الثوار: توحيد المجموعات لاعلان حلب محررة
فداء عيتاني – مدينة حلب
من حيث تقف التنسيقيات وقوات الجيش السوري الحر فان معرة حلب قد بدأت منذ اسابيع، تحديدا منذ ان بدأت المجموعات القتالية في ريف حلب بشراء الاسلحة من بعض ضباط في الجيش النظامي، ثم انتقلت الى الاستيلاء على الاسلحة والذخائر مباشرة من المواقع النظامية، ومن مهاجمة الدوريات، ومن بعدها العمل على توحيد مجموعاتها القتالية وتنظيمها تحت امرة ما سمي في حلب “لواء التوحيد” والذي يمتد نفوذه من اقصى الشمال السوري في اعزاز ومارع الى وسط الريف وغربه كما بعض المناطق.
المجلس العسكري الذي بدأ العمل عليه منذ اسابيع ضم عمليا وفي الايام الاخيرة ممثل عن مدينة حلب، وللدقة عن منطقة صلاح الدين، التي تعد حاليا ممسوكة عسكريا بالكامل بيد الثوار وتملك خطوط امداد مفتوحة نحو الريف المجاور.
في قرية قبتان الجبل يدير الشيخ توفيق واحدة من اكبر التنسيقيات في المنطقة، وتضم حوالي 16 قرية، هو مسؤول عنها في كل نواحي الحياة، وخاصة النواحي العسكرية والغذائية، وعلى وقع اصوات القذائف المدفعية يفطر شبان القرية التي تم ترحيل عائلاتها، وهم قد اعتادوا على اجواء القصف الليلة بعد ان كانت في بداياتها في شهر حزيران بمثابة اختلال كبير في ميزان القوى لمصلحة النظام، الى ان اكتشفوا محدودية اضرار القصف المدفعي واستحالة احزار اي تقدم عسكري جراء قصف مدفعي غير مترافق مع تقدم بشري او الي.
في هذه القرية الجبلية العالية، كما في العشرات من القرى في المنطقة يمكن سماع الحوارات نفسها مع المقاتلين الذين تركوا الحياة المدنية في الارياف وفي مدن المحافظات وحملوا السلاح واطلقوا على انفسهم اسم الجيش الحر، الخطاب الذي اوصلهم الى داخل حلب اليوم، والذي كرس قناعة لدى قياداتهم الوسطية، كمثل الشيخ توفيق و”الحاج مارع” وغيرهما.
في البداية اعتقد هؤلاء الشبان ان التظاهرات المدنية كافية لاحداث تغيير في النظام، وان المثقفين السوريين في الخارج والمعارضة الخارجية سيكون لها دور كبير، ثم تشكل المجلس الوطني وهيئات المعارضة، وكان ابناء هذه القرى وعائلاتهم يتعرضون لحملات تأديبية متواصلة من قبل اجهزة الامن، ولكن لا المجلس الوطني ولا المعارضة الخارجية ولا حتى الجيش الحر بقيادته العسكرية المنشقة والمتواجدة في تركيا قدمت لهؤلاء اية امال.
كانت بنادق البومب اكشن تشترى مهربة من تركيا بمبالغ كبيرة، واعتقد الثوار في القرى والارياف انها كافية لاثارة ذعر النظام والدفاع عن النفس، الا ان الواقع اخذهم الى طريق اخرى اشد قسوة، بينما المعارضة الخارجية كانت تصدر المزيد من البيانات والمناشدات للدول بالتدخل.
ثم يسمع الثوار في الارياف عن موجات تسلح وتمويل هائلة، بينما ينظرون الى بضع بنادق كلاشينكوف صينية الصنع، وطلقاتها الفاسدة بين ايديهم، ويبيعون ابقارهم ومتاعهم ليشتروا اسلحة حربية، وبعض الذخائر. وينتظرون دعما خارجيا لا يأتي، مرة مع وعود من المجلس الوطني بمنطقة عازلة، ومرة مع وعود من قيادة الجيش الحر في تركيا بتسلح نوعي.
الى ان قدم المجلس الوطني وقيادة الجيش الحر في تركيا تبريرا لاغلاق شبه كامل للتسلح بانه نتيجة خطف اللبنانيين الاحدى عشر، وهي المرحلة التي بدأت معها صياغة خطط بديلة للتسلح والتذخير، والمترافقة مع ارتفاع في وتيرة العمل العسكري من جانب الجيش النظامي قد المناطق الثائرة في ريف حلب.
في نهايات شهر ايار حاصر الجيش النظامي قرية في الريف الغربي لحلب اسمها اتارب، وبدأت محاولات التقدم نحو داخل القرية، ونجح الجيش في اختراق البلدة الصغيرة، قبل ان يعود وينسحب، ثم وبالترافق مع حصار اتارب طوق بلدة عندان، واغرقها بالقذائف المدفعية، ويمكن لزائر عندان احصاء المنازل التي لم تطالها القذائف المدفعية في البلدة على اصابع يديه الاثنين لا اكثر.
ولكن ومع محاولة دخول الجيش النظامي الى بلدة عندان اصطدم بمقاومة ضارية، مما الزمه على ترك العديد من اسلحته المتوسطة والثقيلة والذخائر والانسحاب من البلدة مع المحافظة على وجبات القصف المدفعي اليومية.
الامر نفسه تقريبا تكرر في اتارب التي فك الحصار عنها منذ ايام، بينما في قرية حور الواقعة على الطريق الرابط ما بين حلب وبلدة دارة عزة، فقد استولى عليها الثوار، ونصبوا حاجز لهم على الطريق، ومع محاولة الجيش النظامي فتح الطريق تعرض لخسارة فادحة، قتل خلالها 47 جنديا وعنصرا من “اللجان الشعبية” او الشبيحة، واعتقل خمسة من العناصر، وترك لاحقا احدهم حرا، واخذت من قوات الدعم النظامية الياته، وتمكن من سحب دبابتين معطوبتين، واخريين صالحتين من اصل تشكيلة قتالية ضم ما يقارب المئة جندي.
الغنائم التي وقعت في هذه المعارك شجعت الثوار على امرين، اولا المزيد من التلاحم القتالي، فابناء القرى يشاركون بعضهم في العمليات القتالية، حيث ترسل كل قرية مجموعة من عناصرها وتضعها بامرة المخططين الرئيسين للعمليات او بامرة ابناء القرى التي يجري الاشتباك فيها. والامر الثاني هو المزيد من نهب القوات النظامية للحصول على ذخائرها.
كان ذلك اضافة الى خيبة الامل من الحصول على دعم حقيقي بغير الخطابات من المجلس الوطني ومن قيادة الجيش الحر في تركيا، اضافة الى محاولات الجيش النظامي التمدد في المناطق التي استولى عليها الثوار، هو ما دفع بهؤلاء الى اعادة تنظيم صفوفهم وتشكيل لواء التوحيد والمشاركة في معركة حلب.
وما سمح بهذا الامر ايضا هو اشتداد قوة خلايا الثورة في احياء حلب، وارتفاع وتيرة التظاهرات المعارضة فيها، وبداية اطلاق النار والعمليات النهارية في مناطق ساخنة في المدينة الثانية في سوريا. وتنسيق سير العمليات مع مقاتلي المعارضة في مدينة حلب وخاصة في صلاح الدين، اضف الى انطلاق العمليات العسكرية داخل دمشق، بالتزامن مع تغيير تكتيكات الريف الحلبي وعاصمته.
اليوم يتحدث الشيخ توفيق الى مقاتليه وهم يستعدون ليلا للتوجه الى مدينة حلب لدعم مناطق ثائرة فيها بالقول: لا تفكروا بالعودة قبل تحرير المدينة.
بالاتفاق مع الكاتب وبالتزامن مع نشرها في مدونته الخاصة