استقالة ويزر المال التونسي الديماسي
اعلن وزير المالية التونسي حسين الديماسي (64 عاما) الجمعة استقالته من منصبه احتجاجا على “السياسيات المالية” للحكومة التي تقودها حركة النهضة الاسلامية، ليصبح بذلك ثاني وزير يستقيل من هذه الحكومة بعد محمد عبو وزير الاصلاح الاداري الذي استقال نهاية حزيران/يونيو 2012.
وأكد مسؤول إعلامي في الحكومة التي يرأسها حمادي الجبالي أمين عام حركة النهضة لوكالة فرانس برس استقالة الديماسي وقال إن الحكومة ستصدر في وقت لاحق بيانا في هذا الشأن.
وأرجع حسين الديماسي في بيان صحفي حصلت فرانس برس على نسخة منه أسباب الاستقالة إلى “تصاعد التباين مع أغلب أعضاء الحكومة بخصوص السياسات المالية”. وقال “بينما كنت متشبثا كل التشبث بسلامة المالية العمومية، دفع أغلب أعضاء الحكومة في اتجاه منهج سياسي انتخابي نتج عنه تصاعد فادح ومفاجئ في نفقات الدولة مقارنة بمواردها”. وأضاف “في حين كان من الأجدر تكريس استحقاقات الثورة عبر العناية بالفئات المتواضعة ودعم قدرتها الشرائية واحداث أقصى ما يمكن من مواطن الشغل اللائقة والمنتجة وتنمية المناطق المهمشة الداخلية وانعاش الاقتصاد مع المحافظة في ذات الوقت على توازنات المالية العمومية، تعددت الانزلاقات التي تهدف بالأساس إلى كسب ود مختلف الفئات الاجتماعية في الانتخابات المقبلة على غرار بلوغ نفقات الدعم مستويات مهولة”.
وتدعم الدولة في تونس أسعار المحروقات والمواد الغذائية الأساسية مثل الخبز. وخصصت في ميزانيتها لسنة 2012 أكثر من 3 مليارات دينار (اليورو يساوي دينارين) لنفقات الدعم مقابل مليارين و869 مليون دينار سنة 2011 ومليار ونصف مليار دينار سنة 2010.
من ناحية أخرى اعتبر حسين الديماسي أن “مشروع القانون الذي قدم مؤخرا لمجلس الوزراء والمتعلق بالعودة للعمل والتعويض للاشخاص المنتفعين بالعفو (التشريعي) العام وأولي الحق منهم (يمثل) الانزلاق الأخطر الذي أفاض الكأس” محذرا من أن هذا المشروع “سيفرز نفقات اضافية خانقة للمالية العمومية بالعلاقة مع العدد الضخم من المنتفعين والحجم المهول للتعويضات المنتظرة”.
ولفت الى أن “سن هذا القانون يتجاهل تماما الظروف الاقتصادية والمالية العصيبة التي من المتوقع ان تشهدها البلاد خلال السنوات القليلة القادمة”.
ويطالب آلاف من الاسلاميين المنتمين إلى حركة النهضة الذين تم الزج بهم بن السجون في عهد الرئيس المخلوع بن علي بتعويضات مادية عن سنوات السجن وبإرجاع من تم فصله من وظيفته بالقطاع العام وهي مطالب تؤيدها حركة النهضة.
وفي سياق آخر قال الديماسي إنه “مستاء شديد الاستياء من الطريقة الاعتباطية والظالمة التي اتبعت لاقالة محافظ البنك المركزي مصطفى كمال النابلي والتي سيكون لها تداعيات سلبية للغاية على هيبة الدولة وصورة البلاد داخليا وخارجيا”.
وفي 18 تموز/يوليو 2012 أقيل النابلي (64 عاما) من مهامه بقرار من الرئيس منصف المرزوقي الذي يعطي بحسب مراقبين أسبابا وجيهة لإقالته.
وفي 24 من الشهر نفسه تم تعيين الشاذلي العياري (79 عاما) محافظا للبنك المركزي وسط انتقادات أحزاب معارضة وخبراء اقتصاد.
واعتبر معارضون إقالة النابلي جاءت “ترضية” لمنصف المرزوقي بعدما سلم الجبالي في 24 حزيران/يونيو 2012 البغدادي المحمودي، آخر رئيس وزراء في عهد العقيد الليبي معمر القذافي، إلى ليبيا دون علم أو موافقة المرزوقي الذي كان يعارض هذا التسليم.
وقال الديماسي “في هذا الظرف الصعب والدقيق، لا تزال للاسف هذه الممارسات المخلة بأبسط سنن التشاور والتنسيق متواصلة، حيث تم اقتراح (تعيين) محافظ جديد للبنك المركزى دون أخذ رأي أهم المعنيين بالامر وبالخصوص وزير المالية”.
وكان النابلي اتهم السلطات بالسعي إلى “السيطرة” على البنك المركزي وضرب “استقلاليته”.
ويدافع النابلي بقوة عن “استقلالية” البنك المركزي التي يقول إنها “تبقى الضامن الوحيد لاعتماد سياسة نقدية سليمة على أن يبقى البنك مسؤولا أمام المجموعة الوطنية، ويخضع للمساءلة كما هي الحال في أي نظام ديموقراطي”.
وذكرت صحف محلية أن النابلي رفض طلبا من الحكومة بطبع أوراق مالية لضخها في الاقتصاد التونسي الذي يعاني من الركود.
واتهمت أحزاب معارضة حركة النهضة بالسعى، عبر طبع الاوراق النقدية، إلى “إيهام” الشعب بأن الوضع الاقتصادي في البلاد تحسن لكسب رضاه استعدادا للانتخابات العامة المقررة في آذار/مارس 2013.
وفي 30 أيار/مايو 2012 فاز مصطفى كمال النابلي بجائزة “أفضل محافظ بنك مركزي في إفريقيا لسنة 2012” التي تمنحها مجلة “أفريكان بانكر”.
وانتقدت وكالة “موديز” الاثنين الماضي بشدة إقالة النابلي وقالت إن الإقالة ستتسبب في “مواصلة هز (ثقة) المستثمرين القلقين إثر ثورة العام الماضي”.
ولا يستبعد مراقبون أن تخفض “موديز” التصنيف السيادي لديون تونس الائتمانية في الفترة القادمة.
وكانت وكالة “ستاندارد أند بورز” خفضت في حزيران/يونيو 2012 التصنيف السيادي لتونس إلى درجة عالية المخاطر.
يذكر أن حسين الديماسي يحمل درجة الدكتوراه في الاقتصاد وقد سبق له تدريس الاقتصاد في الجامعة التونسية وإنجاز دراسات اقتصادية عديدة.
وتولى الديماسي وزارة التكوين المهني والتشغيل في حكومة محمد الغنوشي،أول حكومة يتم تشكيلها بعد الإطاحة بنظام بن علي.