سوريا: ديبلوماسية مشتتة وقتال شرس
اتهمت الولايات المتحدة الثلاثاء ايران بالعمل على تشكيل ميليشيا في سوريا موالية للنظام السوري، فيما تشاورت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون مع نظرائها الغربيين في كيفية تسريع سقوط الرئيس بشار الاسد.
في هذا الوقت، تواصلت المعارك والعمليات العسكرية لا سيما في حلب (شمال) وتحدث المرصد السوري لحقوق الانسان عن مقتل 89 شخصا الثلاثاء في مناطق سورية مختلفة.
واتهم وزير الدفاع الاميركي ليون بانيتا الثلاثاء الحرس الثوري الايراني بالعمل على تشكيل ميليشيا في سوريا موالية لنظام الاسد لمواجهة المعارضة.
وقال بانيتا في مؤتمر صحافي ان ايران “تسعى لتشكيل ميليشيا في سوريا تقاتل لحساب النظام. اننا نشاهد وجودا متعاظما لايران في سوريا والامر يقلقنا كثيرا”.
واضاف “الى ماذا سيؤدي هذا الامر، بصراحة، الى استمرار معاناة السوريين”، مطالبا ايران “بالتفكير مليا في ضلوعها” في الازمة السورية.
وقال رئيس اركان الجيوش الاميركية الجنرال مارتن دمبسي ان هذه الميليشيا مؤلفة من “سوريين هم شيعة عموما وبعضهم علويون”.
واوضح دمبسي انه يتم تدريب هذه الميليشيا وفق نموذج جيش المهدي في العراق الذي كان بقيادة الزعيم الشيعي مقتدى الصدر وقاتل القوات الاميركية في هذا البلد.
في موازاة ذلك، تشاورت كلينتون هاتفيا مع العديد من نظرائها الغربيين في سبل تنسيق التحرك لتسريع تنحي الرئيس السوري.
وقالت الخارجية الاميركية انه اثر محادثات اجرتها في تركيا نهاية الاسبوع الفائت، عقدت كلينتون مؤتمرا عبر الهاتف استمر اكثر من ساعة الاثنين مع وزراء خارجية فرنسا لوران فابيوس وبريطانيا وليام هيغ والمانيا غيدو فسترفيلي وتركيا احمد داود اوغلو.
واوضحت المتحدثة فيكتوريا نولاند ان الوزراء ناقشوا “الدعم الواجب تقديمه الى المعارضة” في سوريا “بهدف التعجيل في سقوط نظام الاسد” المتهم بقمع الحركة الاحتجاجية المناهضة له، اضافة الى وضع اللاجئين السوريين ومرحلة ما بعد الاسد.
وكان رئيس الوزراء السوري المنشق رياض حجاب اكد ان النظام بات “منهارا معنويا ومتصدعا عسكريا”.
وقال حجاب في مؤتمر صحافي عقده الثلاثاء في الاردن ان النظام السوري “بات منهارا معنويا وماديا واقتصاديا ومتصدعا عسكريا، ولم يعد مسيطرا بالفعل على اكثر من 30 بالمئة من ارض سوريا”.
وفي خطوة لتشجيع القيادات السورية على الانشقاق عن النظام، قررت وزارة الخزانة الاميركية رفع التجميد عن اصول وارصدة رياض حجاب، لانه لم يعد مسؤولا في حكومة الاسد.
ودعت الوزارة القيادات داخل النظام السوري الى الاقتداء بحجاب.
في دمشق، اجرت مساعدة الامين العام للامم المتحدة للشؤون الانسانية فاليري آموس محادثات الثلاثاء مع رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي ونائب وزير الخارجية فيصل المقداد ووزير المصالحة الوطنية علي حيدر.
واعلنت الامم المتحدة ان زيارة آموس “تهدف الى لفت الانظار الى تدهور الوضع الانساني في سوريا والى اثر النزاع على السكان سواء من هم في سوريا او من فروا في اتجاه دول اخرى وخصوصا لبنان”.
ويزور وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس اعتبارا من الاربعاء الاردن ولبنان وتركيا في جولة تهدف الى ابراز الدعم الفرنسي للاجئين السوريين.
وتجري مستشارة الرئيس السوري بثينة شعبان الثلاثاء محادثات في بكين حول “تسوية سياسية” للازمة في بلادها، ستلتقي خلالها وزير الخارجية الصيني يانغ جيشي.
وتعقد الثلاثاء قمة اسلامية في مكة بمبادرة من العاهل السعودي عبدالله بن عبد العزيز، في ظل انقسام بين الدول الاسلامية مماثل لانقسام المجتمع الدولي حول سوريا.
وطالب الاجتماع الوزاري التمهيدي للقمة مساء الاثنين بتعليق عضوية سوريا في المنظمة في قرار اتخذ بالاكثرية المطلقة، وقد رفضته ايران.
ميدانيا، افاد المرصد السوري لحقوق الانسان ان 89 شخصا قتلوا الثلاثاء في سوريا بينهم 16 في حلب وهم 53 مدنيا و34 جنديا نظاميا وجنديان منشقان.
وتواصل قصف القوات النظامية للاحياء الشرقية من مدينة حلب التي يسيطر عليها المقاتلون المعارضون الذين هاجمت مجموعة منهم رتلا عسكريا قرب منطقة باب الهوى، بينما شهدت بلدة باتبو في ريف حلب هجوما من مقاتلين معارضين على قافلة للقوات النظامية “ما اسفر عن تدمير واعطاب ثلاث اليات ثقيلة”، بحسب بيان للمرصد مساء الثلاثاء.
وكان المرصد قال صباحا ان “اشتباكات بين القوات النظامية ومقاتلين من الكتائب الثائرة تدور في حيي سيف الدولة (غرب) وصلاح الدين (جنوب غرب) بالتزامن مع سماع اصوات انفجارات في الحيين. كما تعرضت احياء الصاخور وهنانو والشعار (شرق) للقصف”.
وكتبت صحيفة الوطن السورية المقربة من السلطات الثلاثاء ان وحدات الجيش النظامي “لا تزال تحكم طوقها حول المدينة وتسد منافذ خطوط امداد المسلحين في انتظار اوامر القادة الميدانيين بدخول باقي الاحياء الساخنة، وان كانت المؤشرات الاولية تدل على انها تتبع تكتيك القضم التدريجي بدل المواجهة الشاملة تفاديا لوقوع ضحايا مدنيين”.
وفي دمشق، لفت المرصد في بيان مساء الثلاثاء الى تعرض “حيي القدم والعسالي للقصف من قبل القوات النظامية السورية”، موضحا ان “لا معلومات عن حصول اشتباكات حتى الآن”.
وقصفت القوات الحكومية مدينتي داريا ودوما في الريف الدمشقي، بحسب المرصد.
وفي ادلب (شمال غرب)، تعرضت بلدة بنش للقصف من قبل القوات النظامية، بحسب المرصد الذي اشار ايضا الى تعرض قرية الشير في ريف حماه (وسط) للقصف “بالتزامن مع قطع كافة الاتصالات”.
وفي درعا جنوبا، “تدور اشتباكات عنيفة في بلدة طفس بين مقاتلين معارضين والقوات النظامية التي اقتحمت الحي الغربي وسيطرت على المشفى الوطني”، بحسب المرصد الذي لفت الى قيام القوات النظامية باحراق 10 منازل.
وافاد المرصد السوري ان عدد القتلى في سوريا فاق 23 الفا منذ اندلاع الاحتجاجات ضد نظام الرئيس بشار الاسد قبل 17 شهرا، بينهم اكثر من 2400 قتلوا منذ بداية آب/اغسطس الحالي.
وفي جنيف، اعلن احمد فوزي المتحدث باسم الوسيط الدولي السابق كوفي انان الذي استقال، ان السوريين موافقون على ترشيح الجزائري الاخضر الابراهيمي لمنصب المبعوث الخاص للامم المتحدة لسوريا.
واعلنت الخارجية السويسرية ان سويسرا قامت مجددا الثلاثاء بتشديد عقوباتها على النظام السوري عبر اضافة اسماء الى قائمة الاشخاص الذي تم تجميد ارصدتهم.
ودانت منظمة “مراسلون بلا حدود” في “رسالة مفتوحة” الثلاثاء موجهة الى المعارضة السورية، الاعتداءات المتزايدة على الاعلام الحكومي في سوريا.
واعلنت قناة “العالم” الايرانية الرسمية ان مجموعات مسلحة خطفت احد مراسليها في مدينة حمص في وسط البلاد، وذلك بعد سلسلة عمليات خطف وقتل طالت صحافيين آخرين يعملون في وسائل اعلامية رسمية خلال الاسابيع الماضية.