سوريا: معارضو الداخل يحملون رؤاهم إلى باريس
باريس ــ بسام الطيارة
لم تقف العراقيل التي وضعتها السلطات الفرنسية، دون عقد المؤتمر الصحافي لأعضاء هيئة التنسيق السورية المعارضة. فبعدما رفضت الوزارة أن يعقد في مركز الصحافة الأجنبية، تم عقد المؤتمر الصحافي في مبنى صحيفة “اللوموند” الفرنسية، حيث شارك فيه المعارضون ميشال كيلو وفايز سارة وسمير العيطة، لشرح وجهة نظرهم في الأحداث التي تشهدها سوريا.
وحسب معلومات توافرت لدى موقع «أخبار بووم» فإن الكي دورسيه، شهد تبايناً بين دائرة الشرق الأوسط والدائرة الإعلامية، قبل أن يرفض بقوة أن يكون اللقاء في المركز الصحافي الفرنسي، الذي استقبل عدداً من المعارضين قبل ٢٤ ساعة لمناسبة إطلاق «أسبوع دعم ونصرة الشعب السوري».
لكن لم تغط هذه «المفارقة» على زخم الحدث الذي نظمه نادي الصحافة العربية في فرنسا، ولا في عدد الحضور الذي شمل عدداً لا يستهان به من ممثلي الصحافة الفرنسية وعدد من وجوه المعارضة في الخارج وأبرزهم هيثم المناع. بالطبع كان السؤال حول موقف هيئة التنسيق من مسألة التدخل الخارجي محور انتظار الصحافيين، فأجاب كيلو بأن «العنف فتح باب التدخل الخارجي». وأضاف «لم يبق طرف لم يتدخل في سوريا، من حزب الله إلى إيران مروراً بالسعودية وقطر والصين… حتى الكتائب وإسلاميي شمال لبنان». وأشار إلى أن النظام السوري باستعماله العنف يفتح الأبواب للتدخل الخارجي، إلا أنه أكد رفض «النموذج الليبي». وحول الحماية الدولية، قال إن الشارع السوري يفهمها «بشكل منظمات دولية تطبق القوانين الدولية لحقوق الإنسان التي هي أقوى من القوانين المحلية لحماية المدنيين عبر مراقبين نفضل أن يكونوا من الدول العربية والإسلامية».
أما فايز سارة، فشدد على أنهم قادمون من الداخل ورغم هذا فهم لا يحملون «شهادة حاسمة، بل وجهة نظر»، لأنه لا يريد أن يتكلم باسم الآخرين، مؤكداً على أن المعارضة تتسع للجميع. ولكنه أشار إلى «دور المرأة المتقدم» في هذه الثورة وهو ما رآه «تحولاً كبيراً». وحول «تفكك الجيش»، قال المؤتمرون بأن «الجيش لا يزال متماسكاً»، إلا أن عدداً من الجنود «ما أن يُرسلوا إلى مناطق قريبة من مسقط رأسهم حتى يهربوا» لعدم قمع أهلهم.
وبعدما شرح العيطة ظروف واقع حال الثورة في الداخل، أشار كيلو إلى أن «الجيش يمكن أن ينهار ما أن يقتنع بأنه لا يستطيع الانتصار على الشعب». وعندما سئل عما إذا كان يوجد «مسالك للحوار»، قال «نظرياً توجد دائماً مسالك للحوار»، إلا أنه أضاف «لن نقبل بأن يكون الحوار غطاء للحل الأمني». وعندما سئل المؤتمرون عن موقفهم من المجلس الوطني، كانت الإجابة أن «الموقف النهائي من المجلس يتوقف على ما سوف يفعله المجلس» وأن الجميع يتمنى من المجلس أن «ينفتح ويقبل بوجود الآخرين لأن الديموقراطية هي في التعددية». وأضافوا بأنه لا يجب لأحد أن «يصادر دور الآخر»، وأن الوحدة تكون بتجنب الانزلاق نحو الحرب الأهلية والاقتتال.
ورداً على سؤال عن موقفهم من المطالبة «بسقوط النظام الأمني فقط»، رد العيطة بأن المطالبة بذهاب بشار الأسد تمت في قلب دمشق في ١٧ أيلول/سبتمبر، وأكد أنه من المطلوب اليوم هيئة سياسية لتنقل ما يحصل من تمرد إلى ثورة وتؤطر تحرك الشعب وصولاً إلى مطامحه.
إلا أن السؤال الذي كان يطن في آذان الصحافيين وجاءت الإجابة عليه «ناقصة ودبلوماسية» بعض الشيء، يدور حول أسباب عدم توافق، إن لم نقل خلاف أعضاء هيئة التنسيق الوطنية مع المجلس الوطني، «رغم الاحترام المتبادل» مع بعض الشخصيات. وقد علم موقع «أخبار بووم» من مصادر مقربة من هيئة التنسيق أن أسباب عدم التوافق متعددة وتتجاوز مسألة الحساسيات الشخصية، ويمكن حصرها في ثلاث نقاط:
١- مسألة التدخل الخارجي فهي مرفوضة بقوة من قبل هيئية التنسيق بعكس المجلس الوطني، الذي لا يزال موقفه غامضاً، وسط تصريحات متناقضة لعدد من أعضاء مكتبه خصوصاً في الصحافة الأجنبية.
٢ – الدور الكبير المعطى في المجلس للإسلاميين وحصة الـ ٤٠ في المئة التي يمكن أن تعكس قوتهم في الخارج، و«هو التبرير الذي يقدمه برهان غليون» إلا أنها لا تعكس وجودهم في الداخل على الأرض في صفوف المتظاهرين.
٣ – يرى بعض أعضاء الهيئة بأن «شخصيات كثيرة برزت في الربع ساعة الأخيرة» رفضوا تسميتها ولكنهم قالوا إنها أتت من «آفاق بعيدة عما يحصل في الداخل» وبات لها دور يتجاوز بكثير ما يمكن أن تمثله على الأرض.
ويقود البحث في أسباب «التباين» بين المجلس الوطني وبين هيئة التنسيق وما حدث من تردد في أوساط الدبلوماسية الفرنسية تجاه الهيئة قبل رفض إعطائها منبراً تحت سقف سلطة الكي دورسيه، إلى النظر إلى موقف باريس من المعارضة السورية. ففي حين تتعرض الدبلوماسية الفرنسية لضغوط المجلس الوطني الذي يملك دعماً كبيراً في الإدارة والأوساط السياسية لاعتباره «الممثل الوحيد» للمعارضة، ترى بعض الجهات «الخبيرة» أنه يجب الانفتاح أيضاً على معارضة الداخل الممثلة بالهيئة وغيرها لتجنب «انقسام المعارضة».
وقد سئل برنار فاليرو، الناطق الرسمي لوزارة الخارجية، ما إذا كان سيجتمع ممثل فرنسي مع أعضاء الهيئة في باريس، فأجاب «ممكن». وأكد في مؤتمره الصحافي الاسبوعي بأن «المجلس الوطني لم يطلب الاعتراف به»، إلا أنه أضاف «سوف يأتي وقت الاعتراف به». وتابع بأن «المعارضة السورية هي في مرحلة التنظيم، فلندعها تعمل».