انفتاح قطر على السوق الأوروبي: متسوق بجيبه 80 مليار دولار
بعدما امتدت موجة التسوق القطرية الى شراء حصص واسهم في شركة اكستراتا العملاقة للتعدين ومجموعة ال في ام ايتش للسلع الفاخرة ومجموعة لاغاردير الاعلامية الفرنسية وشركتي شل وتوتال النفطيتين العملاقتين، دخلت دولة قطر في ما يطلق عليه المحللون “المعادل المالي لمتسوق بجيبه 80 مليار دولار يريد انفاقها في سوبرماركت”.
وذهب مراقبون الى ان رحيل الرئيس السابق لقسم الاستحواذ والاستملاك في قطر القابضة، انتوني ارمستورونغ، دفع آخرين اشد تحمسا لعمليات الاستملاك الى المقدمة وخاصة رئيس الشركة التنفيذي احمد محمد السيد.
واياً تكن الشرارة التي اطلقت موجة التسوق الأخيرة، فان قطر القابضة لا تبدي علائم على التخفيف منها، إذ لدى الشركة 80 مليار دولار من النقد الذي يفتح ثقبا عميقا في جيبها الكبير وتعهدت بانفاق 13 مليار جنيه استرليني (20.41 مليار دولار) اخرى هذا العام وحده مع تخصيص نسبة كبيرة منها لشركات مسجلة في منطقة اليورو أو بريطانيا.
ونقلت صحيفة الـ”ديلي تلغراف” عن مصدر مطلع ان لدى القطريين ثقة باوروبا. واضاف “انهم مستثمرون على المدى البعيد وهم متفائلون جدا بما يجري الآن”.
في هذه الأثناء اعلن المسؤول الاداري في جهاز قطر للاستثمار، حسين العبد الله، انه مستعد لشراء أي شيء إذا كان السعر مناسبا.
وقال محللون ان مثل هذه التصريحات تتيح القاء نظرة نادرة على نشاطات صندوق متكتم عادة يتنافس مع صناديق سيادية اكبر واشد تمرسا وهو يبحث عن علامات تجارية راقية أو اصول استراتيجية ذات بعد تنموي يشمل قطر ايضا.
ولكن مصرفيين قالوا ان من الصعب فهم اقبال قطر على الشراء ذات اليمين وذات الشمال. وان شراء حصص في توتال وشل وسط شائعات بان قطر تدرس ايضا وضع شركة ايني الايطالية، لا ينسجم مع المحاولات الرامية الى تنويع ارصدتها بعيدا عن قطاع النفط والغاز. كما ابتاعت قطر حصة في شركة لاغادير الاعلامية الفرنسية التي تملك مجلتي باري ماتش وايل واستثمرت ايضا في شركة سيمنس الالمانية.
ولكن صحيفة الديلي تلغراف نقلت عن مصادر قريبة من قطر القابضة انه ليس من الصحيح بالضرورة وصف المؤسسات الاستثمارية بأنها “انتهازية”. فان “فرصا تسنح من حين الى آخر للاستثمار على نحو ذي في شركات ذات نوعية عالية، مسجلة وغير مسجلة. وان مجمل البيئة الاقتصادية السائدة توفر بعض الأحيان عددا كبيرا من مثل هذه الفرص”.
وفاجأت حصة قطر القابضة في شركة اكستراتا للمعادن التي تقدر قيمتها بنحو 2.4 مليار جنيه استرليني المساهمين الآخرين في الشركة الاستخراجية، معربين عن القلق من ان تكون الحصة غيرت ميزان القوى لصالح شركة غلينكور في محاولة اقناع ما يكفي من المساهمين في الشركة السويسرية للموافقة على عملية دمج مقترحة بقيمة 90 مليار دولار. ولكن مصادر قالت “ان قطر القابضة تدعم الادارة عموما وهي لا تحرض على اجراء تغيير”.
كما اكد احمد السيد طموحات الشركة في قطاع السلع قائلا ان غياب الاستثمار في عموم القطاع يشير الى شحة قادمة وارتفاع في الأسعار ابتداء من 2016.
ولكن هناك عادة أكثر من زاوية واحدة في استثمارات قطر بصفة عامة. ويمكن ان يعود ذلك، كما يرى مراقبون، الى الرغبة في اقامة شراكات طويلة الأمد مع شركات عامة كبرى أو التفكير الاستراتيجي أو مجرد البحث عن قنوات لتشغيل المال. ومن الأمثلة على ذلك شراء قطر 5.98 في المئة من كريدي سويس وامتلاك مقر البنك واستخدامه بصفة مستشار.
واسهمت اقامة كأس العالم عام 2022 في تسريع الاستثمارات القطرية في كرة القدم سواء من خلال قطر القابضة أو مباشرة من الخزانة الاميرية. وقال مصدر في سوق لندن المالية “اينما يضعون المال سيأتي المزيد من مصدر مختلف ولكن بطريقة تفكير واحدة وراءه”.
ويتبدى مردود استثمارات مثل الاستثمار في بورش وفولكسفاغن في بناء واحات علمية في الدوحة بمساهمة شركتي السيارات في تزويد هذه المشاريع بالملكية الفكرية.
ولكن ثروة قطر الحديثة نسبيا ارتبطت اساسا بالغاز الذي تملك منه 26 ترليون متر مكعب يشكل ثالث اكبر احتياطي في العالم. ونتيجة لذلك ارتفع دخل الفرد الى 83 الف دولار سنويا، لا تتقدم عليها إلا الملاذ المصرفي ليشتنشتاين.
ويعمل امير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، الذي درس في كلية ساندهرست الحربية البريطانية، على تعزيز نفوذ الامارة السياسي والاقتصادي في العالم فضلا عن بناء قدراتها الرياضية. وفي هذا الاطار أُقيم تحالف عسكري مع الولايات المتحدة وأُنشئت شبكة “الجزيرة” الاعلامية كما تقول صحيفة الديلي تلغراف مضيفة ان قطر خلصت الى انها تستطيع ان تعزز مكانتها الدولية باستعراض عضلاتها المالية في اوروبا حيث يواجه المستثمرون الآخرون اوقاتا عصيبة.