رسوم« شارلي هيبدو» تثير استياءً عاماً
سخرت مجلة فرنسية من النبي محمد الاربعاء بتصويره عاريا في رسوم كاريكاتيرية مما يهدد باشعال غضب المسلمين حول العالم الذين اثار حفيظتهم بالفعل فيلم صوره زير نساء.
وتهدد الرسوم التي نشرتها مجلة شارلي ابدو الاسبوعية الساخرة بتفاقم الازمة التي شهدت اقتحام سفارات امريكية وغربية وقتل السفير الامريكي في ليبيا وتفجير انتحاري في افغانستان.
ونشرت شرطة مكافحة الشغب لحماية مكاتب المجلة في باريس بعد توزيعها يوم الاربعاء وعلى غلافها رسم ليهودي متشدد يدفع كرسيا متحركا يجلس عليه شخص يرتدي عمامة يرمز للنبي محمد.
وتضمنت الصفحات الداخلية العديد من الرسوم تظهر النبي عاريا. وحمل احدها عنوان “محمد: مولد نجم” وصور شخصا ملتحيا يجثو على يديه وركبتيه ليظهر من الخلف ردفاه واعضاؤه التناسلية.
وقالت الحكومة الفرنسية -التي كانت حثت المجلة الاسبوعية على الا تنشر الرسومات- إنها ستغلق منشآت تشمل سفارات ومدارس في 20 دولة يوم الجمعة المقبل تجنبا لاحتمال اندلاع احتجاجات عقب صلاة الجمعة.
ووصف الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي الرسوم بأنها مستفزة ومثيرة للغضب لكنه قال ان على الذين اغضبتهم هذه الرسوم ان يستخدموا الطرق السلمية في التعبير عن رفضهم الحازم.
واستنكر حزب النهضة الاسلامي الحاكم في تونس الرسوم واعتبرها عملا عدائيا ضد النبي محمد. وحث الحزب المسلمين في ردهم إلى تفادي الوقوع في فخ تنظمه ما وصفها بالجهات المشبوهة بغرض عرقلة الربيع العربي وتحويله إلى صراع مع الغرب.
وفي لبنان قال الشيخ السلفي نبيل رحيم ان الواقعة ستثير التوتر الذي وصل بالفعل إلى مستوى خطير.
وقال ان المسلمين سيحاولون الحفاظ على سلمية الاحتجاج لكن هذه الامور تخرج عن السيطرة بسهولة. وعبر عن خشيته من حدوث مزيد من الاستهداف للاجانب وقال ان هذا هو السبب الذي يدعوه إلى مطالبتهم بالتوقف عن الاستفزاز.
وفي ضاحية سارسيليه شمال باريس قال مصدر بالشرطة ان شخصا اصيب اصابة طفيفة عندما القى شخصان ملثمان شحنة ناسفة صغيرة من خلال نافذة متجر يهودي. واضاف المصدر ان من المبكر الربط بين هذا الهجوم والرسوم الكاريكاتيرية.
واثار بث فيلم قصير على الانترنت الاسبوع الماضي صور النبي محمد على انه زير نساء احتجاجات في كثير من الدول اسفرت في بعض الاحيان عن سقوط ضحايا.
وقتل السفير الامريكي لدى ليبيا وثلاثة من مواطنيه في هجوم في بنغازي. واقتحم مسلمون غاضبون سفارات غربية وامريكية في اسيا وافريقيا والشرق الاوسط. واعلن متشددون افغان أن تفجيرا انتحاريا اسفر عن مقتل 12 شخصا يوم الثلاثاء هو رد على الفيلم الذي انتج بأموال خاصة في كاليفورنيا.
وقتل اربعة اشخاص على الاقل الاسبوع الماضي بعد ان اقتحم مئات المحتجين السفارة الامريكية في تونس ونهبوا محتوياتها واشعلوا النار في بعض من ملحقاتها.
ووصلت اصداء هذه الضجة إلى حملة الانتخابات الرئاسية الامريكية واثارت جدلا عالميا اوسع بشأن حرية التعبير والاعتقاد والحق في الاساءة للاخرين.
وقال ستيفان شاربونيه رئيس التحرير الذي رسم صفحة الغلاف في المجلة “لدينا الانطباع انه من المسموح به رسميا لشارلي ابدو ان تهاجم اليمين الكاثوليكي المتطرف لكن لا يمكننا السخرية من اسلاميين اصوليين.”
وقال لرويترز “ذلك يظهر المناخ.. الخوف يقود الجميع وهذا بالضبط ما تريده هذه الحفنة الضئيلة من المتطرفين الذين لا يمثلون احدا – أن يخيفوا الجميع ويحبسونا جميعا في كهف.”
وفي اشارة الى الفضيحة بشأن قرار مجلة فرنسية نشر صور زوجة الامير البريطاني وليام عارية الصدر يصور رسم شخصا ملتحيا عاري الصدر مع تعليق يقول “اعمال عنف في الدول العربية بعد نشر صور السيد محمد.”
وانتقد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس نشر الرسومات ووصفه بأنه مستفز.
وقال للصحفيين “رأينا ما حدث الاسبوع الماضي في ليبيا ودول اخرى مثل افغانستان. يجب ان نطالب الجميع بالتصرف بشكل مسؤول.”
وذكر متحدث باسم وزارة الخارجية أن فرنسا ستغلق مؤقتا سفاراتها ومدارسها في 20 دولة يوم الجمعة “كإجراء احترازي”.
وردا على نشر الصور صرح عصام العريان القائم باعمال رئيس حزب الحرية والعدالة المصري وهو الذراع السياسية لجماعة الاخوان المسلمين “نرفض ونشجب الرسوم الفرنسية التي تسيء للنبي وندين اي عمل يشوه المقدسات.”
ودعا لاتفاقية ترعاها الامم المتحدة لمنع ازدراء الدين وقال “نحن ندين العنف ونقول ان الاحتجاج السلمي حق للجميع. ارجو أن نشهد رد فعل شعبيا غربيا وفرنسيا يدين هذا.”
ولمجلة شارلي إبدو تاريخ طويل في استفزاز المشاعر. وكانت مكاتب المجلة في العاصمة الفرنسية باريس تعرضت لهجوم بقنبلة حارقة في نوفمبر تشرين الثاني بعد ان نشرت رسما كاريكاتيريا ساخرا للنبي محمد. وتوفر الشرطة حراسة لحماية لشاربونيه منذ ذلك الوقت.
وقال شاربونيه انه لم يتلق اي تهديدات بسبب نشر احدث رسوم. وفي رسالة على تويتر قالت مجلة شارلي ابدو ان موقعها على الانترنت تعرض للقرصنة لكنها احالت القراء إلى مدونة تستخدمها ايضا.
واتهم المجلس الاسلامي الفرنسي -وهو الهيئة الرئيسية التي تمثل المسلمين في فرنسا- شارلي إبدو بإلهاب المشاعر المعادية للمسلمين في مثل هذا الوقت العصيب.
وأضاف ان المجلس ينتابه قلق عميق ازاء التصرف غير المسؤول الذي من شأنه في مثل هذا الجو المشحون بالمخاطر تأجيج التوترات وإثارة ردود فعل مضرة.
وقال ريشار براسكوير رئيس الكيان الممثل للطائفة اليهودية في فرنسا إن الرقابة الدينية خطأ ولكنه أضاف أن نشر رسومات مسيئة للنبي محمد في هذا التوقيت “تحت مسمي الحرية عمل غير مسؤول”.
وفي عام 2005 فجرت رسوم كاريكاتيرية دنمركية للنبي محمد موجة من الاحتجاجات في أنحاء العالم الإسلامي قتل فيها ما لا يقل عن 50 شخصا.
ويأتي قرار غلق بعض السفارات مؤقتا في حين تعلن فرنسا درجة عالية من التأهب خوفا من هجمات محتملة من الممكن ان تشنها القاعدة على المصالح الفرنسية في غرب افريقيا.
وقال مصدر دبلوماسي هذا الاسبوع ان باريس احبطت مؤخرا هجمات على اهداف اقتصادية ودبلوماسية وانها لديها ادلة قوية على وجود مزيد من المخططات ضد مصالحها.
وقال المصدر “القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي تهديد مباشر وحالي.”
وعلى صعيد منفصل قال رئيس الوزراء الفرنسي جان مارك ايرو إن السلطات رفضت طلبا للسماح بمسيرة في باريس احتجاجا على الفيلم.
وترددت بالفعل دعوات عبر شبكات التواصل الاجتماعي على الإنترنت إلى مظاهرات احتجاج يوم السبت بعدما اعتقلت الشرطة نحو 150 شخصا حاولوا المشاركة في مظاهرة احتجاج غير مرخص بها بالقرب من السفارة الأمريكية في باريس الاسبوع الماضي