حول السياسة الضريبية لساركوزي التي وصفها هولاند بـ«مجموعة من الهدايا التي قدمها إلى المقربين منه الأغنياء». واكتفى ساركوزي بوصف هذا بـ« التشجيعات لإطلاق عجلة الاقتصاد».
وكان موضوع الهجرة ووضع المهاجرين والإسلام في فرنسا من أسخن دقائق اللقاء، وارتفعت وتيرة التراشق الكلامي حين طرح المرشح الاشتركي سؤالاً مباشراً على ساركوزي حول العلاقة التي يشدد عليها بين «المهاجرين والمسلمين في مسألة حق التصويت الأجانب في الشؤون البلدية» وقال «لماذا تعتبر أن كل المهاجرين القادمين من خارج أوروبا هم مسلمون؟». فرد ساركوزي واصفاً بـ«اللامسؤول كل رئيس للجمهورية يمنح حق الانتخاب للأجانب في الاستحقاقات المحلية بالنظر لوضع الإسلام في فرنسا» بسبب الخوف من «التصويت الطائفي». هنا سعى هولاند إلى إبراز التناقض لدى ساركوزي عبر التشديد على «وجود فرنسيين مسلمين لا يصوتون طائفياً». وبعد مرور سريع على قانون الحجاب الذي أيده المرشحان وقانون منع البرقع الذي شدد هولاند على أنه «لن يلغيه» وإن كان الحزب الاشتراكي رفض التصويت عليه حين طرح على البرلمان لأنه «استعمل سياسياً ويطال ٣٠٠امرأة فقط»، فرد عليه ساركوزي بأن هذا القانون «حرر ٣٠٠ امرأة».
ثم عرج المرشحان على مواضيع أخرى كمستقبل الطاقة النووية في فرنسا ودور فرنسا في العالم ومسألة الانسحاب من أفغانستان. حيث لم يكن التباين واضحاً بين خطي المرشحين.
في ختام المناظرة استعمل هولاند أكثر من عشرين مرة بداية مقطع يقول فيه «أنا رئيس الجمهورية سوف …» ليعدد طروحاته وأنهى خلاصته بالقول «إن على الفرنسيين الاختيار بين الاستمرار مع حكم ساركوزي أو التصويت من أجل مستقبل الشباب والعدالة وتوحيد الفرنسيين وكل من يرتبط بقيم الجمهورية ويطمح إلى نشر إشعاعها في العالم» وأضاف في رد على دعايات حزب اليمين «ليس هناك أي خوف على الفرنسيين الاختيار يوم الأحد المقبل»
وعقب ساركوزي في ختام اللقاء قائلاً«إنني أحترم تصويت كل الفرنسيين سواء الذين صوتوا لمارين لوبان أو الذين صوتوا لصالح فرانسوا بايرو» في دعوة صريحة لهؤلاء للتصويت له، وهو أمله الوحيد للفوز إذ يتمتع هولاند بفارق يتراوح بين ٤ و٥ نقاط حسب استطلاعات للرأي الأخيرة قبل ثلاثة أيام على الاستحقاق رغم أن ساركوزي قلص الفارق في الأيام الأخيرة.