«أم المعارك الانتخابية» في مصر «أم الدنيا»
فيما تتوجه أنظار العالم نحو مصر «أم الدنيا» لترقب نتائج انتخابات «تاريخية»، يتوجه المصريون اليوم الاربعاء وغداً الخميس الى مراكز الاقتراع للمشاركة لأول مرة في تاريخهم في انتخابات رئاسية لا يعرفون نتيجتها مسبقاً، وتسود البلاد حالة من الاثارة والحذر.
وقد دعا المجلس العسكري المصريين للمشاركة في الاقتراع محذراً من الفلتان الأمني أو الخروج عن القانون. وقال عضو المجلس العسكري اللواء «محمد العصار» في مؤتمر صحافي إن «مشاركة المواطنين فى الانتخابات الرئاسية هي خير ضمان لنزاهة العملية الانتخابية» ووصف الانتخابات بأنها سوف تكون «بإرادة حرة». وأضاف، بحسب وكالة انباء الشرق الاوسط، «نحن نراهن على الشعب المصري، ولا نعتقد ان أحدا سيعترض على نتائج الانتخابات»، وشدد على أن «أي خروج على القانون سيواجه بكل حزم وحسم»، وأن الجيش «لن يسمح بأي تجاوز أو أي تأثير على العملية الانتخابية أو الناخبين».
ويشارك نحو 50 مليون ناخب وناخبة في التصويت للاختيار رئيس للبلاد بين ١٢ مرشحا يخوضون الانتخابات.
لكن المنافسة الحقيقية تدور بين خمسة مرشحين فقط، اثنان منهما عملا مع حسني مبارك هما وزير خارجيته طوال عقد التسعينات الامين العام السابق للجامعة العربية «عمرو موسى» وآخر رئيس وزراء في عهد الرئيس السابق، القائد الاسبق للقوات الجوية المصرية «أحمد شفيق».
وينتمي مرشحان آخران للتيار الاسلامي هما رئيس حزب الحرية والعدالة المنبثق من جماعة الاخوان المسلمين «محمد مرسي» والقيادي السابق في الجماعة الذي انشق عنها العام الماضي وبات يقدم نفسه ممثلا للإسلام الوسطي المعتدل «عبد المنعم ابو الفتوح».
أما المرشح الخامس، الذي صعدت اسهمه اخيرا وجاء في المرتبة الثالثة في انتخابات المصريين في الخارج فيأتي من اليسار الناصري وهو «حمدين صباحي».
ولا توجد استطلاعات موثوقة للرأي في مصر. وحتى الاستطلاعات التي اجرتها بعض الصحف أخيرا لا تتيح التكهن باتجاهات التصويت إذ اظهرت جميعها أن أكثر من ٤٠ في المئة من المصريين لم يكونوا قد حسموا أمرهم حتى نهاية الاسبوع الماضي.
عمرو موسى، ركز في دعايته على خبرته كرجل دولة سابق يستطيع إدارة البلاد بعد فترة انتقالية مضطربة وشدد على أن مصر «لا تحتمل ان تكون حقل تجارب» مشككا بذلك ضمنياً في قدرات «مرشحي الثورة» حسب قوله الذين لم يعمل اي منهم في الجهاز التنفيذي للدولة مسبقاً.
أحمد شفيق اعتمد بشكل اساسي في حملته على أنه سيضمن استقرار البلاد وسيوقف الانفلات الامني الذي صاحب اهتزاز جهاز الشرطة منذ سقوط نظام مبارك في شباط/فبراير ٢٠١١.
وقد هاجم شفيق التيار الاسلامي في محاولة لكسب أصوات الأقباط من جهة ولاستغلال بعض التراجع في شعبية جماعة الإخوان المسلمين خلال الأشهر الأربعة الأخيرة نتيجة ادائهم الملتبس في البرلمان الذي يهيمنون عليه مع حزب النور السلفي (أكبر الاحزاب السلفية).
مرشح جماعة الاخوان محمد مرسي يعتمد اساسا على ماكينة انتخابية كبيرة للجماعة، التي لا تزال اكبر القوى السياسية في مصر وأكثرها تنظيماً.
ويخوض مرسي الانتخابات استنادا الى مشروع لتحقيق “النهضة” وضعه اساسا نائب المرشد العام للاخوان الرجل القوى في الجماعة «خيرت الشاطر» الممنوع من خوض السباق الرئاسي لصدور حكم ضده في عهد مبارك يحرمه من حقوقه السياسية.
أما عبد المنعم ابو الفتوح، الذي يحظى بدعم حزب النور وجزء من الليبراليين واليساريين، فيطرح نفسه مرشحا للتوافق او “الاصطفاف الوطني” ويؤكد انه قادر على انهاء حالة الاستقطاب السياسي ما بين القوى الاسلامية من جهة والقوى الليبرالية واليسارية التي شهدتها مصر بعد اطاحة مبارك.
ويستهدف حمدين صباحي كسب اصوات الفقراء، الذين يشكلون الاغلبية في البلد ، وظل يكرر خصوصا خلال الأيام الأخيرة للحملة الانتخابية أنه سيكون «سنداً وظهراً للفقراء». كما حرص على الابتعاد عن الحركات الاسلامية مشدداً على أنه “«مسلم وسطي».
ومنذ اسبوع او اكثر قليلا، لا حديث للمصريين الا عن الانتخابات، سواء في الشوارع او في اماكن العمل او في المنازل او على شبكات التواصل الاجتماعي.
ومن المقرر ان تجرى جولة ثانية للانتخابات في ١٦ و١٧ حزيران/يونيو المقبل أذا لم يحصل اي مرشح على الاغلبية المطلقة في الجولة الاولى وهو الأمر المرجح. وكرر رئيس الوزراء المصري كمال الجنزوري الثلاثاء النداء الذي وجهه المجلس العسكري الاثنين الى احترام وقبول نتائج الانتخابات ايا كانت.
وقال رئيس المنظمة المصرية لحقوق الانسان حافظ سعدة في مؤتمر صحافي إن تحالف يضم ثلاث منظمات حقوقية تقدم الى لجنة الانتخابات بطلب «الحصول على ١٣٠٠ تصريح مراقبة لكن اللجنة لم توافق سوى على ٩٠٠ تصريح لم يصل منها حتى الان سوى ٥٣٥ تصريحا فقط».
لكن أبو سعده اكد ان ذلك لن يعيق المنظمات عن مراقبة جميع اللجان من خلال نشر مراقبيها خارجها لرصد أي مخالفات.