الحكام العرب … الوساطات و… المساعي الحميدة
حسن الزيدي*
ان موضوع المساعي الحميدة في السياسة يعني البحث عن افضل الوسائل والطرق لاحلال السلام باعتباره القاعدة العامة للحياة، على اعتبار ان الحروب هي استثنائات لها.. وعلى الرغم من انني لا اريد ان اغوص واذهب بعيدا في التاريخ الذي علينا ان نتعلم منه على الدوام، غير انني اجد نفسي مضطرا لذلك..
وبقدر ما يتعلق الامر بهذا الموضوع على صعيد العرب، فهناك امثلة عديدة قبل الاسلام وبعده كان للمساعي الحميدة دور في اشعال حرب او عقد سلام..
وعلى صعيد الاسلام فان القرآن يشير للحرب في ست ايات وفي خمس صور، في حين انه يؤكد على فكرة السلام كاسم وصفة وفعل بثمانين مرة ومنها خاصة الاية 208 من سورة البقرة والتي تقول (يا ايها الناس ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين). اي ان الاية لم تتوجه للمسلمين فقط بل جاءت مطلقة وعالمية. والاية 61 من سورة الانفال التي تقول (وان جنحوا للسلم فاجنح له وتوكل على الله انه هو السميع العليم) اي انها جاءت كآمر ملزم. والآية 22 من سورة ص التي تقول (اذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشتط واهدنا الى سواء السراط).
كما يشير القرآن لمبدأ التحكيم في المنازعات بثماني عشرة آية. انني اذ اشير لهذه الآيات ليس للوعظ ولا دعوة للتبشير لانني علماني التوجه اي اؤمن بترابط الدين والعلم لان الله /الخالق/ البارئ الذي له 99 اسما انما هو صورة مجردة لعلم بل لعلوم هو منشئها.
كما انني قومي الانتماء وعروبي التوجه وانساني الرؤيا واممي الجدل والمجادلة والحجة، ولكنني اعرضها لكل الحكام العرب والمسلمين الدين يطلق عليهم حماة الدين من الدين تم عزلهم ونفيهم وابعادهم وطردهم بدون اسف من اوطانهم والذين قتلوا قتلة سوء من جماهيرهم التي كفرت بهم والى الذين لا يزالون يتمسكون بالحكم لا يماثله تمسكهم بحب اوطانهم التي كرهوها واهانوها وافقروها فصارت موائد سهلة للقوى الاجنبية القريبة والبعيدة التي امعنت في استعمارها واستغلالها سياسيا واقتصاديا وثقافيا وعسكريا. كما انهم تجاهلوا شعوبهم واهانوها وجهلوها وافقروها ويرفضون سماع اصوات الحرية وتراتيل الديمقراطية ونغمات المعرفة وكلمات السلم ويرفضون ان يتصالحوا ويتعايشوا ويتفاهموا ويتبادلوا السلطة والحكم مع قيادات ورموز اخرى لها اجتهادات وخبرات وقناعات وتصورات اخرى ترى فيها منهجا واسلوبا في الحكم للوصول لافضل النتائج التي تخدم الانسان الذي هو غاية كل جهد بشري.
كما ان الحكام والملوك والرؤساء العرب عموما والمسلمين خصوصا يخاصمون ويعادون ويقاتلون شعوبهم ويزجون الالاف منهم في المعتقلات ويشردون الملايين منهم ويعلنون عن استعدادهم للبقاء في الحكم حتى لو لم يبق مواطنا يتآمرون ويستأسدون ويتعنترون عليه..
كما انهم لا يقبلون الاستماع لاصوات ولدعوات السلم من الوسطاء الاقليميين والدوليين الذين يلتقون بهم ويدعونهم للرأفة برعاياهم الدين هم رعاتهم ويصدون اذانهم عن اية محاولة لاخماد وايقاف الصراعات والنزاعات والاقتتال بينهم وبين قطاعات واسعة من شعوبهم الجائعة والعاطلة عن العمل والتي تطالب بانصافها بثروات بلادها التي استحوذت عليها حفنات من الامراء والملوك والرؤساء الدين سرقوا الحكم والسلطة والزرع والضرع في غفلة من الازمان وظروف غير شرعية وغير طبيعية..
وباستثناء القليل جدا جدا من الحكام والامراء العرب والمسلمين ومنهم خاصة السلطان العثماني الثالث مراد الاول الذي حكم عام 1362 واستشهد في 15 حزيران 1389م 791هجري في معركة كوسوفو ضد الجيوش الصربية والالبانية والكرواتية والبوسنية الهرسكية. ويوسف العظم مواليد 1884 واستشهد في 24 من تموز 1920 في معركة ميسلون ضد الفرنسيين. والفريق اول عبد المنعم رياض مواليد 1919 واستشهد في 9 مارس 1969 على خطوط التماس المصرية مع اسرائيل لم نر اياً من حكامنا المعاصرين الذين لا يزالون يتشبثون بكراسي الاستبداد والطغيان والظلم من دعاة الذين والعروبة ممن وقف في ساحات الوغى ودافع عن الارض والعرض بل رأيناهم يفرون ويتوارون ويهربون ويولون الادبار كالجرذان عندما تأتيهم قاذفات من السماء والبحر والارض من خصوم شعوبهم وهم القوى الاستعمارية الشرقية والغربية على السواء.. كما يهربون قبلهم نساءهم وحريمهم وابناءهم وبناتهم للخارج وقد سبقتهم ملايين الدولارت والجنيهات وكميات هائلة من الذهب سرقوها ونهبوها من اموال اوطانهم..
انها رسالة موجة لكل حاكم عربي لا يزال يمارس تجويع وافقار وتجهيل واضعاف وتقتيل شعبه وهم مع الاسف كثيرون اي يستمعون ويستجيبون للوسطاء ودعاة السلم ويتنازلون ويتخلون طوعا عن سلطات ليست ملكا ولا حكرا ولا ارثا لهم.. والا.. فلم يعد بيننا وبينهم الا السيف (وقد يكون سيف خصومنا التاريخيين ) الذي سيطال رؤوسهم كما طال رأسي صدام والقذافي لان سيوفنا قد كسرها الطغاة وليس بامكاننا وحدنا ان نتخلص منهم بايدينا وليس لنا من خيار امام الاستبداد و الظلم الذي لو دام لدمر…غير الاستعانة (ودون خيار منا بايدي خصومنا في المصالح).
* الدكتور حسن الزيدي مؤرخ عراقي مقيم في باريس