حزب الله: السلم والحرب …وصولاً إلى تركيا
بيروت – «أخبار بووم برس نت»
«إذا لديكم مشكلة معي هناك أساليب وطرق للتعاطي، تريدون بالسلم بالسلم، بالحرب بالحرب…» كان لتصريح الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله وقعاً رهيباً لدى المراقبين في بيروت وفي العواصم المهتمة بالشأنين اللبناني والسوري. وقد حملت «أخبار بووم برس نت» محتوى هذا التصريح وتوجهت لأحد المقربين من حزب الله وسألته عن المعاني التي يحملها مثل هذا تصريح الذي احتوى كلمة حرب وسلم وقد عود نصر الله جمهوره على قياس كل كلمة من كلماته بميزان الدقة والاستهداف المحكم للمعاني؟
وبعد أن اشترط كتم هويته رد المصدر المقرب جداً من حزب الله بالقول «المعنى واضح وهو دعوة هذه القوى التي خطفت مواطنينا وهدفها إحباط سياسة نأي لبنان بنفسه عما يحدث في سوريا للجلوس على طاولة لنتحاور حول وجهات نظرنا، وبالتالي إطلاق هؤلاء الأبرياء».
وقال المصدر إن الأمين العام فعّل تغييرات كبيرة في مقاربة «ارتدادات الأزمة السورية على لبنان» وكشف عن سلسلة لقاءات بين نصر الله وكادرات الحزب كانت تتم على شكل متواصل منذ أكثر من اسبوعين وهي لقاءات لا تحصل إلا في حالات الخطر الداهم أو التحضير لتغيير نوعي كبير في السياسة أو الاستراتيجية وتتم بشكل لقاء بين مجموعة صغيرة ونصر الله الذي يشرح لها «الأهداف الجديدة أو السياسة الجديدة» من دون الدخول في التفاصيل، إلا أن المصدر يقول بأن مجرد اجتماع الكادرات مع نصر الله والاستماع إليه شخصياً وبسبب ندرة مثل هذه اللقاءات «تفيد بأهمية الموضوع» المطروح.
ونقل عن أحد المشاركين في هذه الاجتماعات أن الأمين العام طالب «بعدم الانجرار وراء محاولات الاستفزاز» التي تقوم بها المعارضة السورية في لبنان وعلى الحدود، ودعا إلى تقبل «كل استفزاز برحابة صدر». وأشار إلى أنهم سمعوا بأن «الفريق اللبناني المؤيد للمعارضة السورية لا يريد الذهاب إلى هذا الحد من الاستفزاز» وأنه «سجين مواقفه المبدأية»، وأنه يجب «نجدة سعد الحريري عبر عدم الوقوع بفخ الاستفزاز خصوصاً في بيروت».
إلا أن هذا لم يمنع عدداً من المشاركين من طرح «أسئلة تنم عن ضيق صدر» وكانت الإجابة عليها دائما «بطلب الصبر»، ونقل عن مشارك آخر بأنه سأل أحد المقربين من الأمين العام ماذا يمكن أن يحصل في حال تفاقمت الأمور؟ فرد بأن «الأمر تحت السيطرة» إلا أن السائل ألح بـ«سؤال افتراضي» يدور حول إمكانية «تَحَمُلُ ما لا يُحتَمَل»، وجاء جواب جمّدَ الدماء في عروق المستمعين «إذا تطاولوا علينا يمكننا أن نصل إليهم … في تركيا». اعتقد المستمعون أن المتحدث يقصد الخاطفين فردد أحدهم للتأكيد «الخاطفين نصل إليهم بالطبع» إلا أن المتحدث صحح بالقول «نصل إلى الخاطفين وإلى من أعطى أوامر الخطف».
يقول عارف بشؤون الحزب ومتابع للتحولات داخل المنظمة الشيعية بأن الأزمة السورية تركت آثاراً بارزة داخل تركيبة الحزب. ويشرح قائلاً إن الحزب كان يحمل في باطنه، حتى قبيل انطلاق الثورات العربية وبشكل خاص الانتفاضة السورية، تيارين لا يتنافسا إلا من ناحية الأولويات السياسية. التيار الأول ويسمى «التيار اللبناني» يرى ضرورة «الاستثمار في الإيجابيات التي كدسها الحزب» أكان ذلك عبر رافعة المقاومة أم عبر تحالفه مع العونيين وتشكيل الحكومة ويمثل هذا التيار حوالى الـ ٨٠ في المئة من المحازبين والمؤيدين. أما التيار الثاني فيسمى «التيار الإيراني المتشدد» وهو تيار المتطرفين مذهبياً وسياسياً والذين يرون في المجابهة السياسية أو حتى العسكرية مربحاً استراتيجياً على المدى الطويل. ويتابع القول إن نصر الله كان يشجع بقوة التيار اللبناني وشخصيته كانت تحول دون أي تجاوزات من قبل التيار الثاني. وبالطبع جاءت الأزمة السورية لتقوي «معنوياً» التيار المتشدد «بسبب الاستعدادات والاحتياطات التي لا بد منها في مثل هذه الحالات». وكان هذا التيار يدفع نحو «التأييد المطلق لنظام الأسد أيا تكن الظروف». وقد استقطب «التيار المتشدد» رويداً رويداً نسب لا بأس بها من «التيار اللبناني» خصوصاً مع التحول المذهبي للانتفاضة السورية. وقد حاول الأمين العام عبر خطاباته «الحد من تصاعد قوة التيار المتشدد والإمساك بالنزف الذي يشهده التيار السياسي المعتدل».
إلا أن عملية الخطف الأخيرة جاءت لتفشل كل جهوده في إبقاء التوازن لصالح المعتدلين. خطابه الأول بعد عملية الخطف جاء كمحاولة أخيرة لنهي المتشددين عن أي «ردة فعل تصل إلى المحظور» ولكنه كان في نفس الوقت يعمل على «تهيئة الكوادر لكل الاحتمالات بما فيها العسكرية القاسية».
يمكن القول إن جهوزية هذه الاستعدادات كانت المقدمة التي أتاحت للأمين العام إطلاق تصريحه «تريدون بالسلم بالسلم، بالحرب بالحرب…» وأنه دخل مرحلة جديدة من التعاطي مع الملف السوري وتداعياته على الواقع اللبناني.
يتبع … (من يريد إقحام حزب الله في الصراع السوري السوري؟)