قبل عام… مجزرة «ماسبيرو»
قبل عام بالتحديد خرج مينا دانيال، الطالب القبطي ذو العشرين عاما، من منزله للمشاركة في تظاهرة سلمية للأقباط اعتراضا على الاعتداء علي كنيسة بجنوب مصر، لكن دانيال لم يعد لانه قتل مع 7 قبطيا في منطقة ماسبيرو.
واليوم سلكت أخته الكبرى ماري المسار نفسه للمشاركة في مسيرة تأبينية لضحايا 9 تشرين الاول/اكتوبر. وقالت ماري “اشعر بالقلق على مستقبل أقباط مصر في غياب محاكمة عادلة لقتلة ضحايا ماسبيرو وبوجود مزيد من الاعتداءات على كنائسنا وممتلكاتنا”.
وقالت ماري دانيال التي ارتدت تي شيرت أسود كتب عليه بلون الدم اسم أخيها الذي قتل برصاصة، “الفارق بين العام الماضي واليوم أن من قتلوا أخي نالوا تكريما ومناصب أعلى”، مشيرة إلى تكريم الرئيس محمد مرسي للمشير محمد حسين طنطاوي، رئيس المجلس العسكري السابق، ونائبه الفريق سامي عنان، اللذين يطالب الأقباطي بمحاكمتهما مع بعض القادة العسكريين باعتبارهم مسؤولين عن المذبحة.
وتضيف “لم يتغير شىء على الإطلاق .. النظام كما هو”.
وتابعت وهي تصل الى محطة مترو “الشهداء” كما اطلق عليها بعد ثورة “25 يناير” “ساطمئن حين تتحقق المواطنة الكاملة وحين نحصل على دستور مدني”، واضافت وهي تختلط بعشرات الأمهات الثكالى، “كانت تلك أحلام أخي”.
ومن اصل 83 مليون نسمة هم سكان مصر، يشكل الأقباط ما بين 6% و10%. وهم يشكون من تعرضهم للتمييز سواء لعدم تعيينهم في الوظائف العليا، او فرض قيود على بناء الكنائس، وهو ما قالوا إنه تضاعف بعد الثورة مع تكرار الاعتداءات التي ارتكبها اسلاميون متشددون.
وقبل عام قمعت الشرطة العسكرية مسيرة ضخمة للأقباط تندد بالاعتداء على كنيسة الماريناب بمحافظة أسوان للقمع امام مبنى التلفزيون في ماسبيرو. وأظهرت مقاطع الفيديو مدرعات الجيش وهي تدهس المواطنين.
ونظمت ائتلافات مسيحية مسيرة الثلاثاء التابينية لمحاكاة مسيرة 2011، ووزعت منشورات تطالب بمحاكمة القادة العسكريين تحت شعار “لا للخروج الآمن”، وهي التوصية التي خرج بها تقرير للمنظمة المصرية للحقوق الشخصية تحت اسم “الأقباط تحت حكم العسكر وقائع عام ونصف من جرائم المرحلة الانتقالية”.
وقبل شهر، حكم القضاء العسكري بالسجن بين سنتين وثلاث على ثلاثة مجندين، وحفظ القضاء المدني قضية قتل المتظاهرين لعدم وجود أدلة، وهو ما اعتبره أهالي ضحايا ماسبيرو تمييزا جديدا بحقهم.
وقال إسحاق إبراهيم، المحامي بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، “مصير القضية بعد عام يثير للسخرية فالعدالة لم تأخذ مجراها ولم يحاسب المسؤولون والمحرضون عليها”.
وتابع إبراهيم “السبب الأول هو أن هناك من يوفر الحماية للجيش ويضعه فوق المحاسبة والسبب الثاني أن قضايا قتل الأقباط لا يقدم فيها أحد للمحاكمة عادة”.
وشهدت مصر موجات متقطعة من العنف الطائفي تسببت بتهجير اسر قبطية وهو ما تكرر ثلاث مرات خلال عام بالإسكندرية (شمال مصر) ودهشور (الدلتا) وفي رفح (بسيناء) قبل أسبوع واحد فقط حيث هدد متشددون اسلاميون اسرة قبطية فاضطرت للرحيل.
وقال مينا سمير (25 عاما) الموظف في شركة بطاقات ائتمان “يتم التنكيل بنا لأن المسلمين المتشددين يعتقدون أننا مستضعفون ولن نرد القمع”.
واضاف “الدولة الآن ترعى التمييز ضدنا. أنا اسمع شيوخا يكفروننا في القنوات الفضائية على الهواء مباشرة ولا أحد يوقفهم. انهم يستبيحون دماءنا علنا”.
وقال نادر شكري المتحدث باسم اتحاد شباب ماسبيرو والذي فقد اثنين من اصدقائه “لم نر شيئا لصالحنا بعد الثورة وكل ما نخشاه أن يدفعونا لمغادرة البلد”.
لكن سائق سيارة الاجرة باسم عبد الملاك (36 عاما) قال وهو يمسك بصليب خشبي ضخم تتوسطه صورة للسيد المسيح، “اضطهادنا يورث من نظام لأخر، لكننا لن نرحل.. هذه بلادنا”. ولم يصطحب عبد الملاك ابناءه الثلاثة خوفا عليهم.
ويمثل الأقباط 10 من أصل 100 باللجنة التأسيسية للدستور التي يسيطر عليها الاسلاميون، وأثارت اقتراحات مواد لحماية الذات الإلهية واستحداث هيئة للزكاة بالدستور الجديد حفيظة الأقباط.
وقال عزيز “نحن نؤمن بان المسيح إله فهل سيمثل ذلك إهانة للذات الإلهية وفق الدستور الجديد المبني على الشريعة؟”
وخلال الشهور الماضية، اتهم ثلاثة اقباط بازدراء الاديان، وادين اثنان منهم.
وقال القاضي القبطي أمير رمزي ان “استخدام قانون ازدراء الأديان وسيلة طائفية مرعبة للتخلص من أي مسيحي”.
وقبل مذبحة ماسبيرو بثلاثة أشهر استحدث رئيس الحكومة الأسبق عصام شرف اللجنة الوطنية للعدالة والمساواة والتي هدفت إلي تحقيق السلام المجتمعي وضمان عدم التمييز بين المسلمين والأقباط، لكنها الآن ضمرت. وقال رمزي، أحد أعضاء اللجنة، “أثق في الله إلا تتكرر مذبحة ماسبيرو لكن النهج الحالي يجعلني اخشى أن تتكرر المجزرة عدة مرات وبصورة أبشع”.