احتجاج ثان في لبنان على الفيلم المسيء للإسلام
شهد لبنان الجمعة تظاهرات واعتصامات نددت بالاساءة الى النبي محمد عبر فيلم “براءة المسلمين” والرسوم الكاريكاتورية تخللها احراق اعلام اسرائيلية واميركية، وتهجم على الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا بسبب مسؤوليتهما في عدم منع الاساءة الى المسلمين.
في وسط بيروت، تجمع في الخامسة بعد الظهر (14,00 ت غ) مئات المعتصمين بناء على دعوة رجل الدين السني المتطرف احمد الاسير الذي قال ان “الدول التي لا تحاسب المسؤولين عن الفيلم المسيء والرسوم، انما هي التي ترعى التطرف”.
وحمل المعتصمون اعلاما اسلامية ولبنانية، كما شوهد علم كبير “للثورة السورية” واعلام سعودية وعلم تركي، بحسب صحافية في وكالة فرانس برس.
وقال ايمن (19 عاما) “هذه حركة مشرفة، لا بد لنا من الدفاع عن شرف نبينا”، مضيفا “العنصرية ليست جزءا من حرية التعبير”.
وقالت ريما الهاربة من حلب الى لبنان بسبب اعمال العنف في بلادها “وجودي هنا اليوم اهم من كل شيء، اهم حتى من منزلي وبلدي”، مضيفة “انا انتمي اولا الى هذا الدين المستقيم واؤمن به قبل جنسيتي”.
واكدت انها تريد ان تسمع ما سيقوله الشيخ الاسير، وانها معجبة “بمواقفه من القضايا العربية”.
وبرز الاسير خلال السنة الماضية بسبب مواقفه المناهضة للنظام السوري وحزب الله.
ولم يخل التجمع من هتافات ضد النظام السوري، وبينها “لعنك الله يا ابو حافظ”، في اشارة الى الرئيس بشار الاسد.
وكان عشرات المتظاهرين غيرهم تجمعوا بعد صلاة الجمعة قرب مسجد ذي النورين في منطقة راس النبع في غرب بيروت واحرقوا العلمين الاميركي والاسرائيلي بعد دوسهما.
وشدد الاسير على سلمية التحرك، معتبرا ان الاساءة الصادرة من المسلمين في حق اي مؤسسات او اشخاص “تسيء الى الاسلام ايضا”.
وكانت مواجهات وقعت في مدينة طرابلس ذات الغالبية السنية في شمال لبنان الجمعة الماضي بين قوى الامن ومتظاهرين احرقوا مطعما من سلسلة “كاي اف سي” في المدينة، وادت الى مقتل شخص واصابة 25 آخرين بجروح. ولم تشهد مدينة طرابلس اي تظاهرات الجمعة.
واعلنت السلطات اللبنانية الجمعة القبض على 14 شخصا شاركوا في احراق المطعم.
واقفلت المدارس والمراكز الثقافية الفرنسية في لبنان الجمعة تخوفا من حصول تجاوزات في التظاهرات والتجمعات الاحتجاجية التي دعي اليها، بينما اتخذ الجيش اللبناني والقوى الامنية تدابير امنية مشددة في محيط هذه المؤسسات وفي محيط بعض المساجد.
واذا كانت التظاهرات اليوم بقيت في لبنان في اطارها السلمي، الا ان بعض الخطب في المساجد تميزت بحدتها.
في صيدا (جنوب)، ناشد امام مسجد القدس الشيخ ماهر حمود المملكة العربية السعودية والازهر “اصدار فتوى بهدر دم كل من شارك في الفيلم” المسيء الى المسلمين.
وقال حمود (سني) في خطبة الجمعة امام حوالى 300 شخص اموا الصلاة في المسجد “من تجرأ على الاسلام وعلى نبي الاسلام محمد لا يجوز ان يبقى على قيد الحياة (…)، كل انسان من هؤلاء يجب ان يقتل”.
وبعد الصلاة، اقدم المتظاهرون على احراق العلمين الاميركي والاسرائيلي بعدما انضم اليهم مصلون خرجوا من مساجد اخرى.
في الشمال، انتقد عضو تجمع العلماء المسلمين في لبنان الشيخ مصطفى ملص (سني) خلال خطبة الجمعة في مسجد المنية الكبير (10 كيلومترات شمال مدينة طرابلس، اكبر مدن الشمال) الصمت العربي والاسلامي الرسمي على الولايات المتحدة وفرنسا.
وقال “على الدول العربية والاسلامية اتخاذ موقف حاسم من اميركا وفرنسا بسبب الاساءة التي تعرض لها نبينا، وذلك من خلال مقاطعة بضائعهما”.
وتابع “هم لم يقوموا بذلك الا عندما تأكدوا بان ردنا سيكون فقط بالتظاهر او بالتصريحات الاعلامية، ولو شعروا بالخطر لاوقفوا عرض الفيلم ونشر الصور، ولكنهم بتصرفاتهم هذه اعلنوا الحرب على الاسلام وعليهم ان لا يتفاجأوا بردات الفعل الانتقامية”.
اما الشيخ عمر بكري فقد وجه من طرابلس “نداء الى كل المناصرين والصادقين من ابناء امتنا الاسلامية بتطبيق الحكم الشرعي الذي يقضي بقتل الأشخاص الذين أساءوا للنبي محمد”، مشيرا الى انه ضد “التظاهرات المستنكرة لان ضررها أكثر من فائدتها”.
وحكم على بكري، وهو من اصل سوري، قبل سنتين بالسجن مدى الحياة، بتهمة التحريض على القتل وحيازة متفجرات والتخطيط لاضعاف الدولة. لكن ما لبث ان افرج عنه بكفالة نتيجة وساطات سياسية لم تتضح.
في بعلبك في شرق البلاد، سار الاف المتظاهرين بناء على دعوة من الامين العام لحزب الله الشيعي حسن نصر الله احتجاجا على الفيلم الذي وصفه بانه “اخطر الاساءات” الى الاسلام في العقود الاخيرة.
وحمل المتظاهرون اعلاما لبنانية ورايات الحزب الشيعي الصفراء، وساروا على وقع اناشيد “لبيك محمد لبيك”. وهتفوا “امريكا امريكا انت الشيطان الاكبر”، و”اسرائيل اسرائيل عدوة المسلمين”. واتسم التحرك بالانضباط الشديد.
وهي التظاهرة الثالثة من سلسلة تظاهرات دعا اليها نصرالله في مناطق لبنانية مختلفة تستمر حتى الاحد.
وقتل حوالى ثلاثين شخصا في مناطق مختلفة في العالم في الاحتجاجات التي جرت منذ نشر فيلم “براءة المسلمين” المنتج في الولايات المتحدة على موقع “يوتيوب” على الانترنت والذي يتعرض للرسول.
ونشرت اسبوعية “شارلي ايبدو” الفرنسية الاربعاء رسوما كاريكاتورية تتعرض ايضا للنبي محمد، ما رفع نسبة التوتر ازاء هذه المسألة في عدد من الدول العربية والاسلامية.