كثيرة هي الكتب التي صدرت عن الحركة الماسونية العالمية وعلاقتها بامتداداتها من الأندية (الليونز والليونس والروتاري) التي تعمل تحت شعارات إنسانية خيرية، فيما تصب أهدافها في مصلحة تعزيز موقع الحركة الأم التي اتّهمت دائماً بأنها ربيبة الصهيونية العالمية ولسان حالها في قصور البلاط وأروقة الحكم في معظم دول العالم.
طبعاً، كُتب الكثير عن هذه الحركة السريّة وكان الكثير من الكتابات قد صدر إما بدافع آيديولوجي أو من منطلق التنظير لنظرية المؤامرة والتهويل على المواطن العربي بقدرة اسرائيل وعملائها على اقتحام غرف نومنا وكل تفاصيل حياتنا.
لكن ما كتبه الصحافي فايز كرم (وهو غير العميد اللبناني فايز كرم، المُدان بالعمالة لاستخبارات العدو الصهيوني)، هو تجربة شخصية نقلها كرم، بحسّه الوطني وإسلوبه الصحافي، الى الورق بعد ردح من الزمن. وذلك في كتابه الصادر عن دار فكر للأبحاث والنشر في بيروت بعنوان “الصهيونية تحكم مملكة الحكّام”.
نحو 18 عاماً بين العام 1962 والعام 1980، قضاها الصحافي المُخضرم فايز كرم، في مجلة “الليونز” في بيروت، التابعة لنادي الليونز منطقة 351 (تضم بحسب التوزيع الليونزي كلا من لبنان وسوريا والعراق وليبيا ومصر).
الكتاب عبارة عن سرديّة سلسة التعبير ذات دلالات عديدة، يتوصل بها الكاتب الى قناعة بأهمية دور هذا النادي في محاربة المشروع العربي التحرري خدمة للمشروع الصهيوني التوسعي، ويضمّن عمله برسائل ومستندات تُثبت صحة الانحياز الواضح من قبل حكام الليونز وأعضائه للكيان الاسرائيلي.
إذن، أعضاء نادي الليونز، حسبما يوضح لنا كرم، ليسوا “جماعة أكل وشرب وحفلات ورقص”، كما ذكرت له السكرتيرة حين بدأ العمل في مكتب مجلة “الليونز” في فندق البريستول عام 1962.
ثمة أسئلة عديدة يحاول الكاتب الاجابة عليها من منطلق تجربته الشخصية، بعيداً عن أي تحليل أو ترف فكري أو معلومات استقاها من الغير. ينطلق الكاتب من سؤال بديهي: من جاء بأندية الليونز الى المنطقة؟ ثم يتحدث عن “طرقها الماسونية المكشوفة”، و”التطبيع مع اسرائيل منذ انشائها عام 1948 على أرض فلسطين التاريخية”، مشيراً الى أن جميع الأندية تعمل بإسم النادي الأم الصهيوني.
ويتناول في بعض الفصول ميزانية النادي المالية التي لا يتم التصريح عنها، والتي تتحصّل من اشتركات الأعضاء وتُرسل الى “هيئة الأركان” في شيكاغو في الولايات المتحدة.
ولا أدري لماذا اكتفى الكاتب بنشر موقف مُجمّع الفقهاء في مكة، الذي كفّر كل من ينتسب الى هذا النادي، في سياق استعراض الكاتب لنظرة الآخرين الى الليونزية، مع أن هناك العديد من المواقف المُرفقة بحيثيات تحاول تاكيد تورط الليونزية بدعم اسرائيل وخروجها من رحم الماسونية العالمية.
في أي حال، يمكن للقارئ أن يستفيد من معلومات قيّمة عن نادي الليونز الذي يعمل تحت ستار “عمل الخير”، في حين ان له فلسفته الخاصة وهيكليته التي يفصّلها الكاتب في كتابه “الصهوينة تحكم مملكة الحكّام” ليستخلص نتيجة واضحة عن دور النادي في خدمة أعداء العرب وفلسطين.