- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

الديبلوماسية الفرنسية تتلون بالواقعية والبراغماتية

جورج مالبرونو
تبدو الديبلوماسية التي حملها معه وزير الخارجية الجديد «لوران فابيوس» مطبوعة بالواقعية والبراغماتية، وقد ظهر ذلك عبر المقابلة الصحافية التي نشرتها جريدة «لوموند». بالنسبة للشرق الأوسط يمكن استخلاص درسين:
الدرس الأول متعلق بالملف السوري يقول فابيوس بـ«ضرورة العمل مع روسيا التي لها دور حاسم في الملف». إذا هذا يدل على أن باريس بعد أن نددت مراراً بالدعم الروسي للحليف السوري -خصوصاً عمليات بيع الأسلحة- تبدو مقتنعة بأنه لا حل للأزمة السورية من دون إعطاء موسكو دوراً حاسماً في هذا الحل. بالطبع كانت انتقادات باريس مبررة أدبياً ولكنها بعيدة جداً عن الواقعية.
ويقول المعارضون السوريون الذين التقوا في الأيام الأخيرة مع مسؤولين روس بأن موسكو مهتمة بالمحافظة على مصالحها الاستراتيجية، ولكنها أيضا ًتبحث عن إبقاء هيكلية الدولة السورية – وخصوصاً الجيش- ويتجاوز هذا الاهتمام بكثير اهتمامها بالمحافظة على «عائلة الأسد» في السلطة.وعندما يعلن أوباما أنه يريد العمل مع بوتين للوصول إلى حل عبر المفاوضات للأزمة السورية لا تستطيع باريس إلا الوقوف وراء مثل هذا الخيار.
وفي تكملة لسلفه ألآن جوبيه يسعى فابيوس «لجمع المعارضات السورية»، وهي أولوية تبدو عصية ما دام المجلس الوطني، وهو الركن الأساسي فيها، ملغوم بالانقسامات ويحشد وراء الإسلاميين، وهو ما نفته دائماً باريس في السابق. كما أن هذا المجلس يرفض ضم تيارات المعارضة الأخرى، خصوصاً العلمانية أو القريبة من الروس. ويبدو أن فرنسا سوف تكف عن إعطاء الدروس في هذا المجال وتضع خطاباها في سياق ما تنوي تنفيذه.
حتى الآن كانت باريس تدافع بكل قوتها عن المجلس الوطني وترفض أي علاقة مع تيارات المعارضة الأخرى. ويحتج معارضون لا ينتمون إلى المجلس ولكن لهم حيز واسع وشرعية لا جدال فيها مثل ميشال كيلو وكمال لبواني وهيثم مناع، على استبعادهم من قبل الديبلوماسيين الفرنسيين وتعرض بعضهم لضغوط من اجل الالتحاق بالمجلس الوطني، أو طلب اللجؤ السياسي. في حين أن المجلس أظهر عجزه خصوصاً في ما يتعلق بتمثيله للثوار. من هنا على فرنسا قبل شهر من مؤتمر أصدقاء سوريا الذي يعقد في باريس، أن توسع بيكار تواصلها وأن «تتكلم» مع جميع المعارضين في الخارج، وليس فقط مع الذين يقرأون في أجندة مماثلة لأجندتنا.
أما الدرس الثاني فهو يتعلق بالملف الإيراني. قال فابيوس «لا ضرورة لإطلاق تنافسية في التشدد». ويمكن ترجمة هذا القول بأن باريس لن تزايد على المطالب الأميركية في الملف النووي الإيراني، أي الالتصاق بطروحات بنيامين نتانياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي، كما طالبت بعض الشخصيات الاسرائيلية على صفحات «واشنطن بوست». ولكن الوزير الفرنسي شدد على أن فرنسا سوف تحافظ على ثبات موقفها تجاه طهران وذكر بثنائية المقاربة الفرنسية «إبقاء العقوبات مع إبقاء قنوات التواصل  لاقناع طهران بالتحرك نحو حل».