انشقاق رئيس الوزراء رياض حجاب ضربة لنظام الأسد
انشق رئيس الوزراء السوري رياض حجاب اليوم الاثنين وانضم إلى صفوف المعارضة التي تسعى للإطاحة بالرئيس بشار الأسد ليصبح أرفع مسؤول في سوريا ينشق عن النظام الحاكم في دمشق والذي وصفه بانه “نظام ارهابي”.
وينتمي حجاب للاغلبية السنية في سوريا وليس أحد أفراد الحاشية القريبة من الأسد لكن باعتباره أبرز مسؤول مدني ينشق عن النظام يعتبر رحيله ضربة رمزية قوية لمؤسسة حاكمة تضرب بجذورها في الاقلية العلوية التي ينتمي اليها الرئيس.
ومن غير المرجح أن تترتب على رحيله عواقب فيما يتعلق بقبضة الأسد على السلطة. فسيطرة الأسد على السلطة تعود إلى جيش وجهاز أمني يهيمن عليه العلويون والذي هزه انفجار قنبلة في الشهر الماضي قتل أربعة من كبار المسؤولين بينهم صهر الأسد.
وقال التلفزيون السوري إن حجاب أقيل لكن مصدرا رسميا في عمان قال إن الإقالة أعقبت انشقاقه وفراره إلى الأردن المجاور مع أسرته.
وقال حجاب في بيان تلاه متحدث باسمه ونقلته قناة الجزيرة “أعلن اليوم انشقاقي عن نظام القتل والارهاب واعلن انضمامي لصفوف ثورة الحرية والكرامة واعلن اني من اليوم جندي من جنود هذه الثورة المباركة.”
وقال خالد الحبوس وهو قائد بارز في الجيش السوري الحر في منطقة دمشق وريفها ان مقاتليه ساعدوا حجاب في الهروب من البلاد. واضاف لرويترز عبر الهاتف “صباح اليوم ما بين الساعة الخامسة والنصف والسابعة والنصف صباحا امنا خروجه من سوريا واستلمه الجيش الاردني من الناحية الثانية.” ولم يقدم مزيدا من التفاصيل لكنه اضاف “قريبا ستسمعون بعمليات اخرى”.
وكان حجاب مسؤولا كبيرا في حزب البعث الحاكم لكنه مثل كل الانشقاقات الكبيرة الاخرى حتى الان عن الحكومة والقوات المسلحة كان سنيا ايضا ولم تكن له اي سلطة حقيقية على دولة تحكمها اسرة الاسد منذ اربعة عقود.
وقال المصدر الاردني الذي رفض نشر مزيد من المعلومات عن هويته ان “حجاب في الاردن مع اسرته”. وقال المصدر إن حجاب انشق وفر إلى الأردن قبل إعلان إقالته. وعين الأسد حجاب وهو وزير سابق للزراعة رئيسا للوزراء في يونيو حزيران بعد انتخابات برلمانية قالت السلطات إنها خطوة نحو الإصلاح السياسي في حين أن المعارضة رفضتها.
وتتعرض مدينة دير الزور مسقط رأس حجاب لقصف ضار من جانب قوات الجيش السوري منذ بضعة اسابيع فيما تحاول قوات الاسد طرد قوات المعارضة من مناطق شاسعة من الريف هناك.
وقال التلفزيون السوري إن عمر غلونجي الذي كان نائبا لرئيس الوزراء عين لقيادة حكومة تسيير أعمال اليوم.
ويعين الاسد ووالده حافظ الاسد الذي كان رئيسا قبله باستمرار رؤساء وزراء من الغالبية السنية. الا ان هذا المنصب بلا صلاحيات الى حد كبير وظلت السيطرة في يد الاسد واسرته وقادة الامن من الاقلية العلوية الشيعية.
وقال بيتر هارلنج في مجموعة الازمات الدولية وهي مؤسسة بحثية “تحدث الانشقاقات في جميع مكونات النظام باستثناء الدائرة الداخلية المقربة التي لم تظهر عليها بعد مؤشرات للانشقاق.” واضاف “يتآكل النظام منذ أشهر وتنفصل الطبقات الخارجية له في الوقت الذي يعيد فيه بناء نفسه حول قوة مقاتلة كبيرة وقوية” موضحا “أن النظام كما نعرف قد ضعف كثيرا بالتأكيد ولكن يبقى السؤال وهو ما هي الطريقة التي نتعامل بها مع ما أصبح عليه (هذا النظام)؟”
وقال المجلس الوطني السوري المعارض إن وزيرين وثلاثة من كبار الضباط انشقوا مع حجاب. ولم يتسن على الفور التحقق مما أورده المجلس الوطني.
وأعلن التلفزيون السوري إقالة حجاب في الوقت الذي تأهبت فيه القوات الحكومية لهجوم بري لإخراج مقاتلي المعارضة من حلب المركز التجاري لسوريا.
وفي وقت سابق اليوم وقع تفجير في مقر هيئة الإذاعة والتلفزيون السورية في دمشق في الوقت الذي واصلت فيه قوات مدعومة بمقاتلات الهجوم على آخر معقل لمقاتلي المعارضة في العاصمة. وقال التلفزيون الحكومي إن قنبلة انفجرت في الطابق الثالث من مبنى الإذاعة والتلفزيون. لكن في حين أن المقاتلين ربما يكونون قد وجهوا ضربة رمزية للنظام خلال الانتفاضة المستمرة منذ 17 شهرا فإن وزير الإعلام عمران الزعبي قال إنه لا توجد إصابات خطيرة وواصل التلفزيون بث إرساله.
ووقعت ايضا احداث عنف حول العاصمة حيث قالت المعارضة المسلحة ان القصف الحكومي اسفر عن مقتل ثلاثة ايرانيين كانت المعارضة تحتجزهم. وهددوا بقتل محتجزين آخرين إذا لم يوقف الجيش القصف.
وفي احياء بحلب زارها مراسلو رويترز بدا مقاتلو المعارضة في حالة إنهاك ويعانون من نقص الذخيرة بعد أيام من القصف المكثف لمواقعهم بالدبابات وبنيران الرشاشات الثقيلة من طائرات الهليكوبتر الحربية. وبعد أن زادت جرأة مقاتلي المعارضة بعد تفجير في دمشق أسفر عن مقتل أربعة من كبار مسؤولي الأمن لدى الأسد الشهر الماضي حاول المقاتلون السيطرة على دمشق وحلب المركز التجاري الواقع قرب الحدود التركية.
لكن مقاتلي المعارضة الذين يعانون من نقص السلاح يواجهون تفوق الجيش السوري. وتم إخراجهم بصورة كبيرة من دمشق وهم يجدون صعوبة بالغة في التمسك بالمكاسب التي حققوها في حلب التي يسكنها 2.5 مليون نسمة.
وانتقدت دمشق دول الخليج العربية وتركيا لدعوتها إلى تسليح مقاتلي المعارضة ووصف التلفزيون مقاتلي المعارضة بأنهم ميليشيا خليجية تركية قائلا إن مقاتلين أتراكا وأفغانا وجدوا في حلب.
ودفع إخفاق مجلس الامن التابع للأمم المتحدة في اتخاذ أي خطوة لوقف اراقة الدماء مبعوث السلام الدولي كوفي عنان إلى الاستقالة الأسبوع الماضي.
وأعلن مقاتلو المعارضة مسؤوليتهم عن احتجاز 48 إيرانيا في سوريا مما أجبر طهران على مطالبة تركيا وقطر وهما من أكبر الداعمين لمقاتلي المعارضة بالمساعدة في الإفراج عنهم.
وقصفت دبابات الجيش السوري اليوم أزقة في حلب يحتمي بها مقاتلو المعارضة وأطلقت طائرة هلكيوبتر حربية نيرانا كثيفة.
واعتلى قناصة أسطح المباني لاستهداف مقاتلي المعارضة وصوب أحدهم النار على سيارة للمعارضين محملة بالمتفجرات مما أدى إلى اشتعال النار في السيارة. وفر النساء والأطفال من المدينة وتكدس بعضهم في الشاحنات في حين ترجل آخرون متجهين إلى مناطق ريفية أكثر أمنا نسبيا.
ومحور القتال في حلب هو حي صلاح الدين وهو من مداخل المدينة. وسقطت قذيفة على مبنى قرب فريق مراسلي رويترز مما أدى إلى سقوط الركام في الشارع وتصاعد أعمدة من الدخان والغبار إلى السماء.
وقال التلفزيون الحكومي إن قوات الأسد تطهر البلاد من “الإرهابيين”.
وكانت المدينتان الرئيسيتان في سوريا تخلوان نسبيا من العنف حتى الشهر الماضي عندما تدفق عليهما المقاتلون مما أدى الى تحول دفة الصراع. وصدت الحكومة بصورة كبيرة الهجوم على دمشق لكنها تجد صعوبة أكبر في استعادة حلب.
وكان حي صلاح الدين في حلب ذات يوم حيا تجاريا مزدحما حافلا بالمطاعم حيث كان السكان يمضون الأمسيات مع أسرهم لكنه آل الآن إلى ركام وانقاض.
وكست واجهات المباني قرب الجبهة آثار قذائف الدبابات وتحولت المنازل إلى مواقع للمراقبين والقناصة بالنسبة لمقاتلي المعارضة.
وتستخدم كتل كبيرة من الخرسانة حواجز لإغلاق الشوارع. وتتناثر أعمدة الإنارة على الأرض بعد أن سقطت بفعل القصف.
ويعود مدنيون بين الحين والاخر لجمع أمتعتهم والتأكد من سلامة منازلهم. وقالت فوزية أم احمد وهي تبكي “من اجل التمسك بالسلطة هو مستعد لتدمير شوارعنا ومنازلنا وقتل أبنائنا” في إشارة إلى الحملة التي يشنها الأسد على الانتفاضة. وأضافت “لم أعد أعرف هذه الشوارع.”
وتدعم ايران وحزب الله اللبناني الاسد. ودعت دول الخليج إلى تسليح مقاتلي المعارضة وسمحت تركيا باستضافة قيادة الجيش السوري الحر.
وقال مصدر من المعارضة السورية المسلحة أمس إنهم يتأكدون من شخصيات الإيرانيين المخطوفين لإظهار أن طهران متورطة في القتال لصالح الأسد.
وتقول إيران إن المخطوفين زوار لأماكن مقدسة في سوريا وإنهم خطفوا من حافلة في دمشق.