هل جريمة قتل الحلّي ترتبط بسلسلة الجرائم حول أموال صدام؟ ٢/٤
تحدثت صحيفة «ديلي ميل» (Daily mail) اللندنية عن علاقة بين مهندس الطيران سعد الحلّي الذي قتل وزوجته وحماه السويدية في السيارة بينما نجت من المجزرة ابنتيهما، وصدام حسين ، وقتل أيضاً «دراج» كان يمر «بالصدفة» في المكان حسب ما صرح به مدعي عام «أنسي» (Annecy). وأكدت الصحيفة أن الحلي كان تحت مراقبة من الشرطة البريطانية إبان حرب ٢٠٠٣ على العراق التي شاركت بها بريطانيا.
توجد أسباب كثيرة للربط بين هذه الجريمة النكراء وبين «كنز صدام» كما يشير إلى المبالغ التي وضعها صدام في الخارج والتي تبحث عنها سلطات بغداد وعدد لا يستهان به من الحكومات إضافة إلى مئات الأشخاص، وتقدر هذه الأموال بحوالي الـ«١٧٠ مليار دولار» حسب ما ذكر مصدر مصرفي لـ«برس نت» يفضل عدم ذكر هويته مبرراً ذلك بالقول «ألا ترى أن كل من يقترب من هذا الملف يلقى مصيراً مشؤوماً؟».
قبل الغوص في سلسلة الذين دفعوا حياتهك ثمناً لقربهم من هذا الملف (ويتجاوز عددهم أصابع عدة أيدي وإن كانت الصحافة لا تشير مباشرة إلى رابط بينهم وبين كنز صدام)، لنعود إلى ظروف الجريمة الأخيرة وغرائب ملابساتها، وذلك استناداً إلى تحليل أحد المقربين من التحقيق إلى جانب بعض التقارير الصحافية التي يفيد تقاطع ما ذكرته في إضاءة بعض جوانب غرابة هذه الجريمة. يشير أحد الهتمين بهذا الملف إلى عدة نقاط متعلقة بالجريمة بحد ذاتها بغض النظر عن علاقتها بكنز صدام:
١) توقيت «سياحة» الحلي في نهاية موسم السياحة، علماً أن المدارس في بريطانيا تفتح أبوابها في مطلع شهر أيلول/سبتمبر والحلي كان يتنقل مع مع ابنته زينب ٨ أعوام التي كانت مسجلة في مدرسة.
٢) المكان الذي اختاره الحلي لـ«السياحة» في منطقة نائية قد تصلح لرياطيين محبي تسلق الجبال ولكنها بعيدة جداً عن أهواء «طفلتين ترافقه وزوجته وحماه».
٣) كما أن هذا المكان معروف بأنه «منطقة تهريب» ويسمى «الحدود الثلاثية» إذ أنه يقع على أطرف حدود ثلاث دول (إيطاليا وفرنسا وسويسرا)، ويستعمله «مهربو السجاير» عادة ويعتبر ممراً للمهاجرين غير الشرعيين أو لـ«مهربي الثروات إلى سويسرا».
وقد عدد أحد المحققين عدد من الاحتمالات التي قادت إلى هذه الجريمة منها أن يكون الدافع «نزاع عائلي»: وهذا ما يقود إلى التحقيق مع شقيقه زيد. أو أن تكون عملية «سلب قد انتهت بشكل درامي» ويستبعد بعض سكان المنطقة هذا الأمر لأنها أرض مقفرة ومن الغريب أن ينتظر قطاع الطرق ساعات وساعات مرور سيارة لسلبها، أو أنهم كانوا ينتظرون سيارة معينة فيهاأموال مهربة أو أشياء ثمينة، وفي هذه الحالة إما أن يكون قد حصل خطأ … أو أن تكون سيارة الحلي هي السيارة المُترقبة…وهنا السؤال ماذا كان يحمل الحلي معه؟
العامل الأخير في هذا التحليل هو شخصية «الدراج الذي اكتشف السيارة والقتلى»، وهو غير الدراج الذي قتل والذي يتفق جميع المحققين على أنه «وجد في مكان غير مناسب في لحظة غير مناسبة»، فهو رياضي اعتاد أن يمارس هوايته على هذه الطريق المقفرة. أما الدراج الذي وجد السيارة والتصل بالشرطة فقد تبين أنه «ضابط سابق في سلاح الجو البريطاني»، وهي كما يقول أحد المراقبين «صدفة غريبة أن يجد أحد ضباط جلالتها مواطنين جلالتها مقتولين» في إشارة إلى جنسيتهم المشتركة. وقد حاول الاتصال هاتفياً بأقرب مركز للشرطة إلا أن المنطقة لم يكن فيها إشارة إسال، فاضطر لـ«العودة إلى القرية للإبلاغ عن الحادث.
(… يتبع مسيرة سعد الحلّي ومراقبة الشرطة له)
كنز صدام
تعود قصة كنز صدام إلى فترة وصول حزب البعث إلى السلطة وتطلعات مسؤوليه وعلى رأسهم صدام لتكوين «كنز حرب» يساعد على استيراد أسلحة ودعم مؤيديهم في الدول العربية الأخرى لمنافسة البعث السوري. ومع وصول صدام إلى سدة الحكم وانطلاقه في مسار الحصول على «ركاءز قوة إقليمية ومنها السلاح النووي وقدرات صاروخية، تغيرت وجه استعمال الأموال المودعة في الخارج، وباتت تمول استيراد المواد الاستراتيجية التي يصعب استيرادها رسميا.
وأسندت مهمة إدارة «كنز صدام» إلى مؤسسة مالية تحمل اسم «مديب» (MEDP) كانت تتخذ من «لوغانو» (Lugano) في سويسرا مقرا لها . وكانت هذه الأموال تتكاثر نتيجة العُمولات المدفوعة من طرف الشركات مقابل الحصول على عقود وصفقات مع العراق. وتفرعت من هذه المؤسسة شبكة واسعة ومكثفة من الشركات الوهمية «الأوف شور» (Off Shore) في عدد من الجنات الضرائبية التي لم تكن تنظر كثيراً إلى مصادر هذه الأموال ومنها ما استقر في إمارة الليشتنشتاين أو بنما أو حتى في الولايات المتحدة وفرنسا وهونغ كونغ وإيطاليا والنمسا وبريطانيا والبرازيل الذي كان يعتبر، حسب مصرفي تكلم مع «برس نت» المركز الثاني بعد لوغانو لسبب ما زال مجهولاً.
وكان «جواد الهاشم» أو «محاسب صدام» قد كشف بأن قوة هذه الشبكة هو أن الأموال لم تكن ف يسويسرا بل موزعة حول العالم وتديرها شركات متواجدة في مدن وبلدان مختلفة وبعيدة عن الثوروات التي تديرها.
وخلال أيام الحصار كانت هذه الشركات تنظم وتدير كافة عمليات تصدير الأسلحة وقطع الغيار والمواد التقنية التي كانت خاضعة للوائح المنع الصادرة عن الأمم المتحدة. والجدير بالذكر أن سنوات الحصار درت المزيد من الأموال إذ باتت كل عمليات تصدير النفط فيما يسمى «غذاء مقابل النفط» تمر عبر هذه المؤسسات بشكل كثير التعقيد سهلت تنفيذها العمولات للعديد من الشخصيات العالمية.
(…يتبع حجم المبالغ)