حركة التوحيد والجهاد تتحصن في غاو
واصلت حركة انصار الدين الاسلامية التي تسيطر على تمبكتو، شمال مالي، منذ ثلاثة اشهر، الاثنين تدمير عتبات دينية عندما قامت بهدم باب جامع يعود الى القرن الخامس عشر بعد ان دمروا نهاية الاسبوع الماضي ستة اضرحة من اصل 17 لاولياء مسلمين في المدينة.
وفي هذه الاثناء، قامت حركة التوحيد والجهاد في افريقيا كذلك بزرع الغام حول مدينة غاو، شمال غاو، لصد هجمات محتملة ينفذها الطوارق او جنود من قوة مجموعة غرب افريقيا.
وبعد اقل من اسبوع من معارك عنيفة مع الطوارق المنضوين في الحركة الوطنية لتحرير رازواد اوقعت 35 قتيلا على الاقل في 27 حزيران/يونيو في غاو، وارغم على اثرها الطوارق على الانسحاب من المدينة، قام انصار التوحيد والجهاد بزرع الغام حول غاو. وقالت حركة تحرير ازواد ان الهدف منعها من شن هجوم مضاد على المدينة.
وانصار الدين التي باتت تسيطر على المدن الكبرى الثلاث شمال مالي، وهي تمبكتو وغاو وكيدال، متحالفة مع تنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي.
وقال موسى اغ الطاهر، المتحدث باسم حركة تحرير ازواد من باريس ان “تنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي وحركة التوحيد والجهاد اللذين يسيطران على غاو، قاموا بزرع الغام في محيط المدينة. الناس يسعون للهرب، انهم يستقلون حافلات باتجاه باماكو، لكن الاسلاميين يمنعونهم من مغادرة المدينة”.
واكد مسؤول امني من غرب افريقيا لفرانس برس في باماكو عملية زرع الالغام. وقال ان “حركة التوحيد والجهاد زرعت الغاما حول غاو بهدف منع قيام قوات المجموعة الاقتصادية لغرب افريقيا والقوات المعارضة من شن هجوم”.
ودعا قادة المجموعة الاقتصادية لغرب افريقيا مجلس الامن الدولي الى تبني قرار يتيح ارسال قوة اقليمية الى مالي.
وقال المتحدث باسم حركة تحرير ازواد انه “وبعد جريمة هدم اضرحة الاولياء، انهم (الاسلاميون) يستعملون السكان رهائن، دروعا بشرية، لحماية انفسهم من هجوم تشنه الحركة الوطنية لتحرير ازواد”.
وافاد شاهد لفرانس برس ان “الاسلاميين كسروا باب جامع سيدي يحيى في تمبكتو” جنوب المدينة “لقد خلعوا بابا مقدسا لا يفتح”، وهو ما اكده اخرون من سكان تمبكتو.
وقال احدهم وهو مرشد سياحي في المدينة “جاءوا بفؤوس وهتفوا +الله اكبر+ ثم كسروا الباب. انه امر خطير جدا. بكى بعض الناس وهم يشاهدون ما حصل”.
وذكر احد افراد اسرة إمام تحدث مع اسلاميي جماعة انصار الدين الذين يبسطون نفوذهم على المدينة منذ ثلاثة اشهر، انهم كسروا الباب لان “البعض كان يقول ان القيامة ستقوم يوم يفتح فيه هذا الباب وارادوا بذلك ان يكذبوا قيام القيامة”.
وتقول بعض التقاليد المحلية ان فتح الباب الخشبي الواقع في الجانب الجنوبي لجامع سيدي يحيى، وهو مغلق منذ عقود سيعود بالشر على المدينة. وذكر شاهد اخر ان الباب يؤدي الى ضريح احد الاولياء ولو علم الاسلاميون بالامر “لكانوا دمروا كل شيء”.
وبعد تدمير اضرحة اولياء مسلمين، هددت حركة انصار الدين نهاية الاسبوع الماضي بالتعرض لجوامع المدينة مؤكدين انهم يتحركون “باسم الله” وردا على قرار اليونيسكو في 28 حزيران/يونيو ادراج اسم المدينة على لائحة التراث العالمي المعرض للخطر.
ويعتبر جامع سيدي يحيى واحد من اكبر جوامع مدينة تمبكتو مع جينغاريبر وسنكوري وهي تحف معمارية تشهد على عهد ازدهارها.
والجوامع الثلاثة مدرجة على التراث العالمي لليونسكو، واكد خبير مالي ان اولياء مدفونين في جامعي جينغاريبر وسيدي يحيى.
ودانت جمعية رجال الدين في مالي “جريمة تمبكتو” واعتبرت في بيان نشر مساء الاحد انه “حتى النبي (محمد) ذاته كان يزور القبور والاضرحة، هذا عدم تسامح!”.
واعربت منظمة التعاون الاسلامي التي تعد 57 عضوا، عن “الاسف” لتدمير الاضرحة التي هي “جزء من التراث الاسلامي الزاخر في مالي والذي لا يجب ان يدمره متعصبون او يعرضونه الى الخطر”.
كذلك صدرت ادانة من الجزائر التي تعتبر ان الاولياء والعلماء المدفونين في الاضرحة “ساهموا في ازدهار الاسلام في المنطقة ونشر قيم التسامح والروحانية”.
واعتبرت اليونسكو ان الاسلاميين يشكلون خطرا على مدينة تمبكتو الاسطورة التي كان يطلق عليها اسم “مدينة الاولياء ال333” في اشارة الى رجال دين دفنوا هناك تبركا بهم.
واعتبرت فاتو بنسودا مدعية المحكمة الجنائية الدولية الاحد في دكار ان تدمير التراث الديني في تمبكتو قد يعتبر “جريمة حرب” يلاحق مرتكبوها.
وقالت ان “رسالتي الى المتورطين في هذا العمل الاجرامي واضحة، كفوا عن تدمير الإرث الديني الان، انها جريمة حرب يخول لمكتبي التحقيق فيها”.
كذلك دانت الحكومة المالية نهاية الاسبوع ما قالت انها “ضراوة مدمرة تشبه جرائم الحرب” ارتكبتها حركة انصار الدين الموالية لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي، وهددت مرتكبي تلك الاعمال بملاحقات في مالي والخارج.
ويعيد تدمير اضرحة تمبكتو الى الاذهان ما اقدمت عليه طالبان مع حلفائها في تنظيم القاعدة من تدمير تماثيل بوذا في باميان المدرجة ايضا على التراث العالمي في وسط افغانستان في اذار/مارس 2001.
وقد اغتنمت حركة انصار الدين الاسلامية وحركة التوحيد والجهاد في غرب افريقيا، المواليتين لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي، الانقلاب العسكري الذي اطاح في 22 اذار/مارس بنظام باماكو وسرعت في زحفها على شمال مالي حتى باتت تسيطر عليه بعدما هزمت الحركة الوطنية لتحرير ازواد التي تمثل الطوارق. واعلن عناصرها انهم يريدون فرض الشريعة في كافة انحاء مالي.
وفي الجزائر اعلن وزيرا خارجية مالي الامين سو والجزائر مراد مدلسي الاربعاء انهما يفضلان الدبلوماسية لتسوية الازمة في مالي.