الكشف عن خطابات غاندي: كان مثلياً يصعب العيش معه!
ظلت الحكومة الهندية تطارد خطابات الزعيم المهاتما غاندي الى أن اشترتها قبيل طرحها للبيع في مزاد عام في لندن.
وكانت رغبة الحكومة الهندية بالاستحواذ على هذه الوثائق النادرة تأججت منذ نشر كتاب مثير للجدل، قبل نحو السنة، بعنوان «الروح العظيمة: المهاتما غاندي ونضاله مع الهند»، جاء فيه أن هذا العملاق المسالم أقام، خلال سنوات إقامته في جنوب افريقيا، علاقة مثلية مع الماني يهودي وكان مولها بغرامه الى حد أنه هجر زوجته من أجله.
والآن تأتي الأنباء بأن الحكومة الهندية استبقت مزادا لبيع أوراق غاندي التي تغطي حياته منذ أيامه في جنوب افريقيا- وضمنها خطاباته الى من يزعم أنه عشيقه الألماني- هيرمان كالينباخ- وعودته الى موطنه وعلاقته العسيرة بأسرته.
ودفعت حكومة الهند 60 مليون روبية (1.12 مليون دولار) لدار سوذبي في لندن من أجل شراء المجموعة كلها. وتقول الآن إنها ستعرض هذه الأوراق في دار الأرشيف القومية بنيودلهي. ولا يعرف ما إن كانت ستعرض ضمنها خطاباته الى كالينباخ لكن هذا مستبعد. ويذكر أن سوذبي كانت تنوي بيع هذه الأوراق في مزاد لها يوم الثلاثاء المقبل.
المخطوطات التي اعتبرت مفقودة ردحا من الزمن، عثر عليها المؤرخ الهندي راماشاندرا غوها واكتشف أنها تعود الى ورثة كالينباخ وبالتحديد حفيدته إيزا ساريد.
وكان كالينباخ نفسه مهندسا معماريا يهوديا من مواليد المانيا ومن عشاق رياضة كمال الأجسام. وهاجر الى جنوب افريقيا والتقى فيها بغاندي العام 1904 وأخذ بالكامل بأفكاره في النضال السلمي وصار من أقرب أتباعه.
وفي كتاب «الروح العظيمة» لمؤلفه الأميركي جوزيف ليلفيلد (رئيس تحرير «نيويورك تايمز» من 1994 إلى 2001)، يرد سرد مفصل لمدى العلاقة بين غاندي و كالينباخ ويوضح بجلاء أن الزعيم الهندي كان متيّما بغرام المهندس الألماني. وكمثال على هذا يقول ليفيلد أن غاندي كتب في إحدى رسائله لحبيبه: «لقد استحوذت بالكامل على جسدي. هذه أقصى درجات العبودية»!
وتبعا للكتاب، فقد تزوج غاندي، وهو في الثالثة عشرة من عمره، من كاستوربا مكانجي في العام 1883. وكانت هي في الرابعة عشرة، وأنجبت له أربعة أبناء قبل أن ينفصل عنها في 1908 من أجل العيش مع عشيقه الألماني في جوهانسبرغ. ويقول المؤلف إن غاندي انتزع من كالينباخ وعدا بألا ينظر بعين الرغبة الى أي امرأة، وقال له: «لا أستطيع تصوّر شيء أقبح من الجنس بين الرجال والنساء».
على ان الاثنين انفصلا العام 1914 عندما عاد غاندي الى الهند ولم يستطع كالينباخ مرافقته إذ كان دخوله ممنوعا خلال الحرب العالمية الأولى بسبب جنسيته الألمانية، لكنهما ظلا على اتصال عبر الرسائل البريدية. وفي العام 1933 كتب غاندي لكالينباخ يتحدث عن اشتياقه ورغبته المحمومة لرؤيته. وقال يصف زوجته السابقة: «لم أر امرأة تنضح بالسم مثلها».
وفي محاولة من الكاتب لنزع صفة «الأسطورة» عن غاندي، يقول، على سبيل المثال، إنه كان أيضا يمارس الجنس مع عدد من النساء حتى عندما كان في السبعينات من عمره. وبين هؤلاء، تبعا للكاتب، مانو وهي ابنة بنت أخيه وكانت في السابعة عشرة من عمرها.
وبالطبع فقد أثارت كل هذه المزاعم مشاعر الصدمة العميقة لدى مئات الملايين الهنود في مختلف أنحاء الدنيا إذ ان غاندي يتمتع بهالة عندهم تسبغ عليه شيئا يقترب من الألوهية. وأصدرت حكومة ولاية غوجارات، مسقط رأسه، أمرا بحظر بيع الكتاب وتداوله قائلة إنه يشكل «إساءة بالغة لأب الأمة».
الخطابات التي اشترتها الحكومة الهندية، وتغطي الفترة من 1904 حتى 1945، تضم 13 خطابا على الأقل بعث بها الى كالينباخ.
وعلى هذا النحو فهي توثّق لحياة المهاتما ونضاله السلمي من أجل استقلال بلاده، وأيضا لمرض زوجته كاستوربا. وترد في خطاب كتبه ابنه الأكبر بعيد عودته الى الهند شكوى مريرة من صعوبة العيش مع والده. ويقول: «أبي يزداد سوءا يوما بعد آخر. فلا غرو إذا أتى وقت أحد هذه الأيام ووجد واحد أو أكثر منا (الإخوة) أن مغادرة الدار أفضل له من البقاء، أو أن يحمل أبي نفسه متاعه ويرحل عنّا لأنه لا يطيق أسلوب عيشنا».
وقد بررت الحكومة الهندية سعيها الحثيث لشراء خطابات غاندي (المرسلة منه واليه)، انها تسعى للحفاظ لأجيالها المقبلة على بعض ما يلقي الضوء على مجريات أهم حقبة في تاريخها الحديث من منظور أب الأمة نفسه.
ونقلت صحف بريطانية عن مسؤول رفيع المستوى بوزارة الثقافة الهندية قوله: «هذه الوثائق نافذة فريدة ندرس عبرها الأشياء كما حدثت من منظور المهاتما. ولهذا فهي تكتسب أهمية قصوى عندما يتعلق الأمر بالحفاظ على التراث الهندي، وهذا هو السبب الذي حدا بنا لشرائها من دار سوذبي».
لكن المشككين سيسارعون الى القول إن ثمة سببا آخر لا يقل أهمية عن إظهار جانب المهاتما باعتباره مهندس استقلال الهند وأب الأمة، وهو إخفاء الجانب الآخر الذي يُزعم فيه أنه كان ثنائي التوجهات الجنسية وزير نساء وقاسيا على زوجته وشخصا يصعب العيش معه تحت سقف واحد.