حلب: معركة خنادق حول المسجد الكبير
تشهد حلب مساء الجمعة اشتباكات بين المقاتلين المعارضين والقوات النظامية تراجعت حدتها وضاقت رقعتها عن تلك التي شهدتها ثاني كبرى مدن شمال سوريا صباحا.
وافاد مراسل فرانس برس في المدينة عن وقوع اشتباكات مسائية “تتركز في عدد من احياء المدينة القديمة خلف الجامع الاموي، ومن باب النصر باتجاه باب الحديد (وسط)، وفي حيي الكلاسة وبستان القصر (جنوب غرب)”.
ونقل المراسل عن مصدر عسكري قوله ان المقاتلين فجروا في وقت سابق اليوم الباب الشرقي للجامع الاموي في المدينة القديمة “في محاولة للتسلل عبر المسجد الى ساحة السبع بحرات، ومنها الى ساحة عبد الله الجابري” وسط حلب.
وافاد المصدر عن وقوع اشتباكات بين القوات النظامية والمقاتلين المعارضين “الذين تمركزوا في سوقي النسوان والخوبة”. ونقل المراسل عن صاحب احد المحال التجارية في السوق ان الاشتباكات ادت الى “اندلاع حريق كبير في اكثر من متجر” في السوق.
وكان المصدر اشار الى ان المقاتلين المعارضين حاولوا مساء الخميس “اكثر من مرة” و”على جبهات عدة” اختراق ساحة سعد الله الجابري وسط المدينة، من دون النجاح في ذلك.
ولاحظت صحافية في فرانس برس الجمعة ان المسجد بات الهدف الجديد للمقاتلين لوقوعه على خط التماس في قلب المدينة القديمة، اذ وقعت اشتباكات ظهر الجمعة على اطرافه، حيث قامت دبابات القوات النظامية باطلاق قذائفها في شكل منتظم.
ويعتبر الجامع الذي يعرف ايضا باسم الجامع الكبير، المسجد الرئيسي في المدينة القديمة.
كما افاد المصدر نفسه عن محاولة تسلل قامت بها مجموعة من المقاتلين المعارضين “من منطقة باب الكلاسة في اتجاه شارع باب انطاكيا”، مشيرا الى انها “فشلت بعدما صدتها نقاط الجيش (النظامي) الموجودة في الشارع”.
كذلك سجل سقوط عدد من قذائف الهاون على مبنى الهيئة العامة للرقابة والتفتيش في منطقة البندرة القريبة من ساحة السبع بحرات الواقعة تحت سيطرة القوات النظامية، بحسب المصدر.
كما وقعت اشتباكات في بستان القصر بين “تجمع للمسلحين خلف سوق الهال، ونقاط للجيش السوري في حيي الاسماعيلية وباب جنان المقابلين له”. واوضح المصدر العسكري ان الاشتباكات كانت “عنيفة واستمرت اكثر من ساعة”.
وكان المقاتلون المعارضون حققوا تقدما على جبهات عدة في حلب من دون تحقيق اختراق مهم بعد ساعات من المعارك العنيفة، بحسب ما اكد الجمعة قادة كتائب مقاتلة في كبرى مدن شمال سوريا.
وتراجعت بعد ظهر الجمعة حدة المعارك لتتركز في شرق المدينة بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان، بعدما شهدت العاصمة الاقتصادية لسوريا بدءا من مساء الخميس معارك على نطاق “غير مسبوق” و”على عدة جبهات” بحسب ما افاد عدد من السكان والمرصد.
وقال ابو فرات احد قادة لواء التوحيد البارز في حلب “على جبهة (حي) صلاح الدين (جنوب غرب)، تمكنا من السيطرة على احدى قواعد القوات النظامية، وقتل 25 جنديا على الاقل في هذا الهجوم”.
واطلق آلاف من المقاتلين المعارضين الخميس هجوما منسقا على جبهات عدة بهدف دفع القوات النظامية الى التراجع في احياء سيف الدولة وصلاح الدين والاذاعة والعامرية والسكري جنوب غرب المدينة.
واشار عدد من قادة المقاتلين المعارضين الى انهم نجحوا في التقدم على محوري السكري والاذاعة، بينما اضطروا الى التراجع في صلاح الدين بسبب نقص الذخيرة، بحسب ما افاد ابو فرات فرانس برس.
واوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن ان المقاتلين المعارضين الموجودين في حلب “هم من كل المناطق السورية”، واستقدموا تعزيزات “في العدد والمعدات” قبل بدء هجوم “حاسم” الخميس، لكنهم ما زالوا غير قادرين على مجاراة القوة النارية للقوات النظامية.
واوضح ان “النظام غير قادر على الحسم، ولا الثوار قادرون على السيطرة على احياء بكاملها”.
وكان عبد الرحمن قال لفرانس برس صباح الجمعة ان “المعارك على نطاق غير مسبوق ولم تتوقف منذ الخميس” مضيفا انه “في السابق كانت المواجهات تجري في شارع او شارعين من قطاع معين، لكنها تدور الان على عدة جبهات”.
وافاد سكان في احياء بوسط المدينة يسيطر عليها النظام وكانت حتى الان بمنأى من اعمال العنف مثل السليمانية وسيد علي، عن اطلاق نار “غير مسبوق” صباح الجمعة.
واكد مصدر عسكري لفرانس برس ان الاشتباكات الاكثر حدة اندلعت فجر الجمعة في حيي العرقوب وميسلون (شرق) واستمرت ساعات عدة، موضحا ان عشرة من المقاتلين المعارضين قتلوا لدى محاولتهم اقتحام حي الشيخ مسعود ذي الغالبية الكردية في شمال المدينة.
ومنذ التقدم الكبير الذي حققوه نهاية تموز/يوليو بعيد اندلاع المعارك في العاصمة الاقتصادية للبلاد، لم ينفذ مقاتلو المعارضة اي عملية واسعة النطاق في حلب خصوصا بسبب نقص العتاد بمواجهة القوة النارية لقوات النظام.