القدس- فادي هاني
قبل ثلاثة وأربعين عاماً، في مثل هذا اليوم، وصل “دينيس مايكل روهان” المتطرف الصهيوني الذي كان يحمل الجنسية الاسترالية، إلى فلسطين بحجة “السياحة”، لكن النية كانت مختلفة عن البرنامج المعلن، لأنه من أحرق المسجد الأقصى وتحديداً جناحه الشرقي، والمنبر التاريخي المعروف بمنبر “صلاح الدين”، ولم تتوقف اعتداءات المستوطنين منذ ذلك الحين على المساجد والكنائس الفلسطينية، فها هي دولة الاحتلال تخطط لإقامة مهرجان “للنبيذ” في أحد مساجد بئر السبع التاريخية.
فقد اختارت شركات إسرائيلية خاصة أن تقيم مهرجان النبيذ السنوي في باحات المسجد الكبير بمدينة بئر السبع بالنقب، الذي تم وضع اليد عليه من قبل المؤسسة الإسرائيلية في حزيران من العام الماضي 2011، وتحويله إلى متحف للتراث اليهودي وللجيش الإسرائيلي.
وبحسب معلومات “الأخبار” سيقام المهرجان الذي يتضمن أيضا عروضا موسيقية يومي 5 و6 أيلول المقبل بمشاركة نحو ثلاثين شركة وخمارة من إسرائيل والعالم، وشركات لاستيراد وتصدير الخمور التي ستعرض منتجاتها من نبيذ وخمور داخل المسجد.
وأطلقت مؤسسات وحركات دينية وحقوقية فلسطينية حملة مناهضة للمهرجان وطالبت المؤسسة الإسرائيلية بمنعه، حيث توجه المركز الحقوقي (عدالة) برسالة رسمية إلى المستشار القضائي للحكومة يهودا فينشطاين مطالبا بالتدخل لمنع إقامة مهرجان النبيذ بساحات المسجد، وتجميد جميع الاحتفالات والنشاطات بالمسجد وتخومه والتأكيد على حق المسلمين باستعادته وافتتاحه للصلاة.
فيما شرع مركز الميزان الحقوقي بتحضير دعوى قضائية للالتماس للمحكمة العليا الإسرائيلية لمطالبتها بالتدخل لمنع انتهاك المسجد وإلزام الحكومة الإسرائيلية باحترام قرار سابق للمحكمة صدر في يونيو/حزيران 2011 ويقضي بإعادة المسجد للمسلمين، بينما تستعد الحركة الإسلامية لخوض حملة شعبية ومظاهرات بالنقب عقب عيد الفطر تدعو لإلغاء المهرجان واستعادة المسجد.
ويقول نائب رئيس الحركة الإسلامية بالداخل الفلسطيني الشيخ كمال خطيب، إن وتيرة الانتهاكات الإسرائيلية للمقدسات العربية والإسلامية بالداخل الفلسطيني تصاعدت بالفترة الأخيرة، حيث تمادت الشركات الخاصة والمؤسسات اليهودية باستهدافها للأماكن المقدسة من مقابر ومساجد، بإقامة مشاريع عمرانية وسياحية وإسكانية وترفيهية على أنقاض المقدسات، مؤكدا أن مهرجان النبيذ المزعوم يندرج بإطار هذه الحملة المحمومة والشرسة على المقدسات والمساجد مما يشكل انتهاكا صارخا للمقدسات وحرمتها ومساسا بمشاعر وكرامة العرب والمسلمين.
ووجه خطيب انتقادات لإسرائيل التي تتباكى عندما تتعرض الكنس اليهودية لأي تدنيس بأوروبا، معتبرا إقامة المهرجان تجاوزا لكافة الخطوط الحمراء وتحديا للمسلمين ومشاعرهم وانتهاكا لمقدساتهم ومساجدهم.
يذكر أن المسجد الكبير في بئر السبع بني عام 1906 في عهد الدولة العثمانية، وكان من أهم المساجد في الجنوب الفلسطيني، وبقي مفتوحا للصلاة حتى النكبة بالعام 1948، حيث أغلقته إسرائيل وحولته بداية لمعتقل ومحكمة، وبمطلع التسعينيات من القرن الماضي حتى 2002 استخدم مبنى المسجد كمتحف للنقب، وفي العام 2011 حول لمتحف للتراث اليهودي وتاريخ الحركة الصهيونية منذ عهد الاستعمار البريطاني لفلسطين، وتضمن صورا تخلد الجيش الإسرائيلي والمعارك التي خاضها.