ألآن غريش – الانتخابات الرئاسية ومأزق الثورة
ألآن غريش
هكذا صوت المصريون في ٢٣ و٢٤ من الشهر الماضي لانتخاب رئيساً لهم. المؤشرات تدل على أن الدورة الثانية سوف تكون بين مرشح للإخوان المسلمين «محمد مرسي» وبين وزير سابق لحسني مبارك «أحمد شفيق» الذي يعتبره العديدون بأنه «ممثل النظام السابق».
بالطبع يتطلب الأمر تحليلاً دقيقاً لكل الدوائر لفهم حقيقة ما حصل إلا أنه يمكن ملاحظة بعض الأمور: ففي الاسكندرية التي تعتبر «معقلاً إسلامياً» جاء الناصري في المقدمة ويليه الإسلامي المدعوم من السلفيين «أبو الفتوح».
النتائج النهائية سوف تصدر بعد أيام إلا أنه يمكن استخلاص بعض الدروس من الانتخابات.
أولاً نسبة المشاركة التي دارت حول الـ ٥٠ في المئة وهي مشابهة للانتخابات النيابية لعام ٢٠١١. ويدل ذلك إن لزم الأمر على أن الشعب المصري رغم الضائقة الاقتصادية والاجتماعية ودوام القلق في الفترة الانتقالية، ما زال يعطي أهمية للعملية الانتخابية. وكون الأصوات تجمعت لدى خمسة مرشحين مع فوارق قليلة جداً، يدل ذلك على حيرة المواطنين.
والرقم الذي حصل عليه مرشح الأخوان والذي يمثل تقريباً ربع الأصوات (٥،٥ مليون صوت) هو أقل بكثير من الأصوات التي حصل عليها الإخوان المسلمين في الانتخابات النيابية (حوالي الـ٥٠ في المئة).
توجد أسباب كثيرة لهذه الفوارق والابتعاد عن المرشح الإسلامي، إذ أن الإخوان بتقديمهم مرشح للانتخابات الرئاسية يكونوا قد تراجعوا عن «وعد بعدم تقديم مرشح» قدموه مباشرة عقب سقوط مبارك، وظهروا وكأنهم تراجعوا عن وعودهم. كما أن ممارسة نوابهم في البرلمان والتي كان للمجلس الأعلى للقوات المسلحة مساهمة بها. أظهرت الإخوان المسلمين وكأنهم يريدون وضع اليد على كتابة الدستور الجديد، وعدم قدرتهم على التوافق والتفاهم مع القوى السياسية الأخرى للتوصل إلى إنشاء لجنة دستورية. بشكل يجعل الرئيس المقبل من دون صلاحيات واضحة ومحددة (أنظر إلى كتابة «كام ماك غراث» (Cam McGrath) )، أضف إلى ذلك الانقسام الذي ساد صفوفهم.
يصل أحمد شفيق القائد العسكري للقوات الجوية السابق ووزير الطيران المدني (بين ٢٠٠٢ و٢٠١١) في المرتبة الثانية بحصوله على (٥،٢ مليون صوت) وله صورة جيدة بسبب تحسينه لإداء شركة الطيران الوطنية رغم أن الكاتب الكبير علاء الأسواني يتهمه بالفساد.
وكان مبارك قد اختاره كرئيس للوزراء مباشرة بعد انطلاق المظاهرات في ساحة التحرير. السؤال هو كيف حصل على هذه النسبة في حين أن «فلول النظام» لم تستطع إيصال سوى عدد محدود من النواب؟
أولاً في مرحلة الانتخابات النيابية لم يكن هناك أي حزب منظم ليمثل النظام السابق بعد أن حلّ الخزب الوطني الديموقراطي الحاكم آنذاك، وقد استطاع شفيق أن يعيد تركيب شبكة علاقات الحزب. أضف إلى ذلك أن «تعب» المواطنين من مرحلة انتقالية طويلة تركت آثاراً سلبية على الاقتصاد خصوصاً السياح. كما أن شفيق حصل على نسبة لابأس بها من أصوات الأقباط هذه الأقلية القلقة من سيطرة الإخوان المسلمين (إقرأ جمال عصام الدين في الأهرام أون لاين). رغم أن على الأقباط الحذر من العسكر ومن رجال النظام السابق الذين يلعبون على الشعور الديني للتمسك بالسلطة (اقرأ مصر والقمع الدموي ضد الأقباط). رغم هذا لم يتردد شفيق لجمع الخائفين من الثورة حوله من الابتعاد عن طروحاتها (إقرأ Egypt independent بتاريخ ٢٦ أيار/مايو) بعكس «عمرو موسى» (٢،٤ مليون صوت) إلا أن المفاجأة أتت من الناصري «حامدين صباحي» (٤،٧ مليون صوت) وهو معارض سابق ومنمؤسسي حركة «كفاية» عام ٢٠٠٤ ، إلى جانب كونه من معارضي التطبيع مع إسرائيل، وهو مناهض للمجلس العسكري وأعلن مراراً أنه مستعد للتعاون مع بقية مرشحي الثورة مثل «أبو الفتوح» (٤ ملايين صوت).
ومن الملاحظ إحباط مؤيدي أبو الفتوح بسبب هذه النتيجة إذ أنه بعد أن طرد من حزب الإخوان بسبب ترشحه منفرداً ورغم دعم السلفيين ممثلين بحزب «النور» (بسبب خوفهم من هيمنة الإخوان إقرأ في Middle East Institute ) وانفتاحه على المجتمع المدني بما فيهم «وائل نعيم» وشبان من انشقوا من الإخوان فهو استطاع أن يجممع بين الإسلاميين والمطالبين بدولة مدنية والسؤال هو ما إذا كان ذلك سبب عدم نجاحه؟ (إقرأ في Egypt News).
طلب حزب النور من مؤيديه أن يصوتوا في الدورة الثانية لصالح مرسي وإن هو طالب من الإخوان بأخذ مبادرات لطمأنة المواطنين (إقراأ في أهرام أون لاين).
في النهاية سوف تشهد الانتخابات في ١٦ و١٧ حزيران/يونيو منافسة بين مرشح الإخوان المسلمين ومرشح النظام السابق. الأول سوف يحاول أن يظهر وكأنه الوحيد القادر على المحافظة على مكتسابا الثورة، من دون أن يكون الإخوان مستعدين للتحالف مع المرشحين الخاسرين عبر تقديم تنازلات لهم. ولكن هل يقبل لاعبو الثورة بالسماح بانتخاب عضو في النظام السابق؟ هنا يكمن مأزق هؤلاء رغم إدراكهم بأن كل شيء لا يتقرر في صناديق الاقتراع.