أمانو في طهران: متفائل رغم استبعاد تفتيش موقع بارشين
وصل المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، يوكيا أمانو، إلى طهران يوم الاثنين مبديا تفاؤله بشأن امكان التوصل لاتفاق لتفتيش مواقع يشتبه بانها خاصة بابحاث صنع قنابل نووية في انفراجة محتملة تأمل إيران ان تقنع الغرب في البدء في رفع العقوبات وانهاء التهديدات بالحرب.
وقال أمانو للصحافيين في مطار فيينا يوم الأحد قبل توجهه إلى إيران “اعتقد حقا ان هذا هو الوقت المناسب لمحاولة التوصل إلى اتفاق. لا شيء مؤكداً لكن فلنبقى متفائلين”.
وأضاف انه تم بالفعل احراز “تقدم جيد”.
ولكن رغم ان محادثات أمانو المقررة يوم الاثنين مع إيران تأتي من دون اشعار مسبق مما جعل دبلوماسيين يقولون انه يبدو ان اتفاقا بشأن القيام بعمليات تفتيش جديدة قريب لا يرى كثيرون ان بامكان إيران اقناع الحكومات الغربية بتخفيف العقوبات سريعا خلال محادثات بغداد.
وذكرت وكالة انباء الجمهورية الاسلامية الايرانية ان علي اصغر سلطانية ممثل ايران الدائم لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية كان في استقبال امانو لدى وصوله الى مطار الامام الخميني.
وسيجتمع أمانو في وقت لاحق يوم الاثنين مع رئيس وفد التفاوض الإيراني سعيد جليلي في طهران قبل يومين من اجراء جليلي محادثات في العاصمة العراقية مع كاثرين اشتون مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الاوروبي والتي سترأس اتئلافا من ست قوى يضم الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الامن بالاضافة إلى ألمانيا.
ويقول دبلوماسيون ان إيران بتعهدها بالتعاون مع مفتشي الامم المتحدة ربما تهدف إلى تعزيز موقفها قبل المفاوضات الموسعة حيث تريد الولايات المتحدة وحلفاؤها من إيران التوقف عن اعمال يقولون انها غطاء لانتاج اسلحة نووية. وأدت العقوبات الغربية على صادرات الطاقة الإيرانية وتهديدات إسرائيل وواشنطن بالقيام بعمل عسكري ضد إيران إلى ارتفاع اسعار النفط العالمية.
ويقول دبلوماسيون غربيون ان أمانو وهو دبلوماسي ياباني مخضرم ما كان ليقدم على زيارة نادرة لطهران إلا اذا كان يعتقد ان بالامكان التوصل إلى اطار اتفاق يتيح لمفتشيه حرية اكبر في عملياتهم.
ونقلت وكالة الطلبة الإيرانية عن وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي قوله “نعتبر هذه الزيارة …بادرة على حسن النوايا”. وأضاف انه يأمل في التوصل إلى اتفاق على “شكل جديد” للعمل مع الوكالة التابعة للامم المتحدة “يساعد في إزالة الغموض”.
وتريد الوكالة الدولية للطاقة الذرية السماح لها بزيارة المواقع التي ترغب في تفتيشها ومقابلة مسؤولين والاطلاع على وثائق لالقاء الضوء على أنشطة إيرانية يمكن استخدامها لاكتساب القدرة على صنع اسلحة نووية وخصوصا مجمع بارشين العسكري الواقع جنوب شرقي طهران.
ولم يسفر اجتماعان بين إيران ومساعدين كبار لأمانو في طهران في يناير/ كانون الثاني وفبراير/ شباط عن اي تقدم ملحوظ. لكن الجانبين عبرا عن تفاؤلهما بعد جولة المحادثات التي عقدت في فيينا يومي 14 و15 مايو/ ايار مما أنعش الآمال في امكانية احراز تقدم.
وقال أمانو “نحتاج إلى مواصلة قوة الدفع. حدث تقدم جيد خلال جولة المحادثات الاخيرة بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية” مضيفا انه لا يتوقع زيارة موقع بارشين خلال زيارته القصيرة لطهران التي تستمر لمدة يوم واحد.
ويقول مسؤولون غربيون ان موافقة إيرانية على ما يسمى “نهج منظم” يحدد القواعد الأساسية لكيفية الرد على تساؤلات الوكالة الدولية للطاقة الذرية ستكون موضع ترحيب الا انه سيظل من المنتظر رؤية كيف ومتى سيتم تطبيق ذلك عمليا.
وقال مبعوث غربي قبل زيارة أمانو لإيران ومحادثات بغداد “سنرى ما إذا كان الإيرانيون سيوافقون على السماح للوكالة بزيارة موقع بارشين. عندي شكوكي الخاصة بي فلا يهم ما الذي يقوله اي اتفاق على الورق.”
ولن يكون مثل هذا الاتفاق كافيا في حد ذاته لتبديد بواعث القلق الدولية. وتريد القوى العالمية من إيران وقف تخصيب اليورانيوم وهي عملية يمكن ان يكون لها استخدام مزدوج مدني وعسكري.
وتصر إيران على ان برنامجها النووي لا يهدف إلا لتوليد الكهرباء واستخدامات مدنية اخرى. وإيران من الدول الموقعة على معاهدات تلزمها بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وذلك خلافا لإسرائيل التي يفترض انها تتملك الترسانة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط.
وقال دبلوماسي اخر عن اجتماع بغداد الذي جرى الترتيب له من خلال اجتماع القوى الست مع إيران في اسطنبول الشهر الماضي والذي انهى تعليق المحادثات الذي استمر لاكثر من عام “لن نفعل شيئا محددا مقابل كلمات معسولة.”
وأضاف الدبلوماسي “مما يمكن افتراضه اننا سنحصل على فكرة حول ما الذي يبدي الإيرانيون استعدادهم للقيام به.. يبدو انهم مهتمون باحراز تقدم.”
وقال دبلوماسي غربي اخر “ما نحتاجه الان – بالنظر إلى الوضع في المنطقة- خطوات ملموسة وعاجلة. ولذا فسوف تتركز محادثاتنا على شيء يمكن تطبيقه بسرعة كبيرة.”
وزاد زعماء مجموعة الثماني القلقين من تأثير ارتفاع اسعار النفط على اقتصاداتهم المتعثرة الضغوط على إيران يوم السبت وابدوا استعدادهم للجوء الى مخزونات الطواريء النفطية سريعا هذا الصيف إذا تسببت عقوبات جديدة أشد على إيران في تهديد الإمدادات.
وقال الرئيس الأمريكي باراك اوباما “كلنا ملتزمون بقوة بمواصلة نهج العقوبات والضغوط مع المناقشات الدبلوماسية.”
ومثل الولايات المتحدة لم تستبعد إسرائيل التي تعتقد بأن تسليح إيران نوويا سيهدد وجودها شن ضربات جوية على إيران لمنعها من اكتساب قدرات نووية اذا باءت الجهود الدبلوماسية بالفشل.
وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف يوم الأحد انه يجري في بعض الدول الغربية بحث القيام بعمل عسكري ضد إيران بسبب برنامجها النووي.
وأضاف ريابكوف للصحفيين في طريق عودته من قمة مجموعة الثماني “هذا واحد من مؤشرات مختلفة كثيرة تأتي من مصادر متنوعة تفيد بأن العمل العسكري يدرس كخيار واقعي وممكن.”
وعبرت إسرائيل عن تشككها في الجهود الدبلوماسية قائلة إن إيران تحاول فقط كسب الوقت.
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي افيجدور ليبرمان الأحد “لا نرى اي استعداد من الجانب الإيراني للتخلي عن طموحاتهم النووية وبالنسبة لهم فإن كل المحادثات- من وجهة نظرنا- خداع واضح.”
وتسعى القوى العالمية خلال محادثات بغداد إلى اقناع إيران بالتوقف عن عملية تخصيب اليورانيوم إلى مستويات أعلى والتي بدأتها قبل عامين وعملت على تعزيزها منذ ذلك الحين مما يقصر الوقت الذي تحتاجه لأي محاولة لصنع أسلحة.
وتقول إيران انها تحتاج إلى اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المئة من اجل مفاعلها للابحاث الطبية.
وقال مستشار للزعيم الأعلى الإيراني اية الله علي خامنئي ان هناك آمالا في ان تسفر محادثات بغداد عن تحقيق نجاح.
لكن وكالة انباء مهر نقلت عن علي اكبر ولاياتي قوله ان إيران لن “تتسامح مع أي ضغوط وستقرر مصيرها بحرية كاملة في القضية النووية.”
وتريد الوكالة الدولية للطاقة الذرية من إيران معالجة القضايا التي اثارها تقرير للوكالة العام الماضي والذي كشف عن معلومات مخابراتية تشير إلى وجود أنشطة في الماضي وربما لا تزال مستمرة تهدف إلى تطوير اسلحة ذرية.
وتقول إيران ان هذه المعلومات مختلقة وتعارض حتى الان طلبات للمفتشين لزيارة موقع بارشين.
ويقول دبلوماسيون غربيون انهم يشتبهون في ان إيران تطهر الموقع لازالة اي ادلة تدينها وهو اتهام تنفيه طهران.
وقال دبلوماسي غربي “آمل ان يطلب أمانو زيارة مفتشيه لموقع بارشين..ولكن يبدو انه تخمين عشوائي لي.”
ويقول دبلوماسيون ان القوى الست ستهدف على الارجح إلى انتزاع عرض من طهران بتطبيق بعض القيود المحدودة والبدء في عملية لتقديم تنازلات تدريجية على الأمد الطويل من كلا الجانبين.
وقال دبلوماسي انهم يأملون في ان تكون العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الدول الغربية العام الماضي ضد عائدات النفط الحيوية لإيران والقدرة على التجارة مع شركاء دوليين كافية لارغام إيران على اتخاذ تلك الخطوة الأولى.