بون ــ معمر عطوي
في خطوة جديدة تؤسس لانفتاح ثقافي ألماني على الشعر العامي النبطي في الجزيرة العربية، تبنت جامعة بون الألمانية في قسمها المختص باللغات الشرقية والآسيوية التابع لكلية دراسات الشرق الأدنى، طبع ديوان شعري جديد للشاعر السعودي مالك الوادعي بعنوان “ترقص الحيّة والطائر يغني”.
الديوان الذي سيصدر قريباً باللغتين العربية والألمانية في بون، حيث يعمل الوادعي على انجاز إطروحته حول الترجمة، يتضمن العديد من القصائد النبطية والفصيحة، محاولاً تقديم النموذج السعودي الى القراء الألمان.
الوادعي، الذي يحمل درجة الماجستر في اللغة الألمانية يعتبر ديوانه في حديث لـ”برس نت” بـأنه “محاولة مني لإيصال شعر الجزيرة العربية الى الأدب الألماني وذلك من خلال نظمي للقصائد باللغتين العربية والألمانية، ولكني حاولت في قصائدي أن أجمع بين الشعر الفصيح والنبطي وكذلك الحر والغنائي وكذلك روح الفلسفة الغربية والغموض، طبعاً الديوان باشراف مباشر من كلية الفلسفة في جامعة بون، وبدعم من مسؤولة قسم اللغة العربية البروفسورة داغمار غلاس، واشراف الأستاذ الجامعي اللبناني سرجون كرم”.
لعل الشاعر السعودي أراد أن تكون مقدمة ديوانه لوحة جمالية بحد ذاتها حيث قال فيها: “أقدّم لكم ديواني الشعري الأول كهدية حب وتقدير من مدينة بيتهوفن على ضفاف نهر الراين… معلناً مغادرته أدراج مكتبتي القديمة المُظلمة ليصافح بيمينه بشوق عميق واحساس رقيق واحترام يليق رفوف المكتبات الحديثة الحالمة، حاملاً في يساره دلّة قهوة عربيّة أصيلة مُبّهرة بالهيل صُنعت في العصر الجاهلي فوق أدعاص صحراء الربع الخالي أو طعوسها وقت فحيح ثعابينها ودبيب رملها ورغاء جمالها وهفيف رياحها وهدير طبولها وأنغام رمالها الذهبية كلون بنّها الفاخر بطعمه الساحر للعقل والناظر…”
وفي قصيدة “غناء الطائر” النبطية التي تنقل الينا صوت ذاك البدوي المتآلف مع طبيعة صحراوية يعشقها، يقول الوادعي: الطائر المخلوق… ذو الصوت العليل… اختلف صوته وغنّى لي نشاز… من كثيرة جار… وأعطاني القليل… تباً للعطايا تحت ظرف الابتزاز… لم أخله مخادعاً… مقتّر بخيل… حافي الأقدام مشّاني القزاز… مستحيل أنساه… قطعاً مستحيل… كيف لي أنساه؟ فرضاَ أو مجاز… بالصبر نصبر يا صبري الجميل… صبري الصابر يصبر باعتزاز… والزمن لو زان أو قرّر يميل… الحذر واجب وجيد الاحتراز… الطائر المخلوق ذو الصوت العليل… اختلف صوته وغنّى لي نشاز…”
ويبدو أن الوادعي الذي أراد ايصال صوت الشعر العربي العامي في منطقة الخليج الى زملائه في ألمانيا قد بدأ بالتعاون مع الشاعر سرجون كرم في تأسيس منتدى شعري عربي في بلاد الاغتراب يجعل الشعر النبطى جزءاً من نسيجه الأدبي. لكن هذا المشروع لا يزال حتى الآن مجرد فكرة تحتاج لتبلور أكثر كما يقول الشاعر السعودي الشاب لـ”برس نت”.
في أي حال، تحتاج الحضارات لكي تتجاوز رؤاها السلبية عن بعضها الى مزيد من التبادل الشعري والأدبي الذي يجعل العلاقات بينها جميلة وجذابة، تقوم على صور جمالية بدلاً من بشاعة الحروب ودناءة التنافس التجاري. والشعر النبطي قد يكون جديداً على متذوقي الشعر العربي من الأوروبيين الذين يبحثون دائماً عن كنوز الشرق في طيات الكتب ومباراة الشعراء تحت خيمة مصنوعة من الشعر في ليال باردة.