مصر: اختيار الجمعية التأسيسية للدستور الجديد
اختار الاعضاء المنتخبون في مجلسي الشعب والشورى في مصر الثلاثاء اعضاء الجمعية التأسيسية للدستور الجديد للبلاد، وسط تواصل الجدل حول تركيبتها وتجاذب حاد في البلاد بين قوى الاسلام السياسي والقوى المدنية والليبرالية تغذيه رهانات الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية بعد ايام.
وانسحب من جلسة الانتخاب 57 عضوا يمثلون الاحزاب الليبرالية واليسارية باستثناء حزب الوفد الذي شارك في عملية الاقتراع رغم انسحاب عدد من نوابه بشكل شخصي.
واوضح المصدر ان المنسحبين برروا انسحابهم بعدم وجود “توافق حقيقي وتكرار الاخطاء السابقة والتشكيل الطائفي وتسييس مؤسسات الدولة” في اشارة الى ما يعتبرونه سعي احزاب تيار الاسلام السياسي للهيمنة على عملية صياغة الدستور الجديد.
وتتهم الاحزاب الليبرالية واليسارية احزاب الاسلام السياسي وخصوصا حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الاخوان المسلمين وحزب النور اكبر الاحزاب السلفية بالاصرار على الاحتفاظ باغلبية تمكنهم من تمرير القرارات داخل الجمعية التأسيسية.
ونشر حزب الحرية والعدالة مساء الثلاثاء قائمة باسماء الاعضاء المئة الذين تم الاتفاق عليهم من دون مشاركة الاحزاب الليبرالية واليسارية والعديد من النواب المستقلين.
وقال الحزب في بيانه “هذا يوم تاريخي وقد اوفينا بما وعدنا به”.
وكانت محكمة القضاء الاداري قررت في العاشر من نيسان/ابريل الماضي الغاء قرار كان البرلمان اصدره بتشكيل جمعية تأسيسية في اذار/مارس.
وجاء قرار المحكمة استجابة لطعن قدمه محامون ونواب يتهمون فيه البرلمان باساءة استغلال صلاحياته لتشكيل جمعية تأسيسية غير متوازنة ويهيمن عليها الاسلاميون.
وقال بعض المنسحبين وبينهم بالخصوص زياد بهاء الدين (الحزب المصري الديمقراطي، ليبرالي) ان “الاجواء الحالية المتوترة لا تؤدي الى التوافق لان انتخابات رئيس الجمهورية على الابواب وحكم الدستورية بعد 48 ساعة”. وكتب بهاء الدين على صفحته على فيسبوك “الدستور معركتنا الاهم، وتستحق ان نقاوم حتى اخر لحظة. لم اكن اتمنى ان ننسحب من جلسة اليوم مرة اخرى، ولكن الخطأ على من يصرون على السيطرة على الجمعية باي طريقة. نحن لا ننسحب من المعركة، بل سنخوضها من داخل البرلمان ومن خارجه، وسواء كنا في الجمعية ام لم نكن. لا يمكن ان يترك موضوع كتابة الدستور لهذا العبث”.
من جانبه اتهم ابو العز الحريري (حزب التحالف الشعبي-يسار اشتراكي) الاخوان والسلفيين “بالرغبة في الاستحواذ على الجمعية لكتابة دستور على مقاسهم” مشيرا الى يقينه بان “مجلس الشعب سوف يتم حله يوم الخميس المقبل بعد حكم المحكمة الدستورية”.
وتنظر المحكمة الدستورية الخميس في دستورية قانون الانتخابات التشريعية وايضا القانون المعروف باسم “قانون العزل السياسي” والذي يقضي بحرمان رموز نظام الرئيس السابق حسني مبارك من ممارسة حقوقهم السياسية لمدة عشر سنوات. وينطبق هذا القانون على اخر رئيس وزراء في عهد مبارك، احمد شفيق، الذي يخوض الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية السبت والاحد المقبلين في مواجهة مرشح جماعة الاخوان المسلمين محمد مرسي.
واشارت عدة مصادر الى وجود لائحة مغلقة يتم تداولها بين القوى الاسلامية لتحديد اسماء اعضاء الجمعية.
وقال عمرو حمزاوي (ليبرالي مستقل) “طالبنا بتمثيل اكبر للشباب والمراة فرفضوا، وانسحابنا لا يعني تعطيل اعمال التاسيسية”.
ومن المنسحبين اعضاء الكتلة البرلمانية لاحزاب المصريين الاحرار والمصري الديمقراطي والكرامة والاتحاد والتجمع والتحالف الشعبي الاشتراكي والمواطن المصري والعدل.
في الاثناء اعلن سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب ورئيس الجلسة ان نسبة المشاركة غير النهائية في التصويت فاقت ال 75 بالمئة من النواب الذين يحق لهم التصويت (النواب المنتخبون في المجلسين) البالغ عددهم 678 نائبا.
وبدات عملية فرز الاصوات في الانتخابات المخصصة لاختيار مئة عضو في الجمعية التاسيسية اضافة الى 50 عضوا احتياطيا من بين اكثر من 1300 مرشح وقد تستمر عملية الفرز ساعات.
وركزت العناوين الرئيسية للصحف المصرية الصادرة اليوم على “تأسيسية الدستور” وما واكب التحضير لجلسة اليوم من جدل وحوار وصراع.
وكتبت صحيفة الجمهورية “ميلاد اللجنة التاسيسية كان صعبا بسبب الخلاف الكبير بين القوى السياسية”.
وذكرت ان سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب “اضطر لتعديل جدول اعمال جلسات المجلس امس الاثنين وتاخير مناقشة معايير تاسيسية الدستور لمنح الفرصة للمشاورات السياسية الحزبية الجارية بين حزب الحرية والعدالة (المنبثق من جماعة الاخوان المسلمين) من ناحية والاحزاب المدنية من ناحية اخرى وخاصة المصري الديموقراطي والمصريين الاحرار والتجمع، للتوافق على المعايير وتشكيل التاسيسية بعد تهديد الاحزاب بالانسحاب من جلسة المجلس”.
اما صحيفة الاخبار فعنونت “رغم اقرار قانون التاسيسية الخلافات مستمرة بين الاحزاب”.
وتحت عنوان “اسرار الساعات الصعبة لتشكيل التاسيسية” كتبت صحيفة الوفد الناطقة باسم الحزب الذس يحمل الاسم نفسه “انتهت الاحزاب السياسية فجر امس الاثنين برئاسة الدكتور السيد بدوي شحاتة رئيس حزب الوفد من وضع اللمسات الاخيرة في قائمة الاسماء المرشحة للجنة التاسيسية لكتابة الدستور”.
ونقلت عن بدوي انه “تم الاتفاق على معايير وشروط الجمعية التاسيسية حيث تم التوافق بين الاحزاب والقوى المختلفة على عدة شروط رئيسية منها الالتزام بمدنية الدولة وحرية الفكر والعقيدة وكذلك الحفاظ على المادة الثانية من الدستور والابقاء عليها مع اضافة فقرة اخرى تؤكد حق غير المسلمين من الديانات السماوية الاحتكام الى شرائعها بشان شؤونهم الدينية واحوالهم الشخصية”.
والمادة الثانية من دستور 1971 (في عهد الرئيس الراحل انور السادات) المعلق العمل به الان، هي ابرز نقاط التجاذب بين قوى الاسلام السياسي والقوى المدنية والعلمانية حيث تنص على ان “الاسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادىء الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسى للتشريع”. ويطالب حزب النور، اكبر الاحزاب السلفية بالغاء كلمة “مبادئ” من هذه المادة لكي يفتح الدستور الباب لتطبيق احكام الشريعة وليس مبادئها العامة فقط.