أبلغ رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان سوريا بأن تحذر غضب بلاده بعد إسقاط سوريا طائرة حربية تركية وقال انه أمر القوات المسلحة التركية بالرد على اي تهديد عسكري من سوريا قرب حدود البلدين.
ويعكس تحذير أردوغان لسوريا تصاعد التوتر على ساحل البحر المتوسط حيث أسقطت الطائرة يوم الجمعة الماضي وأيضا على امتداد حدودهما البرية المشتركة التي يتحرك فيها مقاتلو المعارضة السورية جيئة وذهابا. وقالت سوريا يوم الأحد انها قتلت عدة “ارهابيين” تسللوا إلى اراضيها من تركيا.
وفي سوريا نفسها رزحت ضواحي دمشق تحت وطأة اسوأ اشتباكات في العاصمة منذ بدء الانتفاضة ضد الرئيس السوري بشار الأسد قبل 16 شهرا. وكان ينظر إلى المدينة منذ فترة طويلة على انها أحد معاقل التأييد للرئيس.
وقال أردوغان – الذي اصطدم مع الأسد بعد ان رفض نصيحته باجراء اصلاحات – إن تركيا ليست داعية حرب. وأضاف خلال اجتماع لحزبه بالبرلمان “يجب ألا ينظر إلى ردنا العقلاني على انه ضعف. سلوكنا المعتدل لا يعني اننا حمل وديع.. ليعلم الجميع ان غضب تركيا قوي ومدمر.”
ونددت الدول الاعضاء في حلف شمال الأطلسي – التي دعتها تركيا لعقد اجتماع طاريء في بروكسل – بسوريا بسبب الحادث الذي أدى إلى فقدان اثنين من الطيارين. وكشفت الصياغة المتحفظة لبيان الحلف مخاوف القوى الغربية وتركيا من ان يؤدي أي تدخل مسلح في سوريا إلى اطلاق شرارة صراع طائفي في انحاء المنطقة.
وقال الصحفي التركي محمد علي بيراند “ربما يشعر الذين يريدون الحرب بخيبة امل من خطاب رئيس الوزراء..لكن قطاعا كبيرا من المجتمع تنفس الصعداء.” وقال أردوغان ان قواعد الاشتباك للجيش التركي بامتداد الحدود بين البلدين تغيرت نتيجة للهجوم الذي تقول تركيا انه وقع دون تحذير مسبق في المجال الجوي الدولي. وتابع “كل عنصر عسكري يقترب من تركيا قادما من الحدود السورية ويمثل خطورة وخطرا أمنيا سيجري اعتباره تهديدا عسكريا وسيعامل كهدف عسكري.”
وتركيا هي مقر الجيش السوري الحر المعارض وتستضيف اكثر من 30 الف لاجيء سوري وهو عدد يخشى أردوغان ان يتزايد بشدة مع اتساع رقعة القتال. ويقوم مقاتلو المعارضة السورية بالتحرك بشكل منتظم عبر الحدود ويقيم المنشقون في داخل تركيا.
وكثيرا ما اقترب القتال بشدة من الحدود وقد يؤدي إلى رد فعل عسكري تركي بموجب قواعد الاشتباك الجديدة خاصة اذا قامت القوات السورية بملاحقة مقاتلي المعارضة.
وتعارضت الروايتان السورية والتركية بشأن إسقاط الطائرة.
وتقول سوريا انه لم يكن لديها اي خيار سوى اسقاط الطائرة بعد دخولها المجال الجوي السوري وتحليقها على ارتفاع منخفض وبسرعة كبيرة. وأضافت انها لم تكتشف انها طائرة تركية الا بعد التعامل معها. وتصر تركيا على ان طائرتها دخلت المجال الجوي السوري لفترة قصيرة بطريق الخطأ.
وقال أردوغان ان طائرات هليكوبتر عسكرية سورية انتهكت المجال الجوي التركي خمس مرات هذا العام دون ان تطلق تركيا النار عليها. واعتبر اسقاط الطائرة هجوما متعمدا. واستطرد “استهدفت طائرتنا عمدا وبطريقة عدائية وليس نتيجة خطأ. موقف المسؤولين السوريين في اعقاب الحادث هو اقوى دليل عل ان طائرتنا هوجمت بشكل متعمد.”
وتقول تركيا إن الطائرة كانت تختبر الدفاع الجوية التركية قرب الحدود البحرية المشتركة للبلدين عندما تم اسقاطها. ويقول بعض المحللين انها ربما كانت تختبر ايضا الدفاعات الجوية السورية وانظمة الرادار روسية الصنع والتي قد تمثل عائقا امام اي شكل من اشكال التدخل العسكري الغربي في سوريا.
وقالت روسيا التي تعارض مطالب غربية بإزاحة الأسد انه ينبغي ألا ينظر إلى اسقاط الطائرة التركية على انه عمل استفزازي أو اجراء متعمد من قبل سوريا.
وذكر مركز كاست للابحاث الدفاعية ومقره موسكو ان من المتوقع ان تسلم روسيا سوريا هذا العام أنظمة دفاع جوي وطائرات هليكوبتر أعيد تجديدها وطائرات مقاتلة تقرب كلفتها من نصف مليار دولار رغم الضغوط الدولية لوقف مبيعات السلاح لدمشق.
وقالت روسيا ان من الضروري ان تشارك إيران في اجتماع بشأن سوريا ينظمه الوسيط الدولي كوفي عنان في جنيف في مطلع الاسبوع للدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الامن الدولي واطراف اقليميين. وتعارض الدول الغربية مشاركة إيران اقوى حليف اقليمي لسوريا في الاجتماع ويقول بعض الدبلوماسيين انه لم يتضح تماما ما اذا كان ذلك سيحدث ام لا.
وليس من المرجح ان يزيد حادث الجمعة رغبة تركيا في تدخل تخشى ان يؤدي إلى عواقب لا يمكن التنبؤ بها لنفسها ولمنطقة تعاني من انقسامات طائفية. ولكنها تحدثت في السابق عن امكانية اقامة ممرات انسانية داخل سوريا.