تعهد الاتحاد الأوروبي بمساعدات اقتصادية لمصر تصل قيمتها إلى 700 مليون يورو (902 مليون دولار) أمس الخميس لإظهار كيف تحاول الحكومات الأوروبية بناء روابط مع الحكام الإسلاميين الذين تولوا السلطة بعد أول انتخابات حرة تشهدها البلاد.
وجاء التعهد في حين يقوم الرئيس المصري محمد مرسي بأول زيارة له لأوروبا بعد انتخابه في يونيو حزيران الماضي آملا في طمأنة الاتحاد الأوروبي بشأن التزامه بالديمقراطية وكسب مساعدات اقتصادية مع تطلعه لانعاش الاقتصاد.
ووصل مرسي إلى السلطة بعدما رشحته جماعة الاخوان المسلمين المناهضة لإسرائيل والتي بدأت واشنطن علاقات رسمية معها في العام الماضي. وقال مرسي اليوم انه يؤيد الاحتجاج السلمي وليس مهاجمة السفارات بعد أن تسلق مصريون غاضبون من فيلم يقولون إنه مسيء للنبي محمد جدران السفارة الأمريكية في القاهرة وأنزلوا العلم الأمريكي.
وتريد أوروبا الابقاء على مصر كحليف قوي للغرب بعد انتهاء الحكم السلطوي للرئيس السابق حسني مبارك العام الماضي وتأمل في أن تصبح القاهرة نموذجا لدول المنطقة التي شهدت تغيرات منذ بدء انتفاضات الربيع العربي في 2011.
وقال هيرمان فان رومبوي رئيس المجلس الأوروبي الذي يمثل حكومات الاتحاد الأوروبي “مصر دولة رئيسية في منطقة قريبة جدا ومهمة جدا لأوروبا.” وأضاف “نجاح مصر سيكون له آثار إيجابية على المنطقة بأسرها.”
وقال رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو إن الاتحاد الأوروبي تعهد بتقديم مساعدات مالية لمصر بقيمة 500 مليون يورو – بشرط توصل مصر لاتفاق مع صندوق النقد الدولي بشأن مساعدات مالية – بالاضافة إلى ما بين 150 و200 مليون يورو لتمويل خطة للتعافي الاقتصادي.
وتأتي هذه التعهدات بالإضافة إلى 449 مليون يورو اتاحها الاتحاد الأوروبي بالفعل لمصر في الفترة من 2011 إلى 2013 لدعم برامج مثل التدريب المهني للشبان.
ولدى الاتحاد الأوروبي خطط طموحة لقيادة شمال افريقيا الذي يصفه بجاره الجنوبي نحو ديمقراطية أعمق بعد الربيع العربي ويقول مسؤولون من الاتحاد إنهم يريدون توضيح انهم يربطون بين المساعدات والإصلاحات الديمقراطية.
وشملت المحادثات في بروكسل مسائل تتعلق بالدستور الجديد الديمقراطي لمصر.
وقال مسؤول بارز من الاتحاد الأوروبي “السياق السياسي للزيارة مهم للغاية… مصر تناقش الآن دستورها المستقبلي الذي سيكون مهما للبلاد… ونأمل أن يكون مرجعا لبقية الدول العربية.”
والاتحاد الأوروبي هو أكبر شريك تجاري لمصر واظهرت بيانات 2010 حجم تجارة يزيد عن أربعة امثاله مع الولايات المتحدة ثاني أكبر شريك تجاري لمصر.
لكن الاتحاد يواجه منافسة على بسط النفوذ. فقد كانت أول زيارة لمرسي بعد انتخابه خارج المنطقة العربية وافريقيا إلى الصين ثالث أكبر شريك تجاري لمصر. ودعمت واشنطن الجيش المصري على مدى عقود ما يعطيها وضعا متميزا.
وحتى الآن كان تعامل الولايات المتحدة مع حكومة مرسي حذرا. فقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما ردا على سؤال على التلفزيون أمس الأربعاء عما إذا كانت مصر مازالت حليفة للولايات المتحدة إنها ليست حليفا ولا عدوا. وفي عهد مبارك كانت الولايات المتحدة تصف مصر بانها حليف استراتيجي.
وعلى العكس كان موقف زعماء الاتحاد الأوروبي في التعامل مع مصر واضحا تماما.
فقال باروزو إنه “سعيد للغاية بالتطمينات التي قدمها اليوم الرئيس مرسي فيما يتعلق بالتزام مصر الكامل بالديمقراطية وحكم القانون.”
وقال فان رومبوي لمرسي إن الاتحاد الأوروبي سيقف بجانب الشعب المصري “كصديق وجار وشريك”.
والمساعدات المالية تمثل احتياجا ملحا لحكومة مرسي الجديدة. فقد اضرت الثورة في العام الماضي بإيرادات السياحة وبالاستثمار الأجنبي. ومازالت البلاد تحاول توحيد صفوفها فضلا عن تدعيم الاقتصاد.
وطلبت مصر بالفعل قرضا بقيمة 4.8 مليار دولار من صندوق النقد الدولي وتأمل في ابرام الاتفاق بحلول نهاية العام. وطلبت مساعدات بقيمة 500 مليون يورو (644 مليون دولار) من المفوضية الأوروبية.
لكن احتياجاتها قد تكون أكبر من ذلك بكثير. فقد قال مسؤول بارز بالاتحاد الأوروبي أمس الأربعاء انها قد تحتاج لتمويل يزيد على عشرة مليارات دولار لدعم الموازنة وثقة المستثمرين بعد 18 شهرا من الاضطرابات السياسية.