سوريا تفقد كوادرها الرياضية
القت احداث العنف في سوريا بظلالها القاتمة على المشهد الرياضي الذي فقد العديد من كوادره –مؤيدة كانت ام معارضة– ذهبت ضحية للصدامات المسلحة، وانعكست سلبا على المسابقات الرياضية في البلاد.
وتضاعفت معاناة الرياضيين سواء على صعيد البطولات المحلية او على صعيد البطولات والمشاركات الخارجية نتيجة للظروف الامنية التي افرغت المسابقات وتحديدا في اللعبة الشعبية الاولى كرة القدم من اهم عناصرها وهو الجمهور.
ومع غياب الجمهور، فقدت الاندية المداخيل التي كانت تدرها عليها ريوع تذاكر المباريات وعائدات الاعلان والتسويق التلفزيوني والتي كانت تساعدها في الانفاق على الرياضات الاخرى الاقل شعبية ودخلا.
وشاءت الاحداث ان ترسم لوحة سوداء مكللة بالدم والدموع فذهب ضحية القتل والاقتتال والتفجيرات العديد من نخبة الكوادر الرياضية امثال اللاعب الدولي بكرة السلة باسل ريا والملاكم الدولي السابق غياث طيفور ولاعب كرة القدم في نادي الاتحاد زكريا يوسف ولاعب الكرامة احمد سويدان، وحكم كرة القدم محمود نصيرات، والاعلامي مصعب العودة الله ومدرب الملاكمة احمد قاسم ولاعبي الجودو اياد زين الدين وباسل العلي، ولاعبي كمال الاجسام منصور العلي وحسام ابو حمدان، ولاعب الكارتيه محمد خضور، ولاعبتي كرة السلة رجاء ابو محمود ودعاء ابو محمود، والرباعة سناء عبد الرحمن، ولاعب الحرية السابق بكرة السلة يحيى الحافظ، وحارس شباب كرة الوثبة طارق عبارة وغيرهم.
وفقدت كرة القدم السورية احد ابرز رجالاتها الاعلامي والخبير الكروي المعروف مروان عرفات، رئيس الاتحاد سابقا، الذي ذهب ضحية لتبادل اطلاق النار بعد تجاوزه الحدود الاردنية في طريقه الى دمشق برفقة زوجته التي اصيبت ونجت.
وقبل ايام شاء القدر ان يصاب الاعلامي الشاب يامن الجاجة عندما كان يقود سيارته برفقة خطيبته في منطقة مساكن الزاهرة وسط اشتباك مسلح فاصيب برصاتين واحدة في راسه ولا يزال في العناية المشددة.
وتعرض حكم كرة السلة عبد الرزاق محمد لاصابة بالغة ادت الى بتر قدميه.
وكانت البطولات المحلية لكرة القدم (دوري وكأس) تعرضت خلال الموسمين الماضيين للكثير من المتاعب فشهد موسم 2010-2011 عدم اكتمال بطولة الدوري بعد انتهاء مرحلة الذهاب نتيجة للاوضاع الامنية ما اضطر اتحاد اللعبة الى اقامة بطولة خاصة بين الفرق التي احتلت المراكز الاربعة الاولى في مرحلة الذهاب وهي الشرطة والجيش والوحدة والكرامة، بيد ان الفريقين الاخيرين اعتذرا عن اللعب فاقتصر الامر على مباراتين فقط بين الشرطة والجيش حسمهما الشرطة لصالحه فاعتبر بطلا للدوري.
واكتملت مسابقة الكأس بصعوبة وتوج الاتحاد الحلبي باللقب على حساب الوثبة الحمصي.
ومع ارتفاع وتيرة الاحداث في موسم 2011-2012 ونتيجة لصعوبة اقامة مباريات بطولة الدوري في عدد من المدن مثل دير الزور وادلب وحمص وحماة، اقر الاتحاد بموافقة الجمعية العمومية اقامة الدوري بطريقة جديدة من خلال تقسيم الفرق الستة عشر الى مجموعتين تلعب كل واحدة منها على طريقة الدوري من مرحلة واحدة ثم يتأهل الاربعة الاوائل من كل مجموعة الى دور النخبة لتحديد حامل اللقب، في حين تلعب باقي الفرق في دور الهبوط لتحديد الاربعة الهابطين للدرجة الثانية.
واقيمت المباريات في ملاعب محايدة حينا وفي ملاعب فرق العاصمة حينا اخر وسط حضور جماهيري ضعيف جدا تراوح بين العشرات وبضع مئات.
وشهدت الانطلاقة اعتذار امية الادلبي عن المشاركة فاعتبر هابطا الى الدرجة الثانية، كما اعتذر الكرامة والوثبة الحمصيين عن اللعب في دور النخبة لظروفهما الصعبة فقبل الاتحاد اعتذارهما واعتبرهما في المركزين السابع والثامن.
وتوج الشرطة باللقب دون منافسة تذكر مستغلا ظروف الاندية الصعبة التي اكملت البطولة بقدم عرجاء وعلى عكازين.
وبدأت مسابقة الكأس 2012 وانتهت كمن يسير على كرسي مدولب حيث انتهت معظم مباريات الادوار الاولى بفوز الفرق بتغيب المنافسين، ووصلت فرق الوحدة والشرطة والاتحاد والجزيرة الى الدور نصف النهائي الذي تقررت اقامته في العاصمة، بيد ان الجزيرة والاتحاد تغيبا عن الحضور كما غاب الشرطة عن مباراته مع الوحدة فاعتبر اتحاد اللعبة الثلاثي الغائب خارج البطولة وتوج الوحدة باللقب.
وساهمت الاحداث الجارية في ارتفاع منسوب هجرة اللاعبين بحثا عن مكان آمن بعيدا عن الناحيتين المادية والفنية ويقدر عددهم في اندية دول الجوار بنحو 50 لاعبا او يزيد ولا يزال العديد من اللاعبين بانتظار فرصة الانتقال.
ولعل ضعف امكانيات الاندية السورية ودخولها خانة الافلاس نتيجة لانعدام المداخيل وعدم قدرتها على الايفاء بالتزاماتها كانت الاسباب الرئيسية للهجرة فباتت الاندية توافق دون مشقة على تحرير لاعبيها تمهيدا لانتقالهم الى اندية خارجية نظير استغناء هؤلاء اللاعبين عن باقي مستحقاتهم من رواتب ومقدمات عقود.
وتبرر ادارات الاندية موافقتها على انتقال لاعبيها البارزين بعدم قدرتها على دفع مستحقاتهم وبسبب عدم وضوح الرؤية بالنسبة لموعد البطولات المحلية للموسم القادم، كما ترى أنها ستستفيد ماديا من خلال حصولها على حصتها من قيمة احترافهم والتي ستساعدهم في الصرف على رواتب العاملين والمدربين وعلى باقي العاب النادي.
وامتدت الهجرة الى المدربين الذين انتشروا في الاردن ولبنان والعراق وعمان.
واذا كانت البطولات المحلية لكرة القدم اقيمت وانتهت بما يشبه العملية القيصرية فان التجميد كان من نصيب معظم الالعاب الاخرى لصعوبة التنقل بين المدن السورية باستثناء دوري كرة اليد الذي اقيم على طريقة التجمع في دمشق والرقة واقيم الدور النهائي في دمشق بمشاركة ستة فرق وفاز الجيش باللقب.
وعوضت اتحادات الالعاب الجماعية الاخرى عن اقامة بطولتي الدوري والكأس باقامة دورات تنشيطبة ليس الا.
وفي مشهد الالعاب الفردية فقد اقامت بعض الاتحادات بطولات على طريقة التجمعات في مدن آمنة.
وكان من الطبيعي ان تتاثر تحضبرات ونتائج المنتخبات الوطنية وهذا ما عكسته النتائج المتواضعة في اولمبياد لندن حيث اخفق الرياضيون السوريون في تحقيق حتى ارقامهم الشخصية.
ويرى نائب رئيس اللجنة الاولمبية السورية ماهر خياطة الذي رئس بعثة بلاده الى الاولمبياد أن اخفاق الرياضيين السوريين كان نتيجة لاسباب مختلفة، “لقد عانينا من متاعب في تحضيراتنا نتيجة للظروف التي نعيشها كما ان ارتفاع المستوى الفني في الاولمبياد والذي يفوق مستوى لاعبينا حال دون خروجنا بنتائج ايجابية”.
واضاف “كنا نتوقع ان ينجح لاعبونا ولاعباتنا على الاقل في تحقيق ارقامهم الشخصية لكنهم لم يفعلوا… ولعل الاحداث الجارية في بلدنا انعكست سلبا على حالتهم النفسية وحدت من قدراتهم”.
وساهمت العقوبات التي فرضتها الاتحادات الدولية والقارية بحظر خوض الاندية والمنتخبات السورية للمباريات على ملاعبها واللعب في ملاعب بديلة في مضاعفة الضغوط على الرياضيين السوريين اضافة الى قلة فرص الاحتكاك لاعتذار العديد من الدول عن استضافة المنتخبات السورية باستثناء دول محدودة.
وعلى الرغم من الاحداث الجارية، لا تزال كرة القدم تتنفس ونجحت في تحقيق نتائج ايجابية على صعيد المنتخبات العمرية فتأهل منتخب الناشئين الى نهائيات كأس اسيا المقامة حاليا في ايران، كما تأهل منتخب الشباب دون 19 عاما الى نهائيات كاس اسيا التي ستقام في الامارات في تشرين الاول/اكتوبر القادم، ومنتخب سوريا دون 22 عاما الى نهائيات كاس اسيا التي ستقام في سلطنة عمان العام المقبل.
وعلى صعيد الاندية، نجح فريق الشرطة في الوصول الى الدور ربع النهائي من مسابقة كأس الاتحاد الاسيوي وتجاوز مضيفه تشنبوري التايلاندي 2-1 في مباراة الذهاب وضمن الى حد بعيد الوصول الى الدور نصف النهائي على الرغم من خوضه جميع مبارياته في هذه البطولة خارج ارضه.
وفي باقي الالعاب، نجحت المنتخبات السورية في تحقيق نتائج جيدة ايضا في البطولات العربية وبطولات غرب اسيا والدورات الودية مثل كرة الطاولة والشطرنج والريشة الطائرة والجودو والملاكمة والسباحة.
وبطبيعة الحال وكما في كل قطاعات المجتمع، اعلن بعض الرياضيين وغالبيتهم خارج سوريا عن انضمامهم وتأييدهم للمعارضة وابرزهم اللاعب الدولي بكرة القدم فراس الخطيب الذي اعلن تاييده للمعارضة في الكويت عندما كان في صفوف القادسية الكويتي، كذلك فعل الملاكم الاولمبي ناصر الشامي حامل برونزية اولمبياد اثينا 2004 من مقر اقامته في العاصمة الاردنية بعد اصابته برصاص في قدمه خلال تواجده في مدينة حماة.
وانضم سباح المسافات الطويلة انس محمود الى قائمة المعارضين، ومؤخرا لاعب الكرة السابق ورجل الاعمال الحالي يحيى الكردي وكان سبقه الاعلامي الرياضي ياسر حلاق اضافة الى عدد من الرياضيين المقيمين في دول الخليج.
ويرى الكثيرون ان البطولات المحلية للموسم الجديد 2012-2013 مهددة بالتجميد او الالغاء لعدم قيام اتحادات الالعاب باصدار روزنامة بطولاتها مما يضاعف من هموم الرياضيين وخصوصا المحترفين منهم الذين لا مهنة لهم سوى الرياضة.