انفلونزا الخنازير أودى بحياة عدد أكبر مما أعلن
ذكرت دراسة جديدة اعدتها مجموعة دولية من العلماء ان وباء انفلونزا الخنازير عام 2009 اودى بحياة ما يقدر بنحو 284500 شخص وهو ما يزيد 15 مرة عن العدد الذي اكدته الاختبارات المعملية في ذلك الوقت.
وقالت الدراسة التي نشرت يوم الثلاثاء في دورية لانسيت للامراض المعدية والتي تتخذ من لندن مقرا لها ان العدد ربما يكون اكبر ويصل الى 579 الف شخص.
وطبقا للعدد الاصلي الذي جمعته منظمة الصحة العالمية بلغ عدد الوفيات 18500.
وتظهر الدراسة الجديدة ايضا ان تأثير الوباء تفاوت بشكل واسع حسب المنطقة مع وقوع 51 في المئة من حالات الوفاة نتيجة انفلونزا الخنازير في افريقيا وجنوب شرق اسيا اللتين لا تمثلان سوى 38 في المئة فقط من عدد سكان العالم.
وقال الدكتورة فاطمة داود من المراكز الامريكية لمكافحة الامراض والوقاية منها ان”هذا الوباء اودى فعلا بحياة عدد كبير.
“نتائجنا تشير ايضا الى افضل الطرق لنشر الموارد. اذا اصبح لقاح متوفرا فعلينا التأكد من وصوله الى المناطق التي من المحتمل ان يكون فيها عدد الوفيات أعلى.”
واصابت انفلونزا الخنازير التي يسببها فيروس (اتش1 ان1) اول ضحاياها المعروفين في وسط المكسيك في مارس اذار عام 2009. وبحلول ابريل نيسان وصل المرض الى كاليفورنيا واصاب طفلا عمره عشر سنوات ثم انتشر بسرعة في كل انحاء العالم مما اثار مخاوف بل ذعر.
وحذرت المراكز الامريكية للوقاية من الامراض ومكافحتها الامريكيين من السفر الى المكسيك اذا كان بامكانهم تفادي ذلك. وامرت مصر بذبح كل الخنازير فيها في محاولة مضللة لاحتواء الفيروس الذي ينتقل في حقيقة الامر من شخص لاخر.
وعكست هذه المخاوف الطبيعة غير العادية للفيروس الذي احتوى على خليط من فيروسات الطيور والخنازير والبشر بشكل لم يتم اكتشافه من قبل.
ولم يكن العلماء على يقين من كيفية انتقاله او مدى قوة هذاالفيروس الهجين ولكن العلامات الاولى كانت لا تبعث على التفاؤل حيث اعلنت منظمة الصحة العالمية انفلونزا الخنازير وباء في يونيو حزيران 2009 عندما حددت المختبرات حالات اصابة في 74 دولة.
وكان مثل هذا التحديد الذي اعتمد على المختبرات هو المعيار العالمي ولكن كل الخبراء يعترفون بانه أهدر حالات اكثر مما شخص.
وقالت داود ان احد الاسباب ان “بعض الاشخاص الذين اصيبوا بالانفلونزا لم يتلقوا رعاية صحية.” ومن ثم لم يتم اخطار السلطات بمرضهم وحتى وفاتهم .ومن الاسباب الاخرى هو ان الفيروس لا يمكن اكتشافه دائما بحلول وفاة المريض.
وللتغلب على هذه العقبات يلجأ الاطباء المتخصصون في الاوبئة الى نماذج حسابية . ويأخذ الاطباء عادة عدد حالات الوفاة من الالتهاب الرئوي والتعقيدات الناجمة عن مرض شرايين القلب -وكلاهما تسببه الانفلونزا-وذلك اثناء فترات عدم وجود الانفلونزا وحساب العدد خلال وجود وباء وارجاع الزيادة الى الانفلونزا.
وقالت داود “للاسف الاحصاءات الحيوية غير موجودة او قليلة في كثير من الدول ذات الموارد الضعيفة.”
وجربت داود وزملاؤها من فيتنام وكينيا ونيوزيلندا والدنمرك وخمس دول اخرى اسلوبا مختلفا.
وبدأوا ببيانات مباشرة مثل الاعداد الواردة من موظفي الصحة الذين يتنقلون من منزل لمنزل في القرى ويسألون عن اي اعراض تشبه الانفلونزا ويختبرون عينات مسحة من الانف والحلق لتقدير نسبة السكان المصابين في بلد بانفلونزا الخنازير 2009. وكانت مثل هذه البيانات متوفرة من 13 بلدا غنيا مثل الدنمرك وفقيرا مثل فيتنام.
وقدر العلماء بعد ذلك الجزء من المرضي الذين توفوا في كل بلد. وبدأوا في جمع بيانات محددة عن معدلات الوفيات من مرض الجهاز التنفسي في خمس دول غنية.
ونظرا لان الشخص المصاب مثلا بالتهاب رئوي تقل فرصة وفاته اذا عولج في مستشفى بارز في هونج كونج عما اذا عولج في عيادة قروية في فيتنام فقد استخدام العلماء اسلوب “المضاعفة” للبيانات الاولية الواردة من الدول الفقيرة.
وافترض العلماء ان عددا أكبر من الناس توفوا بسبب الالتهاب الرئوي الناجم عن الانفلونزا في الدول النامية بالمقارنة مع الدول المتقدمة.
ويشير منتقدون الى ان هذه التقديرات والافتراضات يمكن ان تتضمن اخطاء. وقال لوني سيمونسين من كلية الصحة العامة بجامعة جورج واشنطن والمشارك في اعداد تعليق بشأن الدراسة انه على سبيل المثال تظهر بيانات الوفيات التي نشرت حديثا من المكسيك ان فيروس اتش 1 ان 1 قتل عددا من الناس اكبر من تقديرات الدراسة الجديدة. وعلى النقيض ربما تكون تقديرات الوفيات من اليابان وسنغافورة عالية جدا.
ولكن سيمونسين قال انه بشكل عام فان التقديرات الاقل والاعلى ربما تكون متساوية ما يجعل التقدير العالمي -بارتفاع عدد الوفيات عن العدد المؤكد في ذلك الوقت بخمسة عشرة مرة- صحيحا تقريبا.